هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرح مجموعة من الساسة والناشطين الليبيين مبادرة، قالوا إن الهدف منها التوصل إلى إيقاف الاقتتال، واستئناف العملية السياسية، ورفض التدخلات السلبية في البلاد، ما طرح تساؤلات حول أهداف هذه الخطوة الآن، خاصة أن هناك مبادرة جاهزة طرحها رئيس حكومة الوفاق، وأن مؤتمرا دوليا على وشك الانعقاد.
وطالبت المبادرة، التي وصل "عربي21" نسخة كاملة منها، بوقف الاقتتال، خاصة ما يحدث الآن في العاصمة، والبدء في عملية سياسية شاملة تزامنا مع وقف الاقتتال تكون من مرحلتين: مرحلة "آنية" يتوقف فيها الاقتتال، ومرحلة ثانية لعقد مؤتمر من عدة محاور عسكرية واقتصادية وسياسية".
ملتقى "ليبي-ليبي".
وخلصت المبادرة إلى تقديم مخرجات المرحلتين المقترحتين ببنودهما إلى الملتقى "الليبي-الليبي"، والذي طالبت أن يعقد تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وأن تشكل لجنة من الاتحاد بمعاونة عناصر ليبية وطنية لمراقبة التدخلات من قبل الأطراف الخارجية، وإصدار قرار من مجلس الأمن باعتماد الوثيقة النهائية للملتقى".
كما طرحت أن يتبع هذه الوثيقة تشكيل حكومة تأسيسية، لتنفيذ ما تضمنته الوثيقة النهائية، لا تقل مدتها عن 18 شهرا، ولا تزيد على 24 شهرا، وتكون حكومة لتأسيس بناء الدولة الليبية بناء على توافق وطني"، حسبما ذكروا.
"شخصيات جدلية"
ولاقت المبادرة، التي وقع عليها أكثر من 20 شخصا ما بين ساسة وأعضاء برلمان ومجلس دولة وإعلاميين وأكاديميين، ردود فعل واعتراض، بل ورفض من قبل كثيرين؛ نظرا لوجود بعض الشخصيات التي وصفوها بالجدلية، وأنها أحد أسباب الأزمة، منهم: رئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل، والإعلامي محمود شمام".
لكن يظل السؤال قائما: ما أهداف طرح هذه المبادرة الآن؟ وهل ستأخذ بها القوى الدولية أو يمكن تضمينها في مؤتمر "برلين" المقبل؟ أم سيتم تجاوزها واعتبارها محاولة للتشويش؟
"جيدة ولكن.."
من جهته، قال عضو مجلس النواب الليبي، صالح فحيمة، إن "المبادرة جيدة من حيث الفكرة والمضمون، وتحتاج فقط النظر في صياغتها لتكون مقبولة من جميع الأطراف، ومن أبرز المآخذ عليها هو عدم تسمية الأشياء بمسمياتها، ربما لإرضاء طرف بعينه على حساب طرف آخر".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "المبادرة تطلق على "الجيش" اسم "قوات الكرامة"، في حين تسمي القوات الأخرى قوات "حكومة الوفاق"، والإنصاف أن تسمي الأخيرة "المليشيات"؛ حتى لا تقع المبادرة في فخ إضفاء الشرعية على طرف (الحكومة) ونزعها عن طرف آخر (حفتر)، سواء بقصد أو من دونه"، وفق قوله.
وحول أهداف طرح المبادرة الآن، قال البرلماني الليبي: "لا أعتقد أنها محاولة للتشويش على مبادرة "السراج" أو مؤتمر "ألمانيا"، بل على العكس، فهذه المبادرة بما فيها من أفكار "قيمة" ربما تثري الأفكار التي قد تطرح لمناقشتها في "برلين" وتساهم في وضع بصمة ليبية حقيقية على مخرجات المؤتمر"، كما قال.
"حراك ولاعبون جدد"
الأكاديمي الليبي وأحد أعضاء المبادرة، طاهر بن طاهر، أكد أن "مبادرتهم جاءت رغبة في وقف القتال، ودراسة إمكانية إزاحة الأجسام الحالية، على غرار الاتفاق السياسي الليبي المعروف باتفاق "الصخيرات"، وأنها -المبادرة- محاولة لتوحيد مؤسسات الدولة الرسمية في جسم واحد".
وكشف خلال تصريحات لـ"عربي21" أن "العودة للحوار السياسي لن تكون بنفس اللاعبين السابقين، وأن الفشل الفرنسي والمصري والإماراتي دفع المتحكمين بدفة القرار في ليبيا إلى التفكير في بدائل، وإدخال لاعبين جدد، لعل من أهمهم الاتحاد الأفريقي الذي باتت تروج له الدوائر الفرنسية"، وفق تقديراته.
وتابع: "أغلب المبادرات التي قدمت وطرحت في "السوق" السياسي الليبي كانت تتكئ على عون خارجي وتعهدات دولية بالمساندة والمساعدة، ما جعل الملف الليبي عرضة للسمسرة والتدخلات الأجنبية، في حين أن المبادرة المطروحة ليبية محضة"، كما صرح.
"سحب البساط"
وقال المدون الليبي، فرج فركاش، إن "المبادرة حاولت أن توازن بين مطالب الأطراف من وقف للعدوان على طرابلس إلى إنهاء المليشيات، والملفت فيها هو محاولة سحب البساط من تحت أقدام التدخل الأجنبي في ليبيا، وهذا أكبر تحد تواجهه المبادرة، بالإضافة إلى التشكيك المعتاد من قبل بعض الأطراف".
وأضاف: "ربما تكون هذه المبادرة ضمن المبادرات التي ستطرح أو تناقش في المؤتمر "الليبي الليبي" بعد المؤتمر الدولي المزمع عقده في "برلين"، ويمكن أخذها في سياق أنها مكملة أو مساهمة للجهود التي يسعى إليها المبعوث الأممي بخطته الأخيرة المدعومة دوليا وليس بالضرورة ضدها"، كما صرح لـ"عربي21".
"أمر خطير"
ورأى الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، أن "هذه المبادرة هي نسخة معدّلة من مبادرة "تحالف القوى الوطنية" التي أطلقها في نهاية يونيو الماضي وتم تجاهلها، وهذا المقترح يحمل في طياته أمرا خطيرا، وهو التفريط في الاعتراف الدولي بشرعية المجلس الرئاسي، والتسوية بينه وبين الطرف المعتدي "حفتر ومليشياته".
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن "وساطة الاتحاد الأفريقي أمر مجاف للصواب؛ كون من ترأسه الآن هي دولة "مصر" الداعمة لحفتر ومشروعه، أما هدف المبادرة الآن فهو محاولة بعض الشخصيات العودة إلى المشهد من خلالها أو حصولهم على مقاعد لحضور أي اجتماع بخصوص ليبيا"، وفق زعمه.
وقال الصحفي الليبي، محمد الشامي، إن "الهدف هو إثبات وجود لهؤلاء، خاصة بعد التحرك السياسي العالمي، ومحاولة البدء في إنهاء الاعتداء على العاصمة، وإيجاد حلول سياسية وحوارية من أجل ذلك، كذلك اختيار هؤلاء للتوقيت قبل مؤتمر ألمانيا وبعد كلمة "السراج" في الأمم المتحدة".
وتابع لـ"عربي21": "بعض مطالبهم غير منطقية، مثل الحديث عن منطقة عازلة تمتد قرابة 1000 كلم، أضف إلى ذلك أن أعضاء المبادرة أغلبهم لهم انتماءات مختلفة، وأن شعبيتهم وأحزابهم هبطت، بل لم تعد لها وجود على الساحة، ويحاولن الآن أن يقولو: "نحن هنا ليس إلا"، وفق كلامه.