هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعكس الترحيب السعودي بمبادرة وقف إطلاق النار التي أطلقها الحوثي في اليمن، تخبطا، وانكشافا استراتيجيا، يعانيه النظام لأول مرة بزعامة ولي العهد محمد بن سلمان، إذ إن الموقف السعودي الجديد، يعتبر انقلابا على الأهداف التي قام من أجلها التحالف العربي، واعترافا واضحا بسلطة الحوثي على الأرض، بحسب محللين.
وشهدت المواقف السعودية، وتحديدا ولي العهد، حالة تدن واضح في سقوف التصريحات التي رافقت التدخل في الحرب اليمنية عام 2015 في إطار التحالف العربي، فبعد أن كان ابن سلمان قد توعد بسحق جماعة الحوثي، وإنهاء سلطتها في اليمن، يسلم اليوم بالأمر الواقع، ويعلن رغبته في إيجاد حل سلمي، في اعتراف واضح بـ"الهزيمة والفشل".
وفي أحدث التصريحات حول الرغبة في الحل مع جماعة الحوثي، قال الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، الجمعة، إن بلاده "تنظر بإيجابية" إلى التهدئة التي أعلنها الحوثيون.
وأضاف ابن سلمان، في سلسلة تغريدات له عبر "تويتر"، أن "التهدئة التي أُعلنت من اليمن تنظر لها المملكة بإيجابية؛ كون هذا ما تسعى له دوما، وتأمل أن تُطبق بشكل فعلي، كما أكد ذلك ابن سلمان".
— Khalid bin Salman خالد بن سلمان (@kbsalsaud) October 4, 2019
تخبط وتناقض
يأتي ذلك في إطار ما صرح به ولي العهد السعودي في حوار مع برنامج "60 دقيقة"، على شبكة "CBS" الإخبارية الأمريكية، معربا عن أمله في أن يؤدي وقف إطلاق النار على السعودية، الذي أعلنه الحوثيون من جانبهم، إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب في اليمن.
وأضاف ابن سلمان "نفتح جميع المبادرات لحل سياسي في اليمن، ونتمنى أن يحدث هذا اليوم قبل غد".
اقرأ أيضا: تقرير: الحل السياسي باليمن مغلق لصالح طهران.. والرياض الخاسرة
الكاتب والمحلل السياسي اليمني خالد عقلان قال، إن دعوة السعودية للحوار، وترحيبها بمبادرة الحوثي، يعتبر محصلة نهائية كنتيجة لتخبط صانع القرار السعودي الذي يعاني من تناقضات عجيبة، فـ"النظام السعودي يقول الشيء ويفعل نقيضه تماماً".
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أنه "لم يسبق أن عاشت السعودية منذ تأسيسها هذه الهزيمة والانكسار والانكشاف الاستراتيجي الكبير، إلا في عهد الأمير محمد بن سلمان، والذي أعلن بالأمس هزيمته أمام مليشيات الحوثي على لسان أخيه الأمير خالد، وذلك بعد خمس سنوات من الحرب التي دمرت اليمن وأكلت الأخضر واليابس، وتسببت بأكبر أزمة إنسانية في العالم".
اعتراف بسلطة الحوثي
وشدد على أن السعودية "تناقض ما نشأ من أجله تحالفها الذي تقوده في اليمن، فقبل خمس سنوات قالوا إنهم يريدون عودة الشرعية والدولة إلى صنعاء وإنهاء الانقلاب الحوثي". مضيفا: "هاهم بعد خمس سنوات يغيبون الشرعية، ويخضعون الرئيس هادي للإقامة الجبرية، ويفككون الدولة اليمنية ويعترفون بالانقلاب الحوثي الذي صار مهددا وجوديا للسعودية ذاتها، وصارت تسعى للخروج من هذه الحرب بماء الوجه لكن بعد فوات الأوان".
واستطرد: "الترحيب بالحوار مع الحوثي يمثل اعترافا بسلطته على الأرض، وهذا له تبعات خطيرة على السعودية في تحمل كافة تبعات الحرب التي انحرفت عن أهدافها المعلنة والمتمثلة بإسقاط الانقلاب واستعادة الشرعية وستجد السعودية نفسها أمام مأزق قانوني كبير، وهذا سيكون له انعكاساته الخطيرة على مدى تماسك العائلة المالكة وسيمثل ذلك تشجيعا للأقلية الشيعية المضطهدة في السعودية لتثور وتخرج على النظام السعودي".
الكاتب والمحلل السياسي نبيل البكيري قال، إن الترحيب السعودي بمبادرة الحوثي، يأتي نتاج ارتباك سعودي واضح، وفقدان لزمام المبادرة في كل ملفات المنطقة، وليس اليمن فحسب.
ورأى في حديث لـ"عربي21" أن هذا "الارتباك يأتي نتيجة غياب الرؤية الاستراتيجية، فضلا عن حالة الفراغ في القرار السياسي السعودي، والذي أنتج كل هذه الخيبات التي انعكست بشكل مواقف متناقضة ومهزوزة".
مصير الحرب
وتابع: "الحرب في اليمن وصلت إلى طريق مسدود نتيجة الممارسات العبثية التي مارستها السعودية، والامارات في اليمن، لكن الترحيب بالحوار والسلام مع الحوثي هو اعتراف به كسلطة أمر واقع موجودة في صنعاء، ويمثل هزيمة لسياسات السعودية أمام مليشيا بحجم جماعة الحوثي"، بحسب قوله.
اقرأ أيضا: فورين بوليسي: ما هو دور السعودية في دخول إيران لليمن؟
وعن مصير الحرب في اليمن أضاف: "حتى لو افترضنا أن السعودية خرجت من اليمن، فإن الحرب لن تنتهي، لأن حالة المقاومة الشعبية المضادة لانقلاب الحوثي كانت قائمة قبل تشكيل التحالف العربي بقيادة السعودية، وكان هناك انتصارات كبيرة، ولكن بعد تدخل المملكة والتحالف توقفت هذا الانتصارات، ذلك بفعل سيطرة السعودية على القرار السياسي وإرادة الحكومة الشرعية في اليمن، ما أدى إلى حالة الشتات والهزائم السياسية التي نراها حاليا".
وعن إمكانية عقد لقاء بين الحوثي والسعودية، استبعد البكيري حدوث ذلك في الوقت القريب، لكنه قال إن اللقاءات واردة ومحتملة، خاصة وأن اجتماعات سابقة جرت بين الطرفين في الظهران عام 2016.
وقبل أقل من أسبوعين، عرضت جماعة الحوثي، وقف العمليات الهجومية على السعودية، وطالبت الرياض برد مماثل، فيما ردت الأخيرة على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، بأنها ستراقب مدى جدية الحوثيين في تطبيق مبادراتهم.
وللعام الخامس على التوالي، يشهد اليمن حربا بين القوات الموالية للحكومة والحوثيين المتهمين بتلقي دعم إيراني، والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
ومنذ آذار/ مارس 2015، يدعم تحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، القوات الحكومية في مواجهة الحوثيين.