هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذرت صحيفة إسرائيلية، من تداعيات ضعف ما أطلقت عليه "الحلف السني الأمريكي" في المنطقة تجاه التعامل مع إيران، والتي تشير التقديرات الأمنية، إلى أنها ستبادر لهجمات أخرى، بسبب الردود الأمريكية والسعودية "الضعيفة".
وأوضحت صحيفة "هآرتس" العبرية، في تقرير نشرته للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، أنه في ظل "غرق" إسرائيل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأمورهم ومشاكلهم الداخلية، "تحدث في هذه الأثناء تطورات في الشرق الأوسط؛ مردها في الأساس إلى ضعف وتراخ كبير للحلف المؤيد لأمريكا والمناهض لإيران في المنطقة، وفي هذا الوضع هناك دور غير قليل لترامب".
فمنذ توليه منصبه في كانون الثاني/يناير 2017، "عزز ترامب علاقات واشنطن مع زعماء معسكر الدول السنية، الذين تلقى معظمهم ضربات شديدة جدا في فترة حكم سلفه باراك أوباما"، بحسب الصحيفة التي نوهت أن "الأشهر الأخيرة لم تكن جيدة لأي واحد من هؤلاء الزعماء، وأثرت أيضا على علاقاتهم مع الإدارة الحالية".
وأضافت: "في الخلفية تقف العداوة بينهم وبين إيران، إلى جانب إحباطهم المتزايد مما يعتبر لدى تلك الدول؛ ضعف أمريكي كبير إزاء طهران".
وذكرت أنه في بداية شهر آب/أغسطس الماضي، انسحبت الإمارات من التزامها بحرب السعودية في اليمن ضد جماعة الحوثي المدعومة من طهران، وفي منتصف أيلول/سبتمبر الجاري تلقت السعودية الضربة الأشد في تاريخها من طهران، التي أصابت منشآت النفط وأضرت بإنتاجها".
وإضافة لما سبق، نبهت "هآرتس"، أن "نظام عبد الفتاح السيسي يواجه موجة مظاهرات احتجاجا على قمع المعارضة والوضع الاقتصادي"، موضحة أن "المظاهرات وبرغم حجمها الصغير، لكنها تعبر عن انكسار حاجز الخوف، بعد سنوات من القمع العنيف من نظام السيسي".
وبالتزامن مع تلك الأحداث، يتعرض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "الصديق المقرب" لترامب، إلى "صعوبات خاصة به إزاء نتائج انتخابات الكنيست الـ22"، مؤكدة أن "جميع الزعماء الإقليميين الذين أيدوا ترامب في سياسته المناوئة والمتشددة تجاه إيران، منشغلون الآن بمشاكلهم، ويشككون بدرجة تمسك ترامب باستراتيجيته السابقة".
وأشارت إلى أن "ترامب انسحب من الاتفاق النووي مع إيران في أيار 2018، تحت ضغط الإقناع الذي مارسه لأكثر من سنة نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبعد ذلك طبقت واشنطن سياسة "الحد الأقصى من الضغط على طهران" بتجديد ضغط العقوبات الاقتصادية التي تسبب أضرارا اقتصادية كبيرة لإيران".
ومع مس العقوبات باقتصادها وصناعة نفطها، "غيرت طهران من سياستها، وبادرت بموجة هجمات ضد منشآت وناقلات النفط السعودية والإماراتية، كما أسقطت طائرة أمريكية بدون طيار باهظة الثمن، وفي هذا الشهر هاجمت بصواريخ كروز منشأتين للنفط في السعودية (إيران تنفي علاقتها بالهجوم)، وأعلنت طهران في نفس الوقت عن خطوات تشكل خرقا لالتزامها بالاتفاق النووي الموقع عام 2015".
ونوهت أن الدول الغربية، تفترض أن "طهران تريد استئناف المفاوضات حول الموضوع النووي، ولكنها تطمح للقيام بذلك بشروطها، والخروج من الأزمة التي وجدت نفسها فيها، عبر نقل الضغط للساحة الأمريكية والأوروبية"، لافتة أنه "حتى الآن لم يتحقق تقدير جزء من رجال الاستخبارات؛ ومن بينهم إسرائيليين، في اعتقادهم أن خطوات إيران الاستفزازية ستسرع عقد قمة بين ترامب ونظيره الايراني حسن روحاني، على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع".
وذكرت الصحيفة، أن "اللقاء لم يتم، لأن إيران تشترط رفع العقوبات أولا، وليس بسبب ترامب الذي أعلن مرات كثيرة عن رغبته في إجراء مفاوضات بدون شروط مسبقة، والآن يحاول نفي ذلك"، مبينة أن "مهاجمة منشآت النفط كشفت الضرر الكبير الذي يمكن أن تتسبب به إيران، رغم الأموال الطائلة التي استثمرتها دول الخليج في أنظمة الدفاع بدعم أمريكي".
ورغم تضرر قدرة السعودية على تزويد النفط وارتفاع سعره، إلا أن "الرد الأمريكي تقلص في هذه الأثناء، بالإعلان عن فرض عقوبات أخرى ضد إيران وشائعات عن هجمات سايبر"، بحسب الصحيفة التي نوهت أن هناك "تقديرات بأن إيران ستزيد أكثر رهانها وستبادر لهجمات أخرى إزاء الردود الأمريكية والسعودية الضعيفة".
وعرضت ما نشر أمس في صحيفة "نيويورك تايمز"، حول "الانعطافة المشهورة لترامب، والتي تراجع فيها في شهر حزيران الماضي عن مهاجمة مواقع عسكرية في إيران ردا على إسقاط الطائرة الأمريكية، وتبين أن تراب أوقف الهجوم في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الأمريكية في الجو، قبل عشر دقائق من القصف، وقرر ذلك بدون إبلاغ نائبه مايك بينس وكبار الوزراء والقيادة العسكرية العليا".
وأوضحت "هآرتس"، أن "عدة اعتبارات واسعة متعلقة بالخوف ترامب من حرب اقليمية، عملت على تراجعه عن الهجوم على إيران، إضافة لسقوط قتلى والتكاليف المالية الطائلة"، منوهة أن "ترامب يخشى أن تؤثر حرب أخرى وتضر بسوق النفط، وستقلص فرصة انتخابه مرة أخرى".
وبحسب الصحيفة العبرية، "يضاف للاعتبارات التي تقيد الرد الأمريكي على الهجوم الأخير (أرامكو)، تردد السعودية، التي لا تريد أن تتورط في مواجهة مع إيران، خاصة أن تحفظ ترامب من مواجهة عسكرية اصبح واضحا"، معتبرة أن "سياسة واشنطن تجاه طهران يبدو أنها في طريق مسدود".
وأكدت أن "حلفاء واشنطن في المنطقة متشككون وغارقون في مشكلاتهم الداخلية، وطهران تواصل السير على الحافة رغم الخطر، أن واشنطن ستمل في مرحلة ما وسترد بقوة".
وفي نهاية تقريرها، تساءلت الصحيفة: "هل كل ذلك يؤدي لإعادة التفكير في الولايات المتحدة وإسرائيل، بخصوص درجة الحكمة التي كانت سائدة في خطوة انسحاب ترامب من الاتفاق النووي".