يحكي أن فيلا كان يمر كل يوم على قرية من النمل فيقتل منها العشرات، ويهدم الكثير من بيوتها، فتجمّع النمل وقررت أن تركب جميعا على الفيل وهو نائم ثم تقرصه دفعة واحدة فتقتله. وجاء اليوم الموعود وركبت على الفيل، وبمجرد ركوبها استيقظ الفيل وانتفض انتفاضة الصباح، فسقطت كل النمل على الأرض إلا نملة واحدة كانت تمتطي عنق الفيل. هرعت النمل إلى المخابئ وأخذت تنظر إلى النملة الوحيدة على عنق الفيل وتقول لها: اخنقه يا فوزي!
فوزي المسكين رأى أن أمة النمل قد انتدبته للقيام بالمهمة المقدسة واقتنع بأن هذا فرض كفاية عليه؛ إن قام به سقط عن باقي النمل. وتعالت صيحات النمل تذكي حماس فوزي وأنه تربى ونعم التربية، وتشيد بثباته فوق الفيل، وتطمئنه بأن عائلته هي عائلتهم، وسيرعونها حق الرعاية وأنهم سيخرجون من مخابئهم وينقضون على الفيل بعدما يخنقه، ومن ثم قرص فوزي الفيل في عنقه، فما كان من الفيل إلا أن مد خرطومه إلى فوزي وطرحه على الأرض وسحقه.
أمعنت جموع النمل في الاختباء والتستر، ثم بدأ كثير منها تلوم فوزي. البعض منها قال إنه كان الأولى أن يقرصه في عينه فيمشي أعمى ويبتعد عن قريتنا، وآخر قال: لو دخل أذن الفيل لهاج على غير هدي وغادر الغابة، وثالث قال: ما بال فوزي الصعلوك وهذا الفيل العظيم! لقد ارتقى مرتقى صعبا لا يليق به، وما كان عنده من الأدوات ما يكفيه للقضاء على الفيل!
وفي الصباح اعتقل النمل عائلة فوزي وقدموها إلى الفيل، وقالوا إنها خائنة وأنها من أنجبت هذا الخائن، وأن سجن هذه العائلة رحمة وقتلها واجب وأنها من الخوارج؛ لا عرض لها يحمى ولا مال لها يُصان، ولا قيمة لحياة أفرادها. وتضرع النمل إلى فخامة الفيل ألا يمر على قريتهم صباح مساء، بل أن يجعل مروره على قريتهم عشر مرات يوميا!
مات فوزي ولم يمش في جنازته أحد، وشردت عائلته وقومه وما نصرهم ولا آواهم أحد.
رحم الله
الإخوان فوزي هذا الزمان!
وللحديث بقيه لا يكتمل المعنى إلا بها.