هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعت شخصيات مصرية معارضة في الخارج إلى استلهام روح مساعد وزير الخارجية الراحل، وأحد أبرز مناصري القضية الفلسطينية ورافضي التطبيع بمصر، السفير إبراهيم يسري، والذي توفي في 10 حزيران/ يونيو الماضي عن عمر يناهز 89 عاما، وذلك بعد تاريخ وطني حافل في العديد من القضايا القانونية والسياسية.
جاء ذلك في ندوة نظمها
مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، السبت، بمقر المركز في مدينة إسطنبول
التركية، بعنوان:" وفاءً لسفير الحرية، والكرامة الوطنية، فقيد ثورة يناير..
السفير إبراهيم يسري".
ودعا وزير التخطيط
والتعاون الدولي المصري الأسبق، عمرو دراج، الجميع إلى "استلهام القيم والروح
التي كان يتمتع بها السفير يسري في العمل الوطني؛ فقد كان ثائرا بحق في هذا السن
الكبير، وأثبت أن الثورة ليست حكرا على الشباب".
وقال :"لم يترك
السفير يسري أي قضية من قضايا العمل الوطني إلا وتصدى لها بشكل عملي برفع الدعاوى
القضائية المختلفة دفاعا عن حقوق الوطن والمصريين، وتصدى لها في هذا السن الكبير
بمنتهى الشباب والحيوية رغم ما تعرض له من عنت وتضييق".
ونوه إلى أن يسري انتهز
الفرصة خلال حفل تكريمه في آب/ أغسطس 2008 بنقابة الصحفيين، وهو في سن منتصف السبعينيات،
ودعا لمواصلة مسيرة التغيير في إطار القانون والدستور من خلال الإضراب العام
والمقاومة الشعبية وصولا إلى العصيان المدني، مؤكدا أنه لم يكن يترك أي ندوة أو
فعالية وطنية إلا وشارك فيها مناديا بالتغيير.
مذكرات إبراهيم يسري
وأضاف:" فوجئت قبل
وفاته بعدة أيام بتواصله معي، وكنّا على تواصل من وقت لآخر، وقال لي إنه كتب
مذكراته وحاول نشرها، إلا أنه لم يوفق في نشرها حتى أن بعض دور النشر أخذتها وقالت
إنها ستحاول نشرها لكنها لم تفعل، لأسباب لا أظن أنها خافية عليكم، وقال إنه لا
توجد في العمر بقية".
وتابع دراج:" شرفني
وائتمنني سعادة السفير بإعطائي هذه المذكرات، لكي ننشرها على موقع المعهد المصري -
الذي أشرف برئاسته- وكان يستأذنني في ذلك".
وأضاف:" كنت أشعر
وقتها بمدى الفخر والشرف بعدما اختصني بذلك تشريفا لي وللمعهد المصري الذي وثق في
أنه قد يكون مكانا مناسبا ليضع فيه خلاصة فكره وتجاربه، فوافقت فورا، وقررنا نشرها
على حلقات ثم بعد ذلك في كتاب، وكنّا على وشك نشر الحلقة الأولى فوجئنا بخبر
وفاته".
واستطرد دراج
قائلا:" الحمد لله أن وصلت إلينا هذه المذكرات، لأنه فيها الكثير والكثير رغم
أنها ليست طويلة كعدد من الأوراق، لكنها تحوي الكثير من الأشياء التي يمكن أن
نتعلمها ونستفيد منها".
وأشار دراج إلى أن السفير
يسري يرى أن مذكراته ليست "سيرة ذاتية مكتملة، وليست مكتوبة على أسس علمية
رصينة، بل إنها حدوتة بسيطة للأعوام التي قضاها في العمل الوطني"،
مضيفا:" نحن قمنا بنشر سبع حلقات منها على موقع المعهد حتى الآن، وسنواصل
نشرها خلال الفترة المقبلة".
وطالب وزير التخطيط
والتعاون الدولي الأسبق بقراءة مذكرات السفير يسري، واستلهام مسيرته وروحه، ولأن
الأفكار والمبادئ التي كان يدعو إليها ينبغي أن تجد طريقها، ويحدث التغيير
المأمول"، مشدّد على "أننا بحاجة لصحوة وإفاقة وطنية، ولا ينبغي التقاعس
عن ذلك بغض النظر عن السن".
"دفاع عن الوطن حتى الممات"
وقال رئيس مركز حريات
للدراسات السياسية والاستراتيجية، طارق الزمر،:" لقد فقدنا السفير إبراهيم
يسري، وهو في كامل لياقته السياسية والنضالية، حيث أصر، وهو الرجل الثمانيني، أن
يواصل دفاعه حتى اللحظات الأخيرة عن شعب مصر وعن كامل حقوقه التاريخية والقانونية
والسياسية".
وأضاف:" لم ترهبه
السلطات وهي تحاول اغتياله في عصر مبارك لملاحقته للفساد الذي كان يرى أن
الاستبداد هو مصدره، وأن الدفاع عن ثروات شعب مصر هو الجهاد الأكبر"، لافتا
إلى أن حياة يسري كانت "سلسلة من النضالات والمواقف الوطنية المشرفة".
وتابع:" لا ننسى
أبدا أنه قد أقام دعوى قضائية تطالب بوقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل. كما أقام
عدة قضايا ضد حصار قطاع غزة وإغلاق معبر رفح، وقضايا ضد إغلاق الشوارع المحيطة
بمنزل السفير الإسرائيلي بالقاهرة بدعوى حمايته".
وأكمل الزمر:" كما
أنه لبّى نداء الواجب، حين كان الواجب في الانضمام إلى حركة كفاية والتصدي
لاستبداد الفرد. كما أنضم أيضا للحملة المصرية ضد التوريث مساندا ومؤازرا، حين كان
شبح التوريث يطارد مستقبل مصر".
واستمر: "كما أنضم
لعضوية البرلمان الموازي في أواخر عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك ليعلن بداية
تكفينه، وشارك في جهود إقامة حركة النهضة الوطنية التي ضمّت كل الأطياف، لأنه كان
يرى أن مصر لن تنهض إلا بكل المصريين، وكان يستضيف اجتماعاتها في بيته".
"ثورة يناير"
واستطرد قائلا:" مع
فجر ثورة يناير كان يسابق الجميع في الترحيب بها، ويسبق الشباب في التفاعل معها.
كما أسس جبهة الضمير التي مثلت ضمير الثورة وضمير مصر كلها".
وذكر:" بعد انقلاب 3
تموز/ يوليو 2013، قدّم السفير الراحل مبادرة مشرفة لإنهاء الصراع بشكل سلمي تحسبا
للدخول في الصراع الدامي، الذي سالت فيه بعد ذلك دماء المصريين أنهارا. وشارك في
إصدار (بيان القاهرة)، والذي دعا فيه لاصطفاف كل القوى السياسية، وكانت دعوته تلك
ولازالت هي البوصلة التي نتحرك على هديها، ونأمل أن نصل من خلالها لإنقاذ مصر من
كبوتها".
وأضاف:" لقد كان
السفير الثائر يسبق إلى المواقف التي يجب أن يقف فيها الشرفاء والنبلاء، والتي يجب
أن يقف فيها شعب مصر كله، فأقام دعاوى قضائية تبطل التقسيم البحري مع قبرص، وأكد
أحقية مصر في ثلاثة من أكبر حقول الغاز نهبتها إسرائيل وقبرص".
وأردف:" هذا هو
سفيرنا قائد المعارك الوطنية الكبرى الذي نعتبره مؤسس الوطنية المصرية المتصالحة
مع الهوية العربية الإسلامية. هذا هو سفيرنا الذي استشهد واقفا أمام أخطر ثلاثة
ثغور مصرية: ثغر الطاقة أمام حقول غاز المتوسط، وثغر التراب الوطني أمام جزيرتي تيران
وصنافير، وثغر المياه أمام سد النهضة الإثيوبي".
واستطرد قائلا:" لقد
رحل سفيرنا حزينا لأنه لم يجد من يكمل مشواره النضالي أمام الثغور الثلاثة. لقد
رحل سفيرنا وهو يرفض فرصة علاجه في الولايات المتحدة، لأنه لا يريد أن يموت بعيدا
عن تراب مصر".
"مدرسة الدبلوماسية المصرية"
بدوره، وصف وزير الشؤون
القانونية والبرلمانية المصري الأسبق، محمد محسوب، السفير يسري بأنه "شخصية
كبيرة وعظيمة ومهمة في تاريخ الحركة الوطنية المصرية، وفي إطار محاولات الشعب في
بناء دولة مدنية حرة".
وفي كلمة مصورة له، أكد
محسوب أن "تخرج السفير يسري من مدرسة الدبلوماسية المصرية يعني ببساطة أنه لا
يجب أن نُسقط مؤسسات الدولة من بين أيدينا، ونقول إنها أصبحت تابعة للاستبداد،
وهذا ليس حقيقيا، لأن تلك المؤسسات ملكا للشعب المصري".
وأردف:" إذا كان على
رأسها (المؤسسات) جهات وأشخاص طيعين في يد السلطة وينفذون أوامرها، فهذا ليس معناه
أن تلك المؤسسات خالية من قامات كبيرة تشبه قامة السفير إبراهيم يسري، بل يجب أن
نحافظ على مؤسساتنا وندعوها إلى الوقوف مع الشعب، وعندما تحين اللحظة المناسبة
سيكون انحيازهم للشعب".
وأوضح أن "السفير
يسري شارك في كل المحاولات الوطنية للإصلاح السياسي؛ لأنه أدرك أن ما يعطل حركة
مصر للأمام هو فساد الحكم سواء كان فسادا سياسيا أو ماليا، والذي بات الجميع
مُطلعون عليه الآن، ولذلك لم يترك أي محاولة لمواجهة هذا الفساد إلا واجهه، ولم
يتردد يوما واحدا في مواجهة كل صور الفساد".
"وصايا السفير يسري"
ودعا أستاذ العلوم
السياسية، سيف الدين عبدالفتاح، إلى تنفيذ وصايا السفير يسري، والتي تمثلت برأيه
في "الاصطفاف بين مختلف أطياف الجماعة الوطنية المصرية، والخروج من حالة
الاستقطاب، والعمل على وجود نخبة شريفة لحماية الوطن والدفاع عن أراضيه"،
مؤكدا أنه لم يكن هناك أي مشهد للاصطفاف إلا وكان يسري في صدارته.
وقال:" كنت حينما
أراه جالسا على كرسيه (المتحرك) يستنفر الجميع للدفاع عن الوطن، فقد كان أسدا رابضا لحماية مصر وأمنها، وخير من مثل مدرسة الوطنية المصرية التي يحاول النظام
تدجينها"، مشيرا إلى أن السفير يسري أحد أهم الرموز التي جسدت جهاد الشعب
وحملت هموم الأمة، وكان بحق محامي للإنسانية، ويجب علينا أن نكون لوصاياه
حافظون".
وأضاف عبدالفتاح أن
"السفير يسري قبل برئاسة الجبهة الوطنية المصرية التي دعت للاصطفاف الوطني
وتجاوز الأيديولوجيات ليعبر عن أن مصر لا تخاف؛ فلم يكن يخشى سلطة مستبدة، وكان
متقدا بالحركة والنشاط رغم كبر سنه"، منوها إلى أن منزله بمنطقة المعادي في
القاهرة كان بمنزلة ميدان للتحرير.
ولفت المستشار الإعلامي
لحزب البناء والتنمية، خالد الشريف، إلى أن السفير إبراهيم يسري كان يؤمن تماما
بضرورة جمع الشمل، وخلق مساحات مشتركة كبيرة للعمل الوطني في ظل الظروف الصعبة،
فلا سبيل لنهضة مصر إلا بالاصطفاف الجامع، والذي بات ضرورة وطنية تنادينا جميعا
ولا مفر منه".
وأكد الشريف أن يسري أوصى
كل "رفاق الثورة بمواصلة المسيرة من أجل الاصطفاف لتحرير الوطن"،
مضيفا:" لم يمنعه كبر سنه من أن يتصدى للانقلاب ويطالب بعودة الشرعية مع طرح
الحلول لمحاولة إنهاء الأزمة.
اقرأ أيضا: لماذا تجاهل إعلام السيسي وفاة السفير إبراهيم يسري؟