هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على غير العادة، أعلنت دولة الاحتلال، مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف ريف العاصمة السورية دمشق، زعم أنها لإحباط عملية "خطط لتنفيذها الحرس الثوري الإيراني وحلفاؤه ضد إسرائيل".
وتثار التساؤلات حول الإعلان الإسرائيلي عن شن تلك الغارات بشكل واضح، على خلاف هجمات سابقة لم تعلن عنها في سوريا والعراق طوال الفترة الماضية.
الإعلان الإسرائيلي، جاء قبيل انتخابات الكنيست، المقررة في 17 أيلول/ سبتمبر المقبل، إلى جانب تلميح إسرائيلي لهجمات في العراق خلال الأيام والأسابيع الماضية، على مواقع للحشد الشعبي دون أي إعلان رسمي.
وقال جيش الاحتلال، في بيان ليل السبت الأحد، إن مقاتلات إسرائيلية "أغارت على عدد من الأهداف الإرهابية في قرية عقربا جنوب شرق دمشق".
وأضاف أنه أحبط عملية خطط لتنفيذها "فيلق القدس" الإيراني ومليشيات شيعية ضد أهداف إسرائيلية من سوريا.
اقرأ أيضا: إسرائيل تقصف "فيلق القدس" جنوب دمشق وتوقع قتلى
وفي هذا السياق، قال الكاتب والباحث اللبناني، حسن حجازي، إن الإعلان الإسرائيلي على الاعتداء في سوريا، ركز على أن الخطوة تأتي لإحباط ما وصفه بالهجوم في إطار الدفاع عن النفس، رغم أنه أخفى عن مسؤوليته عن مئات الاعتداءات التي قام بها ضد سوريا.
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الإعلان يظهر وكأن إسرائيل في الضحية، بينما هي الجهة المعتدية والتي تقوم كل سياساتها على العدوان.
ورأى حجازي المختص بالشأن الإسرائيلي، أن الإعلان يتعلق بالاستثمار الداخلي في البزار الانتخابي الذي يجيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللعب فيه بشكل بارع، وتجيير كل الخطوات العسكرية كإنجازات تصب في رصيده قبيل الانتخابات، رغم أن موشيه يعالون ويهود باراك، ركزا بشكل واضح على الخلفيات الانتخابية للهجوم، وإمكانية أن يورط هذا الإعلام إسرائيل برد من قبل الطرف الآخر.
وحول الرسائل الإسرائيلية لإيران في هذا الهجوم، قال الكاتب اللبناني، إن سياسة إسرائيل الثابتة في السنوات الأخيرة بوضع التهديد الإيراني في مقدمة التحديات، لافتا إلى أن هذه العمليات تأتي في سياق أنها تريد مواصلة العمل لمنع ما تصفه بالتمركز الإيراني في دول الجوار، ومنع إمداد حركات المقاومة بالأسلحة الإيرانية النوعية.
كما أن هذه الهجمات، تريد التأكيد إسرائيل من خلالها أنها لم تيأس، عن ثني الإيرانيين في تعزيز حضورهم على خط الصراع معها، رغم إقرار الكثير من الأوساط الإسرائيلية أن هذه السياسة أثبتت فشلها حتى الآن.
اقرأ أيضا: الحرس الثوري ينفي إصابة أهداف إيرانية في "قصف دمشق"
وحول عدم الإعلان الإسرائيلي عن مسؤولية الاحتلال عن الطائرتين المسيرتين في الضاحية الجنوبية بلبنان، رأى حجازي أن سبب ذلك في أنه لا يوجد جدوى من النفي، لأن الجميع يدرك ويرى أن إسرائيل تخرق يوميا الأجواء اللبنانية، والاحتلال يدرك أن هكذا أفعال ضد لبنان لن تمر دون رد.
من جهته قال المختص بالشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، إن العادة التي جرت سابقا، أن يكون هناك تلميح بذلك، إلا أنه فضل الإعلان هذه المرة، مرجئا ذلك إلى أمرين؛ الأول: رسالة داخلية انتخابية، والثاني، أن إسرائيل تشعر بأن الواقع الإقليمي يسمح لها بالمزيد من المناورة وضرب خصومها مع ضمان عدم الرد.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الملف الأمني حاضر باستمرار لدى اليمين الإسرائيلي، الذي يريد أن يوصل رسالة داخلية للجمهور أن نتنياهو أفضل ممن يتعامل مع الملف الإيراني، وخاصة في ظل علاقته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي ظل استمرار استهداف إسرائيل في المناطق السورية وأبعد من ذلك في العراق.
وأوضح أن نتنياهو، وصل لقناعة، أن تسخين هذه الجبهة في الفترة الحالية، وتسجيل بعض النقاط تساهم في حظوظه الانتخابية، خاصة أن الواقع الأمني في الجنوب سيء، وبتسخين نقاط في الشمال، قد يزيد من رصيده.
اقرأ أيضا: نصر الله يصف ما حدث في لبنان بالخطير جدا.. ويتوعد بالرد
ورأى الكاتب الفلسطيني، أن إسرائيل أرادت أن توصل مجموعة من الرسائل، الأولى؛ لروسيا والولايات المتحدة، في أنها تريد أن تكون لاعبا رئيسيا في تحديد مستقبل المنطقة، والثانية؛ أنها تؤكد أن أي تفاهمات في سوريا، يجب أن تشمل ضمان استمرار إسرائيل في استهداف كل ما يمكن أن تسميه أنه يشكل خطر عليها.
وحول تكثيف الهجمات في الآونة الأخيرة، أكد أبو عواد، أن إسرائيل تريد أن توجه رسالة أنها لن تسمح بأي وجود إيراني في سوريا.
وأضاف، أن إسرائيل تعلم تماما أن إيران لا تريد أي مواجهة عسكرية، لذلك تقوم بالضغط عليها، وإبعادها عن الجنوب السوري، ورفع الدعم عن حزب الله في لبنان.
بدوره قال المختص بالشأن الإسرائيلي، حسن مرهج إنه من الواضح أن حجم الملفات الضاغطة على إسرائيل قد اختلفت عن المرحلة السابقة، "وهذا يعود إلى ما حققه محور المقاومة من منجزات سياسية وعسكرية في سوريا واليمن والعراق ولبنان.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الإعلان الإسرائيلي يأتي في إطار الرغبة بالدخول إلى المسار السياسي والعسكري الناظم للتحولات القادمة، إضافة إلى الرغبة الاسرائيلية بتأكيد تواجدها على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأشار إلى أنها "رسالة موجهة إلى إيران، والقول صراحة أننا مستمرون في هذه الاستهدافات، للحفاظ على مستوى الردع في المنطقة، وذلك بحسب التفسيرات الاسرائيلية لجهة الإعلان".
واستبعد المختص المقيم في الأراضي المحتلة، أي علاقة بين الهجمات والانتخابات الإسرائيلية القادمة، لافتا إلى أن الناخب الاسرائيلي لا يعني له استهداف سوريا أو العراق أو حزب الله، بقدر ما يهمه الداخل الإسرائيلي لجهة المعيشة والتوافقات السياسية والأمان.
وحول حادثة الضاحية الجنوبية، أشار مرهج، إلى أن الأمر يحمل أحد السيناريوهات، الأول؛ أن الطائرتان الإسرائيليتان كانتا في مهمة استخباراتية فوق لبنان، أي لا سيناريو هجومي أو استهداف أي قيادي في حزب الله، لكن ربما حدث خلل في إحدى الطائرتين ما أدى لسقوطها، لتأتي الطائرة لثانية و تقوم بتفجيرها من أجل إخفاء المعلومات التي تحتويها، لكن الطائرة الثانية سقطت وباتت في قبضة حزب الله.
أما السيناريو الثاني، أن الطائرتان الإسرائيليتان من الممكن أن تكونا في مهمة عسكرية من أجل استهداف عناصر قيادية في حزب الله، لكن تم اكتشاف الطائرتان واسقاطهما من قبل الحزب.
وشدد على أن هذا تطور خطير لجهة لبنان و حزب الله، موضحا أن الاستهداف جديد من نوعه، وبالتالي نعود من جديد للنقطة الأولى، والتي تتمحور حول الرغبة الإسرائيلية بفرض شروط استراتيجية عملياتية جديدة في سوريا والعراق و لبنان.