هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ظهر العديد من المرشحين المحسوبين على السلطة، على غير عادة الانتخابات الرئاسية بالجزائر، بما أخلط أوراق المتابعين وأعطى الانطباع بأن الانتخابات قد تكون مفتوحة نسبيا وليست محسومة مسبقا.
وبرز كأحد أهم الأسماء التي يمكنها للسلطة أن تراهن عليها، عبد المجيد تبون، وزير السكن في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والذي شغل منصب وزير أول سنة 2018 لمدة 3 أشهر فقط ثم تمّت إقالته في ظروف خلقت معه نوعا من التعاطف.
وعُرف تبّون خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها رئاسة الحكومة خلفا لعبد المالك سلال، بدخوله في مواجهة مفتوحة مع زعيم منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد القابع في السجن حاليا، ما كلّف تبون منصبه في وقت قصير نظرا للنفوذ الكبير الذي كان يتمتع به علي حدّاد الذي كان من أقرب المقربين من شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة.
ولم يحظ تبون لحدّ الآن بدعم أحزاب أو جمعيات معينة محسوبة على السلطة، إلا أن مجرد ترشحه وهو أحد أهم وزراء بوتفليقة، أعطى انطباعا بأنه قد يكون المُرشح المعوّل عليه في استمرارية النظام.
وما زاد في دعم هذه الفرضية، قبول السفير الجزائري السابق في الأمم المُتحدة عبد الله باعلي، أن يكون مديرا للحملة الانتخابية لتبون، وهو الذي كان قبل أيام يُحضّر نفسه ليكون سفيرا للجزائر في باريس، ما أوحى بأن إلغاء تعيين الدبلوماسي في العاصمة الفرنسية كان لغاية تركه تمرير العملية الانتخابية.
اقرأ أيضا: "العدالة والتنمية" يمتنع عن الدفع بمرشح للرئاسيات بالجزائر
منافسون لتبون
لكن بعد أن ظن الجميع أن تبون هو مُرشح السلطة، أعلن بشكل مفاجئ عز الدين ميهوبي الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، دخوله المُعترك الانتخابي، وهو المحسوب أيضا على السلطة التي وضعته على رأس أهم أحزابها.
وشغل ميهوبي وهو كاتب وأديب، لسنوات مناصب عليا في عهد الرئيس بوتفليقة، كان آخرها منصب وزير للثقافة الذي مكث فيه أكثر من 5 سنوات، وعُرف بأنه من مقربي الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الموجود في السجن حاليا.
ويُتوقع وفق ما يروج بكثرة، دخول الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني سابقا، عبد العزيز بلخادم السباق الانتخابي، على الرغم من أنه يظل مُتحفظا إلى الآن ويرفض الإدلاء بأي تصريح.
وتوارى بلخادم عن الأنظار منذ بداية العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة حيث كان يشغل حينها منصب مستشار للرئيس ووزير دولة، وذلك بعد حادثة وقعت له مع شقيق الرئيس لا تزال أسرارها مخفية لغاية اليوم.
وسقطت في تلك الفترة برقية مفاجئة في وكالة الأنباء الجزائرية، تنقل عن مصدر رفيع في الرئاسة إقالة عبد العزيز بلخادم من منصبه في الرئاسة وتوجيه أوامر لحزب جبهة التحرير بمحوه من هياكل الحزب.
ويتردد أيضا، في سياق المرشحين المحسوبين على السلطة، إمكانية دخول الوزير الأول السابق، مقداد سيفي، الذي لم يشتغل مع الرئيس بوتفليقة ويمتلك علاقات جيدة داخل منظومة الحكم.
وهناك من يضع علي بن فليس، أحد أشرس خصوم الرئيس السابق، ضمن دائرة مرشحي النظام، باعتباره كان وزيرا سابقا ووزيرا أولا، ويعتبرون أن خيار بن فليس قد يكون آمنا بالنسبة للسلطة.
اقرأ أيضا: انقسام بمواقف الإسلاميين في الجزائر من انتخابات الرئاسة
ويرى بعض المتابعين، أن مُرشح السلطة الحقيقي، لم يظهر بعد وهو خارج هذه المصفوفة التي تعود عليها الجزائريون، إلا أن هذا يبقى إلى غاية اليوم في دائرة التخمين بسبب غياب المؤشرات الواضحة.
ضبابية المشهد
وتحولت فرضية "مرشح السلطة" مع الوقت في الجزائر إلى اعتقاد راسخ، يتم الانطلاق منه في قراءة المشهد الانتخابي، مما جعل الأوراق هذه المرة تختلط في أذهان المراقبين للشأن السياسي.
وقال رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، في ندوة صحفية اليوم حضرتها "عربي21"، إنه لا أحد يعلم اليوم من هو مرشح السلطة، مشيرا إلى أنه يُرجح وجود عدة مرشحين ينتمون لها بحيث يكون الاختيار بينهم آمنا.
ومنذ التعددية الحزبية بداية التسعينات، كان يظهر بشكل واضح من هو مرشح السلطة ومن هم المرشحون الثانويون، ففي سنة 1995 كان اليامين زروال هو الأبرز وفي سنة 1999 كان عبد العزيز بوتفليقة هو مرشح الإجماع وبقي كذلك إلى أن أطاح به الحراك الشعبي ومنعه من الاستمرار لعهدة خامسة.
ومُرشح السلطة في التعريف الجزائري، هي تلك الشخصية التي تحظى بدعم المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية الفاعلة في السلطة والمنظمات الجماهيرية الكبرى، وتسخر له إمكانيات الدولة للقيام بالحملة الانتخابية ويتم تزوير النتائج النهائية لصالحه.
وفي هذه الزاوية، أبرز البرلماني السابق عدة فلاحي، إن الأزمة التي تمرّ بها الجزائر والتعقيدات الحالية، لا تسمح بالمغامرة والصدفة التي يأتي بها الصندوق.
ولهذا أضاف فلاحي في حديثه لـ"عربي 21"، أن "سيناريو مرشح السلطة لازال قائما و إن كان بتخريجة ليست مفضوحة مثلما كان عليه الأمر سابقا".
وتابع: "في كل الحالات، حتى و لو كنت اعترض على سيناريو مرشح السلطة، إلا أن الحالات الاستثنائية و الخاصة في تاريخ الأمم قد تفرض عليك و للضرورة القبول بهذا الخيار لتجنب اكبر الأضرار و أخطرها، مع الإبقاء على النضال مستمرا من اجل بناء ديمقراطية حقيقية أظن ان خطواتها الأولى تبدأ من الانتخابات المحلية والبرلمانية.
الجيش ينفي دعمه أي مرشح
لكن رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في خطاب له اليوم، نفى بشدة وجود أي مرشح تدعمه المؤسسة العسكرية وقال إن من يروجون لذلك هم من "أذناب العصابة" في إشارة إلى المسؤولين المقربين من الرئيس السابق.
اقرأ أيضا: قايد صالح يهاجم رافضي انتخابات الجزائر ويصفهم بـ"الشرذمة"
وكانت مجلة الجيش، لسان حال المؤسسة العسكرية، قد كتبت في افتتاحية سابقة لها، أن "عهد صناعة الرؤساء قد ولّى"، في إشارة إلى أن الجزائريين هم من سيختارون رئيسهم هذه المرة.
لكن هل المسار الحالي يؤيد فعلا التعهدات بانتخابات غير موجهة؟ يجيب الكاتب الصحفي عثمان لحياني عن هذا السؤال بالقول، إنه "منذ بداية ترتيبات المسار الانتخابي كان واضحا انه ليس للسلطة نية جدية في الذهاب الي انتخابات تكون تأسيسية للديمقراطية".
وأضاف في تصريح لـ"عربي 21": "السلطة وضعت كل الترتيبات لمنع مسار انتخابي ثوري، يقلب دائرة الحكم، وحرصت بالمقابل على مسار إصلاحي يتيح قدرا من الشفافية على الانتخابات لكن بموظفين سياسيين علي علاقة بالنظام في فترة أو أخرى".
وتابع : "أعتقد ان السلطة لديها مرشحين بادوار وظيفية هناك من يؤدي دور لتسخين العملية الانتخابية، وهناك من تراهن عليه جديا وإن كنت مازلت أتوقع بروز مرشح أخر السلطة تراهن عليه المرور إلى مرحلة إصلاحية".