هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناول الكاتب جوناثان كوك، الحركات المسيحية المناصرة لإسرائيل، وآخر مظاهرها قيام المبشر البروتوستانتي النيجيري، تي بي جوشوا، بزيارة إلى مدينة الناصرة في أراضي الـ48، ومناصرته لإسرائيل.
وقال الكاتب في مقاله
المنشور بموقع "ميدل إيست آي" وترجمته "عربي21"، إن الحركات
السياسية في الناصرة، ضجت بسبب المبشر المناصر للصهيونية القس النيجيري تي بي
جوشوا، والذي يبدي اهتماما بإسرائيل، وجاء خطيبا بآلاف "الحجاج" الأجانب
هناك.
وانعقدت مهرجانات المبشر
الإنجيلي (البروتستانتي) في الهواء الطلق في مسرح مكشوف على رأس أحد تلال الناصرة،
وهو ذات المسرح الذي استخدمه البابا بنيديكت عام 2009.
وبحسب الكاتب، فإن
جوشوا يلقب نفسه بـ"النبي"، ويتبنى ما ورد في سفر الرؤيا من نبوءات
توراتية، ويمثل توجها مسيحيا يؤمن بما ورد في سفر الرؤيا من نبوءات توراتية،
ويتدخل في شؤون إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل صارخ وبأساليب تصب في
مصلحة إسرائيل والحكومة اليمينية المتطرفة.
وأشار إلى أن الكثير
من الإنجيليين يعتقد بما في ذلك جوشوا نفسه أن من واجبهم تشجيع اليهود على
الانتقال من الأوطان التي يعيشون فيها حالياً إلى الأرض الموعودة (أو أرض
الميعاد)، وذلك للتعجيل بقدوم آخر الزمان الذي يفترض أن الكتاب المقدس يبشر به.
ولفت إلى أن الصهيونية
المسيحية كانت عاملاً مهماً في التأثير على الحكومة البريطانية وتحفيزها في عام
1917 على إصدار إعلان بلفور (وعد بلفور) – والذي مثل فعلياً وثيقة عهد قطعته
بريطانيا على نفسها، غدا فيما بعد خطة أولوية لإيجاد دولة يهودية على أطلال السكان
الأصليين للبلاد.
وتابع أن الرئيس
دونالد ترامب، أحاط نفسه بمزيج من الصهاينة المتطرفين، يهوداً ومسيحيين. فسفيره في
إسرائيل، دافيد فريدمان، ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، جايسون غرينبلات، كلاهما من
أشد الداعمين للاستيطان غير الشرعي والمتحمسين له. ويبدو أن نفس الأمر ينطبق على
الشخصيات المسيحية البارزة داخل البيت الأبيض مثل نائب الرئيس مايك بينس ووزير
الخارجية مايك بومبيو.
وأضاف: "كان
بومبيو صريحاً واضحاً إزاء معتقداته الإنجيلية منذ ما قبل دخوله الحكومة، ففي عام
2015 أعلن أمام جمع من الناس: "إنه نضال لا يتوقف ... إلى أن تتحقق النشوة.
فكونوا جزءاً منه، كونوا في صف المقاتلين."
وتاليا نص المقال كاملا:
تي بي جوشوا آخر مبشر مناصر للصهيونية يبدي اهتماماً عملياً بإسرائيل – والفلسطينيون هم من سيدفع الثمن
أثار وصول المبشر الإنجيلي (البروتستانتي) التلفزيوني الأشهر في
أفريقيا تي بي جوشوا ليقف خطيباً في الآلاف من جموع الحجاج الأجانب في مدينة
الناصرة مزيجاً من الذعر والسخط في أوصال المدينة التي يقال إن يسوع أمضى فيها طفولته.
قوبل وجود المبشر بمعارضة واسعة النطاق من قبل الحركات السياسية في
الناصرة وكذلك من قبل فئات المجتمع وزعماء الكنائس الذين دعوا إلى مقاطعة مهرجانيه
الخطابيين. انضم إلى كل هؤلاء مجلس المفتين الذي وصف المناسبتين بأنهما "الخط
الأحمر حين يتعلق الأمر بالإيمان بالقيم الدينية".
انعقدت مهرجانات جوشوا، والتي اشتملت على تعاويذ لطرد الأرواح
الشريرة، في الهواء الطلق داخل مسرح مكشوف يقع على رأس أحد التلال المطلة على
الناصرة، وهو المسرح الذي أنشئ أصلاً لإقامة الصلوات البابوية واستخدمه البابا
بنيديكت في عام 2009.
استجلب هذا القس النيجيري، الذي يحظى بملايين الأتباع حول العالم
ويطلق على نفسه لقب نبي، عداوة الناس هنا، ليس فقط لأن المسيحية التي يبشر بها تشذ
كثيراً عن المعتقدات التقليدية للكنائس المحلية في الشرق الأوسط، بل وأيضاً لأنه
يمثل توجهاً من المسيحيين الأجانب الذين يحفزهم ما ورد في سفر الرؤيا من نبوءات
توراتية، والذين يتدخلون في شؤون إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة بشكل صارخ
ومتزايد – وبأساليب تصب بشكل مباشر لصالح السياسات التي تتبناها حكومة إسرائيل
اليمينية المتطرفة.
ازدهار سياحي طال انتظاره
تعتبر الناصرة أكبر تجمع فلسطيني داخل إسرائيل نجا من النكبة التي
وقعت في عام 1948، والتي نجم عنها إجبار معظم السكان الأصليين على الخروج من
أغلبية أراضيهم لتحل محلهم الدولة اليهودية. يشكل الفلسطينيون اليوم داخل دولة
إسرائيل خمس المواطنين الإسرائيليين.
تؤوي المدينة وأكنافها أعلى كثافة من المسيحيين الفلسطينيين في
المنطقة. ولكنها طالما عانت من عداوة المسؤولين الإسرائيليين الذين حرموا الناصرة
من الموارد لمنعها من التحول إلى عاصمة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية للأقلية
الفلسطينية.
تكاد المدينة تخلو من الأراضي اللازمة لتحقيق أي نمو أو لإقامة مناطق
صناعية تساعدها على توسيع قاعدة دخلها، ولم تدخر إسرائيل جهداً في خنقها وتقييد
قدرتها على تنمية قطاع سياحي جيد، وذلك أن معظم السياح يمرون بالمدينة سريعاً
لزيارة كنيسة البشارة، التي أقيمت في الموقع الذي يعتقد بأن الملك جبريل بشر فيه
مريم بأنها ستحمل بيسوع.
هب المسؤولون في بلدية الناصرة ليغتنموا فرصة الدعاية والدخل الذي
ستوفره زيارة جوشوا إلى مدينتهم، وإن كانت البلدية تأمل على المدى البعيد أن تتمكن
المدينة من جذب حتى ولو نسبة ضئيلة مما يزيد عن ستين مليوناً من المسيحيين الإنجيليين
داخل الولايات المتحدة، وكذلك من بين الملايين الأخرين الذين يعيشون في أفريقيا وأوروبا،
مما سيشكل دفعة كبيرة لاقتصاد المدينة.
تكشف أحدث الأرقام عن أن السياحة الإنجيلية إلى إسرائيل ما لبثت تنمو
بشكل مستمر، وبات الإنجيليون الآن يشكلون واحداً من كل سبعة زوار أجانب يتوافدون
على إسرائيل.
اللعب بالنار
ولكن، وكما تشير تداعيات زيارة جوشوا، قد تلعب الناصرة بالنار إذا ما
ذهبت تشجع مثل هذا النوع من الحجاج على الاهتمام بشكل أكبر بالمنطقة. يدرك معظم
المسيحيين المحليين أن تعاليم جوشوا ليست موجهة لهم – بل ويحتمل أن تكون ضارة بهم.
اختار القس النيجيري الناصرة لينشر فيها تعاليمه، ولكنه جابه معارضة
صارخة من أولئك الذين يعتقدون أنه يستخدم المدينة فقط وسيلة لتحقيق مهمة أكبر، وهي
المهمة التي يبدو أنها لا تعير أدنى اهتمام لما يعانيه الفلسطينيون وما يشكون منه،
سواء منهم من كان يعيش داخل إسرائيل في أماكن مثل الناصرة أو من كان يعيش منهم تحت
نير الاحتلال.
لاحظت الفصائل السياسية داخل الناصرة أن جوشوا "لديه ارتباطات
بدوائر اليمين المتطرف والمستوطنين في إسرائيل". ويقال إنه أجرى لقاءات بهدف
فتح عمليات في وادي الأردن، الذي يعتقد أنه المكان الذي عُمد فيه يسوع، والذي يشكل
في نفس الوقت العمود الفقري الزراعي للضفة الغربية. فهذه المنطقة لم تلبث تُستهدف
من قبل حكومة بنجامين نتنياهو اليمينية المتطرفة لتوسيع الاستيطان فيها بل ولضمها
إن أمكن، وبذلك يتم القضاء بشكل نهائي على فرص إقامة دولة فلسطينية.
تصور لموقعة أرماجيدون (المعركة الفاصلة)
خلال زياراته إلى إسرائيل، يتمتع جوشوا بيسر التواصل مع شخصيات بارزة
في الحكومة مثل ياريف ليفين، أحد أقرب حلفاء نتنياهو، والمكلف بملفين يعتبرهما
الإنجيليون من أهم وأخطر الملفات، ألا وهما السياحة واستيعاب المهاجرين الجدد
الوافدين من الولايات المتحدة وأوروبا.
يعتقد الكثيرون من الإنجيليين بما في ذلك جوشوا نفسه أن من واجبهم
تشجيع اليهود على الانتقال من الأوطان التي يعيشون فيها حالياً إلى الأرض الموعودة
(أو أرض الميعاد)، وذلك للتعجيل بقدوم آخر الزمان الذي يفترض أن الكتاب المقدس
يبشر به.
تلك هي النشوة التي تتحقق عندما يعود يسوع لبناء مملكته على الأرض ثم
يُجلس إلى جانبه الأتقياء من المسيحيين. وأما الآخرون، بما في ذلك اليهود الذين لا
يتوبون ولا يؤوبون، فسوف يكون مأواهم الجحيم، التي يحترقون فيها إلى الأبد.
يطل الجرف الذي يعلو فوق وايد جزريل حيث تجمهر جوشوا وحواريوه على تل
مجدو، الاسم الحديث لموقع معركة أمارجيدون الفاصلة التي ورد ذكرها في الكتاب
المقدس، وهو الموقع الذي يعتقد كثير من الإنجيليين بأنه سيشهد نهاية العالم
الوشيكة.
التعجيل بالبعثة الثانية
ليس هؤلاء المسيحيون مجرد مراقبين يتابعون تحقق الخطة الإلهية في
الكون، بل تراهم يشاركون بفعالية في التعجيل بتحققها.
لا يمكن في واقع الأمر إدراك مآسي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني – من
سفك دماء على مدى عقود واللجوء إلى العنف في استعمار فلسطين وطرد أهلها منها –
بمعزل عن تدخل زعماء المسيحية في الغرب في شؤون الشرق الأوسط على مدى ما يقرب من
قرن. بل إن هؤلاء هم الذين هندسوا وأنشأوا إسرائيل التي نراها اليوم ماثلة أمامنا.
ولا أدل على ذلك من أن طلائع الصهاينة لم يكونوا يهوداً بل كانوا
مسيحيين. ففي مطلع القرن التاسع عشر، نشأت حركة صهيونية مسيحية قوية تعرف باسم
"التجديد"، فكانت سابقة في ذلك على نشأة الحركة الصهيونية اليهودية،
والتي كان لها أثر عميق فيها.
كانت لهؤلاء التجديديين قراءة شاذة للكتاب المقدس حيث اعتقدوا بناء
عليها بأن المجيء الثاني للمسيح يمكن التعجيل بها إذا ما عاد شعب الله المختار، أي
اليهود، إلى أرض الميعاد بعد ألفي عام من نفيهم المزعوم منها.
بدءاً من سبعينيات القرن التاسع عشر، جاب تشارلز تازه راسيل، وهو قس
أمريكي من بنسلفينيا، العالم وهو يناشد اليهود العمل على إقامة وطن قومي لهم فيما
كان حينها يسمى فلسطين، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين خرج على الناس بخطة تحدد كيفية
إقامة دولة يهودية هناك.
لقد فعل ذلك قبل عشرين عاماً من إصدار الصحفي اليهودي النمساوي تيودور
هيرتزل كتابه الشهير الذي يحدد فيه ملامح الدولة اليهودية.
لم يكن العلماني هيرتزل يعبأ بالموقع الذي ستقام فيه مثل هذه الدولة
اليهودية، بل إن أتباعه من بعد – وانطلاقاً من وعيهم بنفوذ الصهيونية المسيحية في
الغرب وسيطرتها على عواصمه – هم الذين ركزوا اهتمامهم على فلسطين، أرض الميعاد
بحسب ما ينسب إلى الكتاب المقدس، وذلك رجاء كسب حلفاء أقوياء في كل من أوروبا
والولايات المتحدة.
نداء تحشيد لأتباع هيرتزل
كان دعم بريطانيا الإمبريالية قيماً جداً. فقد نشر اللورد شافتسبري في
عام 1840 إعلاناً في صحيفة ذي لندن تايمز يحث فيه على عودة اليهود إلى فلسطين،
ويذكر أن شافتسبري كانت تربطه حينها علاقة مصاهرة باللورد بالمرستون الذي تولى
فيما بعد منصب رئيس الوزراء في الحكومة البريطانية.
كانت الصهيونية المسيحية عاملاً مهماً في التأثير على الحكومة
البريطانية وتحفيزها في عام 1917 على إصدار إعلان بلفور (وعد بلفور) – والذي مثل
فعلياً وثيقة عهد قطعته بريطانيا على نفسها، غدا فيما بعد خطة أولوية لإيجاد دولة
يهودية على أطلال السكان الأصليين للبلاد.
لدى كتابته عن إعلان بلفور، لاحظ المؤرخ الإسرائيلي طوم سيغيف ما يلي:
"كان الرجال الذين أنجبوه مسيحيين وصهاينة، وفي كثير من الأحوال، معادين
للسامية." والسبب من وراء ذلك أن الصهيونية المسيحية تقوم على فكرة أنه يتوجب
على اليهود عدم الاندماج في بلدانهم، بل عليهم بدلاً من ذلك أن يتحولوا إلى أدوات
لتحقيق إرادة الرب من خلال الانتقال إلى الشرق الأوسط من أجل أن يتمكن المسيحيون
من تحقيق الخلاص.
كان بومبيو صريحاً واضحاً إزاء معتقداته الإنجيلية منذ ما قبل دخوله الحكومة
يعمل الإنجيليون على تطوير علاقات أوثق مع المتطرفين من اليهود المتدينين في إسرائيل، وخاصة داخل المستوطنات
استفادت إسرائيل كما استفاد الغرب من الترويج لصورة الدولة اليهودية الجسورة التي يحيط بها العرب والمسلمون الهمج من كل مكان ويتأهبون لتدميرها
الصهاينة المسيحيين لا يرون المنطقة إلا من خلال منشور واحد ووحيد، يتمثل في أن كل ما يمكن أن يساعد في الوصول الوشيك للمسيح فهو أمر مرحب به