هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت زيارة ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى السعودية، بعد يوم من انقلاب نفذته قوات انفصالية موالية للإمارات على الحكومة اليمنية المعترف بها، في مدينة عدن جنوبي اليمن، تساؤلات عدة حول أبعادها.
وفي وقت سابق من الاثنين، استقبل نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، ولي عهد أبوظبي في مطار جده، وهو ما أثار تكهنات كثيرة حول استقبال الأخير للمرة الأولى من قبل ابن سلمان الصغير، وهل هناك رسالة سياسية سعودية من وراء ذلك، بعدما وضعها شريكها الرئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده في ورطة انقلاب ثان في عدن، حيث مقر الحكومة الشرعية التي تشكل التحالف لإعادتها.
"الرياض في ضعف"
وتعليقا على الزيارة، أكد الكاتب والسياسي اليمني، عبدالناصر المودع، أنه من الصعب فهم طبيعة العلاقة السعودية الإماراتية بعد أحداث عدن الأخيرة، التي قامت بها الإمارات، وصمتت عنها السعودية حتى أنجزت.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن المنطق يقول بأن ليس من مصلحة الرياض أن تنهي الوجود الرمزي لسلطة هادي المهترئة في عدن؛ لأن ذلك يضعف موقفها العام، ويضعف الهدف الذي دخلت من أجله الحرب في اليمن.
وأشار المودع إلى أنه وفي كل الأحوال فإن المملكة في موقف ضعيف قبل هذه الأحداث، وازداد الضعف بعدها؛ فإن "كانت منسقة مع أبوظبي فيما حدث فهذا يشير إلى جهل وتخبط، وإن كان عجزا فهو يشير إلى اهتراء".
وبحسب السياسي اليمني، فإن أحداث عدن أكدت فشل السعودية، بغض النظر عن موقفها مما حدث في عدن، لافتا إلى أن اليمن مقبلة على أوضاع سيئة قد تكون أسوأ مما حدث.
وذكر الكاتب اليمني المودع أن اللاعب الرئيسي في الشأن اليمني ثبت ضعفه، وعدم قدرته على تنفيذ خططه، حتى في الحدود الدنيا.
وحول طريقة استقبال بن زايد من قبل المملكة، قال إنه يجب ألّا نركز كثيرا على الأمور البروتوكولية، خاصة أن رجال الصف الأول متواجدون في مكة. موضحا أن علينا أن ننتظر لنرى إن كان هناك خلاف حقيقي بين السعودية والإمارات.
"شرعنة الانقلاب"
من جهته، قال نائب رئيس تحرير موقع "المصدر أونلاين" الإخباري، علي الفقيه، إن زيارة بن زايد تأتي في إطار التحركات لمحاولة شرعنة الانقلاب الذي تم في عدن بإشرافه وتمويله، والتهيئة للانتقال إلى المرحلة التالية.
وتابع في حديث خاص لـ"عربي21" بأنها محاولة للتخلص من مسؤولية التبعات المترتبة على هذا الانقلاب كونه يندرج ضمن جريمة تأجيج الصراع في اليمن وتمزيقه.
ووفقا للفقيه، فإنه لا يزال لدى الإمارات قدرات كبيرة على تنفيذ أجنداتها، دون أن تضطر للاصطدام بأحد، في المقابل، ليس هناك أي تحرك عملي من قبل السعودية لإيقاف مخططات بن زايد للعبث باليمن وتدمير وحدته.
وأكد الصحفي اليمني أنه لا يمكن الاعتماد على التصريحات المطاطة والمكررة للقول إن أجندتي البلدين مختلفتان، أو إن هناك تبدلا في العلاقة، خاصة أن المسؤولين في البلدين يؤكدون على أن أجندتهما واحدة في اليمن.
وأوضح نائب رئيس تحرير موقع "المصدر أونلاين" أن ما حدث في اليمن تتحمل السعودية والإمارات أمام الشعب اليمني وأمام المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة.
"واقع جديد"
أما الخبير الاستراتيجي اليمني علي الذهب، فقد رأى أن الزيارة تأتي في إطار واقع جديد في الجنوب، خصوصا عدن، فرضته الإمارات بقوة أذرعها المسلحة، وفي عملية استباقية لمحاولة السعودية فرض نفسها كبديل للإمارات بعد الإعلان المشبوه لخروجها من اليمن.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن انقلاب عدن حدث بعد أقل من أسبوعين على توافد القوات السعودية، بأسلحتها المختلفة والمتنوعة، إلى المدينة الساحلية، ومحاولة تموضعها في قاعدتين شرق عدن (العريش) وغربها (صلاح الدين).
وأوضح الخبير الذهب أن هذا الواقع يعني، عمليا، الحديث عن ما بعد هادي، أو المرحلة الأخيرة الهامشية والشكلية للرئيس هادي، الذي لم يعد يسيطر على أي قوات في عدن، يمكن بواسطتها فرض إرادته السياسية كطرف ذي ثقل، حسب وصفه.
وبحسب الذهب، فإنه في ما يتعلق بتبدل العلاقة بين الرياض وأبو ظبي، لا أتصور ذلك؛ لأن الرياض ستقبل بالحد الأدنى من المصالح في الجنوب، في ظل تراجع أدواتها هناك؛ ولأن قضيتها الأهم المناطق الحدودية من المهرة (شرقا) إلى الحديدة (غرب اليمن).
ويمكن القول، وفق الخبير الاستراتيجي اليمني، إن ترتيب السعودية في إدارة الصراع اليمني (جنوبا) تراجع إلى الخلف، بعد الإمارات، وأن ما تمارسه من ضغوط تأخرت كثيرا، لا سيما في ظل السياسة الإماراتية الجديدة والمعلنة تجاه الحوثيين وإيران، على حد قوله.
وكان نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الداخلية، الذي قاد المواجهات مع الانفصاليين المدعومين من أبوظبي في عدن، قد اتهم الإماراتيين بالمشاركة المباشرة في الانقلاب على السلطة الشرعية من خلال "400 عربة إماراتية شاركت في الهجوم على المعسكرات الحكومية"، كما انتقد الموقف السعودي وصمتها إزاء ما وصفه بـ"ذبح الشرعية من الوريد إلى الوريد".