هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري الأسبق، عمرو دراج، من وصفهم بشرفاء وحكماء المنظومة الحاكمة في مصر "بالقفز من سفينتها"، للمساهمة في إنهاء الأوضاع السلبية القائمة قبل فوات الأوان، مؤكدا أن مثل هذا التحرك سيحدث حينما ينفرط عقد النظام الحاكم.
وأكد في الحلقة السادسة من مقابلته الخاصة مع "عربي21"، أن "ما يُضعف النظام، ومن دلائل نهاية أي نظام قمعي -كما رأينا على مدار التاريخ- أن يبدأ داعموه في الانفضاض من حوله، ويبدأون في القفز من السفينة، وهذا حينما يبدأ في الحدوث يحدث ويتداعى بشكل سريع".
وتابع: "هذا يحتاج لحظة صدق لدى هؤلاء (الشرفاء) حتى يقرروا فيها أن ضميرهم لا يسمح لهم بالاستمرار في هذا الوضع القائم، وبعدما يدركوا أن الضرر الذي يحدث في البلد يفوق أي مصالح شخصية تخصهم، وحينما يرون أن النظام غير قابل للاستمرار سيقررون القفز من سفينة النظام".
واستدرك بقوله: "بالطبع نحن لا ندعو إلى خروج سيسي آخر من داخل المنظومة لينقلب على السيسي، بينما يستمر في نفس الممارسات والسياسات، وبنفس الطريقة؛ فليس هذا هو ما سعينا إليه من خلال ثوره يناير أو من العمل الدؤوب على مدار الأعوام الماضية".
وقال: "نحن ندرك أن هناك شرفاء كثيرين داخل أجهزة الدولة، وفي منظومة المؤسسة العسكرية، وهؤلاء قد يكونون غير راضين عن الوضع الموجود الآن، إلا أنهم قد يكونون غير قادرين على اتخاذ قرار حاسم الآن فيما يتعلق باستمرار دعمهم للنظام أو إنهاء تلك الأوضاع أو فعل أي شيء".
واستطرد دراج، الذي يشغل منصب رئيس المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلا: "لكن في لحظة ما، وفي وقت ما، حينما تأتي لحظة الصدق، وتبدأ الأمور في التداعي السريع سيحدث هذا التحرك لا محالة"، لافتا إلى أنه لا يعرف ما الذي ينتوي فعله هؤلاء "الشرفاء" في المستقبل.
وأوضح أنه "بالتأكيد هناك بعض التململ داخل مؤسسات الدولة، خاصة المؤسسة العسكرية، من ممارسات وسياسات السيسي"، مشيرا إلى أن "هذا التململ موجود ومحسوس ليس فقط داخل مؤسسات الدولة، بل لدى الشعب كله بشكل عام، وهذا واضح جدا".
ونوه دراج إلى أنه يلمس هذا التململ عبر "التواصل مع أشخاص موجودين داخل جهاز الدولة ومواقع أخرى مختلفة بحكم العلاقات العائلية والأسرية والصداقات التي يمتلكها كل شخص فينا".
وأضاف: "نحن نسمع ونرى أغلبية الشعب غير راض عن ممارسات السيسي الحالية، لكن هذا شيء مختلف عن الاستعداد لعمل إجراء لتغيير هذا الواقع في الوقت المنظور حاليا، ولا نريد أن نعطي للناس -كما يقولون- مُخدرات بالقول إن النظام على وشك الانقلاب على نفسه، وإن هناك انقلابا على الانقلاب أو إن الانقلاب يترنح، لأن هذا غير واضح للعيان".
وأكمل: "الظاهر الآن أن المنظومة الانقلابية تفرض قبضتها وسطوتها بشكل كبير، إلا أن هذه سيطرة مصنوعة قائمة على القمع غير القابل للاستدامة؛ فمن الصعب جدا استمرار هذا القمع لفترات طويلة، وأيضا من غير المتصور استمرار الدعم الدولي والإقليمي للسيسي إلى الأبد في ضوء الطبيعة المتغيرة للظروف الدولية والإقليمية الراهنة".
وذكر: "هناك تاريخ طويل لدى الولايات المتحدة في التخلي عن كل الحكام الدكتاتوريين الذين كانت تدعمهم عندما يستنفذون أغراضهم، والسيسي لم ولن يكون أول أو آخر شخص يحدث معه هذا الأمر، لكن بشكل آني وحالي هذا غير ظاهر، إلا إذا حدثت أمور لا نستطيع التنبؤ بها".
وتوقع وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق حدوث التغيير بمصر على المدى المتوسط، سواء بعد نفاد قدرة الناس على التحمل، واستعدادهم للعمل لتحرير أنفسهم مما هم فيه، أو عقب بدء انتهاء الدعم الإقليمي والدولي الذي يحظى به النظام الحالي، مشدّدا على أن هذا الأمر بات "مسألة وقت، وسيحدث إن عاجلا أو أجلا".
ووجه رسالة لمن وصفهم بالشرفاء والحكماء داخل المؤسسة العسكرية، قائلا: "إن ما يتم تحصيله لكم من منافع الآن لا يمكن إطلاقا أن يوازي الضرر الواقع على مصر وشعبها باستمرار هذا النظام؛ فكل يوم يمضي على بقاء هذا النظام يترتب عليه ضرر غير قابل للإصلاح، ونحن لا نتحدث عن أضرار يمكن تداركها، بل أضرار غير قابلة للإصلاح إلا بعد سنوات طويلة جدا، وبعد عمل دؤوب وشاق".
وقال: "الشخص الحريص على مصلحة البلد، وفي الوقت ذاته حريص على احترامه لذاته، واحترام أولاده له، حينما يلقى الله يستطيع الإجابة عن الأسئلة التي سيُسأل عنها عن مدى مشاركته ودعمه للقمع والظلم الموجود الآن، وعن الجرائم التي تُرتكب باسم النظام الذي يُشارك فيه".
وأضاف: "أما الذي قد يكون راضيا عن ممارساته أو مستمرا في دعمه للنظام والعمل معه، فهو شريك في جرائم القتل والاعتقال والاغتصاب، فهل هذا يساوي أي منافع مادية يأخذها؟ وهل يساوي لحظة يقف فيها أمام الله لا يستطيع أن يجيب عن هذه الأسئلة؟".
واختتم دراج بقوله: "إن الشخص الشريف ذا النفس اللوامة سهل أن يتراجع عن هذا الطريق السيئ، لكن الشخص الفاسد توجيه مثل هذا الكلام له أمر غير مجد، لكننا مستمرون في تقديم النصح لهم ولغيرهم".