هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على سرير مستشفى العفولة في الداخل الفلسطيني المحتل يرقد الأسير بسام السايح من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية محاصرا بين قيده ومرضه، حيث تدهورت حالته الصحية منذ أكثر من أسبوع دون أن يعرف أحد تفاصيلها، وسط تخوفات كبيرة من انضمامه إلى قوافل الشهداء الأسرى.
ولم ترحم سجون الاحتلال جسد الأسير
الذي اعتقل في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2015، وهو يعاني من مرض السرطان في العظم
والدم، وما زال حتى الآن موقوفا بانتظار المحاكمة التي لن تجلب له سوى مزيد من
الأحكام الجائرة، بينما ترقب عائلته خطورة حالته بمزيد من القلق والتوتر.
ويقول شقيقه خلدون لـ"عربي21"
بأن العائلة لا تحصل على الأخبار المتعلقة بالأسير إلا عن طريق وسائل الإعلام وما
يتم نشره من مؤسسات حقوقية مختصة بشؤون الأسرى، مؤكدا بأن الاحتلال لم يبلغ
العائلة بأي تفاصيل عن وضعه الصحي أو التطورات التي جرت على حالته.
ويوضح أن "الأسير بسام يعاني من
سرطان الدم منذ عام 2014 وخضع لجلسات علاج كيماوي مكثفة قبل اعتقاله، أدت إلى قصور
في عضلة القلب"، مبينا أن "حدة هذا القصور ازدادت بعد الاعتقال، ليصبح
عملها لا يزيد عن 25 بالمئة بعد أن كان 60 بالمئة".
ورغم الوضع الخطير الذي يمر به
الأسير بسام، والذي أدى إلى نقله لقسم العناية المكثفة في مستشفى العفولة؛ إلا أن
الاحتلال يمنع عائلته من زيارته أو حتى رؤيته عن بعد، حيث تم إبلاغ هيئة الصليب
الأحمر بأن أي زيارة عائلية ستتم وفقا للإجراءات المتبعة لزيارة أي أسير ولكن حين
يتم نقل السايح لمستشفى سجن الرملة وليس أثناء تواجده في مستشفى مدني.
اقرأ أيضا: إسناد شعبي للأسرى المضربين وحديث عن اتفاق في "عوفر"
ويضيف شقيقه: "يمنعنا الاحتلال
من زيارته إلا مرة كل عام ونصف، ويسمح لشقيقاته فقط بالحصول على التصاريح اللازمة،
وآخر زيارة لهن كانت قبل شهر ووصفن وضعه بالسيء ولكنه مستقر، حيث أن قصور عضلة
القلب أدى إلى تضخم في الكبد وارتفاع المياه إلى الرئتين، وهو ما أدى إلى تدهور
حالته".
أما عن تعامل إدارة سجون الاحتلال مع
الأسير بسام كمريض بالسرطان فلم تختلف عن معاملة أي أسير آخر، حيث كان يجب أن
يتلقى العلاج الكيماوي في الوريد منذ بداية اعتقاله ولكن الاحتلال احتجزه في
السجون التي تفتقر لأدنى المقومات الإنسانية، وبقيت عائلته تصر عن طريق هيئة
الصليب الأحمر الدولية لإدخال هذا العلاج، حتى تم السماح بذلك ولكن بشرط تأمينه عن
طريق العائلة من خارج فلسطين وأن يكون الدواء على شكل حبوب وليس حقنا وريدية.
ويقول خلدون إن "هذا العلاج لم
يستمر بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمدة من قبل إدارة سجون الاحتلال بحق الأسير
السايح، فبقيت حالته في تراجع أمام مرأى السجانين حتى وصل هذه المرحلة".
ويتابع: "نحن كعائلة نعيش حياة
ملؤها القلق والتوتر نتيجة ما يتعرض له بسام، فما هو شعورنا حين نسمع عن تدهور
خطير في حالة إنسان عزيز لدينا يصارع الموت دون أدنى رعاية طبية؟ وكأن الاحتلال
ينتظر أن يصل إلى هذه المرحلة، وبين الحين والآخر نستذكر شهداء الحركة الأسيرة ونخشى
أن يكون واحدا منهم يوما ما".
وتناشد العائلة بالإفراج المبكر عن
نجلها الذي يقاسي أوجاع المرض والاعتقال معا، علما أنه رغم حالته الصحية تعرض
لتحقيق قاس ومكثف في بداية اعتقاله، بينما يعتقل الاحتلال شقيقه أمجد السايح منذ
عام 2002 والمحكوم بالسجن لمدة 20 عاما، والذي سخر نفسه لخدمة الأسير بسام منذ
اعتقاله.
اقرأ أيضا: رقعة الإضراب في سجون الاحتلال تتسع وتدهور بصحة أسير
أما الأسير المحرر والناشط في متابعة
قضايا الأسرى الفلسطينيين ثامر سباعنة فيعود بذاكرته إلى الوراء عام 2015، حين تم
نقل الأسير السايح للزنزانة التي كان متواجدا فيها في سجن مجدو، حيث كان يعاني من
وضع صحي متدهور منذ ذلك الوقت.
ويوضح سباعنة لـ"عربي21" أن
"الأسير السايح لم يكن يعرف طعما للنوم بسبب الآلام التي يعانيها، كما أنه
كان بحاجة لمن يساعده على المشي والقيام بأي شيء آخر، فيما كان يحدثهم عن جولات
التحقيق القاسية التي مر بها".
ويضيف: "كان بسام يخبرنا عن
التحقيق الوحشي وعن الجولات المتواصلة التي كان المحققون يخضعونه لها، كما أنه كان
يمر بنوبات إغماء من شدة الضغط الواقع عليه والمرض الذي لم يتلق له أي علاج في
وقتها، ولكن المحققين كانوا يستغلون هذه النوبات لاستكمال التحقيق معه وهو في أضعف
حالاته".
ويشير الناشط إلى أن حالة بسام
الصحية حين كانت تتدهور يتم نقله إلى سجن الرملة، والذي لا يختلف عن أي سجن آخر
سوى أنه يحوي الأسرى المرضى معا، وفي أصعب الحالات كان يتم إعطاؤه المسكنات.
ويعتبر السايح من أصعب الحالات
الصحية بين الأسرى وأكثرها خطورة والتي لا يقدم لها العلاج اللازم، بينما شهد
العامان الحالي والماضي استشهاد ثلاثة أسرى فلسطينيين نتيجة سياسة الإهمال الطبي.
ويرى سباعنة بأن تقصير الحراك الشعبي
والمؤسسات الرسمية والحقوقية في قضايا الأسرى، يؤدي إلى تمادي الاحتلال فيما يتعلق
بالتنكيل بهم وتضييق ظروف اعتقالهم.
ويتابع: "بسام لا يمثل حالة
واحدة بل أكثر من 1500 أسير مريض منهم أكثر من 20 يعانون من السرطان بمختلف أنواعه
ولا يقدم لهم العلاج، الأصل أن يستنفر الكل الفلسطيني لإنقاذ بسام وإخوانه الأسرى
ولفضح الاحتلال فيما يقوم به ضدهم".