هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر سياسيون
واقتصاديون من أن يكون المشروع الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية، باستبدال وإحلال
"التوك توك"، بسيارات أخرى "ميني فان"، مجرد
"سبوبة"، لبعض الهيئات، على حساب ملايين الأسر المصرية المستفيدة بـ
"التوك توك".
وبحسب المختصين
الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن الحكومات المصرية المتعاقبة، هي السبب في
تحول التوك توك حوله لسرطان يتوغل في الشوارع المصرية، لعدم اتخاذ الإجراءات
والضوابط الاقتصادية والأمنية المنظمة لحركته، ما يجعل لاستئصاله نتائج سلبية على
المستوى الاقتصادي والاجتماعي، رغم خطورته وضرورة مواجهته.
وكان رئيس مجلس
الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اتخذ قرارا بالبدء في تنفيذ برنامج استبدال وإحلال
"التوك توك" بسيارات "ميني فان" مرخصة وتعمل بالغاز الطبيعي،
بهدف توفير وسائل مواصلات آمنة، ومُرخصة، وحضارية للمواطنين، فضلا عن توفير الآلاف
من فرص العمل، من خلال هذا البرنامج.
ووفقا للمتحدث
باسم الحكومة، فإن مدبولي سوف يعقد اجتماعا قبل نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري مع
مصنعي التوك توك، لبدء تحويل خطوط إنتاجهم لسيارات "الميني فان"، تمهيدا
لتنفيذ برنامج الاستبدال والاحلال.
شهادات السائقين
وعن استفادته من
القرار الجديد يصف سائق "التوك توك"، محمود الأسواني، الخطوة الحكومية،
بالكارثة على مستقبله ومستقبل أسرته، موضحا أن التوك توك الذي يملكه لن يستطيع
بيعه من أجل شراء السيارة التي أعلنت عنها الحكومة، كما أن هذه السيارة ستكون
أجرتها أكثر من أجرة التوك توك، ما يجعل المواطنين يعزفون عن استخدامها.
ويشير الأسواني
لـ"عربي21" لأزمة أخرى ستواجه أغلبية سائقي التوك توك، وهي عدم
السماح للفئة الأكبر من سائقي التوك توك، من الحصول على ترخيص لقيادة السيارة
الجديدة، التي قالت الحكومة أنها سوف تكون مرخصة. وعن السبب في ذلك قال الأسواني
إن "النسبة الكبيرة من السائقين لديهم سوابق وقضايا".
في المقابل، رحّب
سائق التوك توك رجب مختار، بالقرار الحكومي، موضحا لـ"عربي21"، أن "التوك توك يمثل خطرا على المجتمع، نتيجة عدم السماح لترخيصه، وهو ما كان سببا في
أن يكون وسيلة ربح للبلطجية والخارجين عن القانون والأطفال والصبية".
ويؤكد مختار،
أنه حاصل على معهد فني فوق المتوسط، وعندما لم يجد فرصة عمل، اشتري توك توك وحاول
ترخيصه، حتى يكون العمل عليه بدون مخاطرة سواء عليه أو على الركاب، ولكن الترخيص
يخضع لرؤية كل محافظة على حدة، ولا يوجد قرار حكومي مُلزم بترخيص التوك توك، وحتى
في المحافظات التي تقوم بالترخيص، فإنه مقابل كل واحد مرخص 100 غير مرخصين.
ويري مختار أن "السيارات
التي أعلنت عنها الحكومة ستكون أفضل، ولكنها تحتاج لمتابعة ورقابة سواء بالنسبة
لأعدادها، أو لنوعية السائقين عليها، حتى لا تكرر كارثة التوك توك مرة أخري، وهذه
المرة سيكون الموضوع أشد خطورة، لأن هذه السيارات مغلقة على عكس التوك توك المفتوح".
أزمة التاكسي
الأبيض
وفي تعليقه لـ"عربي21" يؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير، أن "التوك توك، له
إيجابيات وله سلبيات، ولكن السلبيات صنعتها الحكومات المصرية المتعاقبة، عندما
سمحت بالعشوائية في استيراده ثم تصنيعه بمصر، ما جعله في النهاية أزمة اقتصادية
ومجتمعية يصعب حلها بقرار حكومي يسمح باستبداله".
ويوضح أبو الخير
أن تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قدرت أعداد التوك توك ما بين
2.5 و3 ملايين مركبة بنهاية 2017/2018، من بينهم 10% فقط لهم تراخيص رسمية، في حين
تشير احصائيات خاصة بنقابة سائقي التوك توك، أن العدد يصل إلى 5 ملايين مركبة،
يستفيد من عائدها الاقتصادي ما لا يقل عن 8 ملايين أسرة، وبالتالي فإن أي خطوة
بإنهاء مشروع التوك توك، دون وجود بدائل اقتصادية واجتماعية، سوف تمثل كارثة.
وطرح الخبير
الاقتصادي، عدّة تساؤلات من بينها نوعية الشركات التي سيتم لها التصريح بتصنيع
المركبات الجديدة، وهل سوف تسمح الحكومة باستيرادها، وهل للموضوع علاقة بالسيارات
الكهربائية التي استوردها الجيش منذ عامين، ولكنها لم تحظ بقبول شعبي حتى الآن، ما
جعلها حبيسة المخازن؟
كما تساءل أبو
الخير:" هل ستقوم الحكومة بتوريط مالكي التوك توك في قروض للحصول على
المركبات الجديدة، في تكرار لمشكلة التاكسي الأبيض التي مازالت مستمرة حتى الآن؟".
رائحة فساد
ووفق رأي عضو
مجلس الشوري السابق طارق مرسي لـ "عربي21"، فإن "رائحة الفساد بدأت تحيط
بقرار رئيس الحكومة المصرية، موضحا أن السيارات التي أعلن عن البدء في تصنيعها
موجودة بالفعل في عدد من المحافظات، كخطوة تجريبية، تمهيدا لتعميمها بكل
المحافظات".
ويؤكد مرسي أن "الحكومة
تريد الاستفادة من الضرائب التي سوف تفرضها على هذه المركبات، ورسوم التراخيص
السنوية التي سيتم تحصيلها مقابل الترخيص، وضمان تصريف مخزون الغاز الطبيعي، وهي
أمور تشير إلى أن أهداف الحكومة ربحية، ولن تراعي الجانب الاقتصادي والاجتماعي
للعاملين في هذا القطاع".
ويضيف مرسي
قائلا: "التوك توك يمثل أزمة داخل المجتمع المصري نتيجة العشوائية وغياب
الضوابط الأمنية، ولكن لا يجب أن يكون ذلك مبررا لتدمير بيوت الملايين من العاملين
بهذا القطاع، لتحقيق مكاسب تصب في صالح الدولة ولا يشعر بها المواطن، كما هو حال
باقي المشروعات التي تخدم قطاعات محددة، على حساب باقي الشعب المصري".