هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طالب رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بصرف مستحقات
المقاولين المسؤولين عن أعمال الإنشاءات أولا بأول لتكثيف العمل بالموقع،
والالتزام بالانتهاء منه فى التوقيتات المحددة.
جاء ذلك خلال زيارة مدبولي، الأحد، لأعمال الإنشاءات فى
مستشفى سمالوط بالمنيا، (شمال الصعيد)، ضمن المشروع القومى للمستشفيات النموذجية.
التوجيهات جاءت بعد أيام من شهادات المقاول والفنان
المصري، محمد علي، التي أماط فيها اللثام عن فساد كبير في إدارة الجيش للمشروعات،
وأكل وتأخير مستحقات المقاولين.
وكشف خبراء سياسيون واقتصاديون لـ"عربي21"، أن
تصريحات "مدبولي" تدعم بشكل كبير شهادات علي، ضد فساد منظومة المشروعات
في "نظام السيسي".
وأكدوا أن خطوة حكومة السيسي هي محاولة لمنع تفشي غضب
المقاولين، وتداركه قبل فوات الآوان وخروج المزيد من الشهادات ضدها، خاصة أن
بحوزتهم الكثير من الأوراق والمستندات.
شهادات سابقة
وكان عدد من المقاولين في مشروع "دار مصر"
للإسكان المتوسط والفاخر، الذي تشرف عليه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، في 12
مدينة جديدة، قد اشتكوا في تصريحات لـ"عربي21"، من تأخر صرف مستحقاتهم
لدى الجيش من ناحية، وعدم التزامهم بدفع فرق الأسعار بين تعويم الجنيه من ناحية
أخرى.
وأوضحوا أنهم تعرضوا لخسائر كبيرة، وأن المشروع نفسه
الذي كان يفترض أن يتم تسليم لمرحلة الولى منه في 2016 لم ينته بعد، ولم تسلم جميع
الوحدات بعد مرور ثلاث سنوات على موعد التسليم.
وانطلق المشروع تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات
المسلحة في النصف الثاني من عام 2014، ويتكون من أربعة مراحل، وتقدر تكلفة مرحلتيه
الأولى والثانية بأكثر من 30 مليار جنيه، ومن المتوقع مضاعفة هذه التكلفة مرتين في
المرحلتين المتبقيتين بعد رفع الأسعار للضعف مرتين.
اقرأ أيضا: مشروع سكني للجيش بمصر يكشف حجم الإهمال
والتأخير ( صور)
اعتراف غير مقصود
وقالت أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، سارة العطيفي،
لـ"‘عربي21": إن "مسارعة حكومة النظام العسكري في صرف مستحقات
المقاولين، يكشف بقصد أو بدون قصد صحة شهادات (علي)، ومحاولة لاحتواء انتشار الغضب
بين المقاولين، والسؤال كم شركة مقاولات لها مستحقات عند النظام؟".
مضيفة أن "الكثير من الشركات لا تستطيع الحديث عما
يحدث حتى لا تتم محاسبتها وتلفيق التهم له. النظام أدرك الآن أنه ليس في مأمن من
عواقب فساده"، لافتة إلى أن "هناك معلومات عن منع سفر أصحاب شركات
المقاولات التي تتعامل مع الجيش، وأن عقلية العسكر لن تتغير في إرهاب شركات المقاولات
والتضييق عليهم وتهديدهم بالاستيلاء على ثرواتهم".
وتابعت: "لا أعتقد أن مؤسسة الجيش عندها ما يكفي من
دفع هذة المستحقات، والتي تقدر بالمليارات وليست بالملايين، هل يقترض السيسي لسداد
هذة المستحقات. المشكلة كبيرة جدا ولا يمكن استيعابها؛ فبناء عاصمة جديدة وكباري
وطرق وقصور وفيلات واستراحات خاصة بالسيسي وأسرته وأعضاء المجلس العسكري أمور
مكلفة وباهظة".
انتقاء الفاسدين
وقال الأمين العام السابق للمجلس الثوري المصري، محمد
شريف كامل، إن "هناك "فئة من مقاولي وموردي الجيش يسمح لهم بالإثراء على
حساب الشعب حتى درجة محددة ثم يتم استبدالهم وإحلال موردين ومقاولين جدد محلهم،
وهكذا يعيش الفساد ويتغلغل داخل المجتمع".
وبشأن مستحقات الكثير من المقاولين، رأى، في تصريح لـ"عربي21"،
أن "هناك من هم ظُلموا من الجيش ولُدغوا منه من داخله وخارجه ويجب ألا ننسى
المجندين البسطاء الذين يدفعون ثمن ذلك الفساد من كرامتهم و إنسانيتهم فى كل يوم
يمضونه داخل الجيش".
وأضاف: "يعلم الجميع مدى فساد منظومة السيسي، وهي
من حولت جيش مصر من جيش أبناء العمال والفلاحيين إلى مستعمرة فساد، ومن الطبيعى أن
يفسد من استطاع الفساد مادام لا يوجد أى شكل من أشكال الرقابه والمحاسبية".
المقاولات .. الصندوق الأسود
واعتبر الخبير الاقتصادي، أحمد ذكرالله، أن "تصريحات رئيس الوزراء المصري هي رد فعل سريع وفج في ظل ارتباك داخلي
للقيادت الأمنية والمخابراتية بعد شهادة محمد علي، ومحاولة لتهدئة شركات
المقاولات".
وأضاف لـ"عربي21": إن شركات المقاولات الكبرى
جزء من الصندوق الأسود لمشروعات الجيش الذي يحصل على مشروعات بالأمر المباشر ثم
يسندها لمقاولين من الباطن وهكذا، وكل طرف من هذه الأطراف لديه معلومات
ومشاكل".
وأوضح : أن الإسناد المباشر في مصر يخالف ما يجري العمل
عليه في جميع دول العالم بالأظرف المغلقة، وتم تقنين هذه المخالفة بعد الانقلاب من
خلال تقنين الإسناد المباشر للجيش من أجل تربح القيادت العسكرية التي تقوم بعمل
السمسار؛ وبالتالي تقل جودة التنفيذ وتفتح أبواب الفساد؛ لأن أرباح الجيش يتم خصها
من التكلفة الفعلية للمشروع".