هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مركز أبحاث إسرائيلي في تقدير استراتيجي له، أن الجهود التي تبذلها "إسرائيل" لمنع التواجد الإيراني في سوريا "متعثرة"، محذرا من قيام "تل أبيب" بوضع مصالحها في سلة روسيا "المثقوبة".
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده تسفي ميغن وأودي ديكل، أنه "في الأول من تموز/ يوليو الجاري؛ أي بعد أسبوع من لقاء مستشاري الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، الروسي نيكولاي بتروشيف والإسرائيلي مئير بن شبات في القدس، تم تنفيذ هجومين؛ أحدهما نسب لإسرائيل ضد أهداف إيرانية في سوريا، والثاني نسب لواشنطن استهدف لقاء لنشطاء القاعدة في حلب".
وذكر أن الهجمات "نفذت في المنطقة المحمية من قبل أنظمة الدفاع الروسي دون رد روسي"، متسائلا: "هل عرض في اللقاء الثلاثي أهداف الهجوم على الروس؟".
ونوه بأن "الهجمات تمت في الوقت الذي تواصل إسرائيل إظهار التصميم على إحباط التواجد الإيراني في سوريا، وجهود نقل الوسائل القتالية لحزب الله، وفي المقابل، إيران مصممة على عدم التنازل وتواصل جهودها بسوريا، بهدف بناء قدرات عسكرية تهدد مباشرة إسرائيل، وتحسن تعظيم نظام الصواريخ لحزب الله".
وفي تقرير نشرته بعنوان "نظرة عليا"، لفت إلى أن "اللقاء الاستثنائي لمستشاري الأمن الذي تم عقده في 24 حزيران الماضي، أبرز مكانة إسرائيل كلاعبة مؤثرة في الساحة الإقليمية والدولية"، مضيفا: "اللقاء الذي لم تسرب تفاصيله، يمكن التقدير أنه بحت في مواضيع تتعلق بعلاقات روسيا وأمريكا، إيران ومستقبل سوريا".
وأكد المركز أن "الهجوم الإسرائيلي برهن أنه حتى لو كانت هناك تفاهمات في لقاء مستشاري الأمن، فهي لن تؤدي لنتائج فورية"، مقدرا أن "طلب تل أبيب الأساسي من واشنطن هو إخراج إيران من سوريا، وفي المقابل، طلب المستشار الروسي رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن روسيا، والموافقة على بقاء بشار الأسد في الرئاسة".
ورأى أنه "لم يتم إغلاق الصفقة التي ستضعف العلاقة بين موسكو وطهران، وتقلص وجود إيران في سوريا، كما أن رفض موسكو بيع طهران أنظمة دفاع جوية متقدمة وغياب رد روسي على الهجمات الإسرائيلية في سوريا، إشارة لواشنطن بأن روسيا مستعدة لصفقة شاملة".
وبينت أن "أوراق سياسية نشرت مؤخرا، تكشف استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيع إيران، والاستجابة لطلبات أمريكا وإسرائيل بإخراج إيران من سوريا. وعلى المستوى العلني، هناك خلافات بين الدول العظمى حول ذلك، فمن أقوال بتروشيف قبل وأثناء اللقاء، ظهرت صورة لدعم روسي لطهران؛ وهذا أمر يثير الاستغراب".
ورأى أن "مصلحة الدولتين في التوصل لتنسيق في المواقف والتعاون في حل الأزمة الإيرانية، حتى في المجال النووي؛ أي محاولة فرضهما اتفاقا نوويا محددا على إيران، وتقليل نفوذها في الشرق الأوسط"، موضحا أن الهجمات الإسرائيلية في سوريا بالنسبة لبتروشيف "غير مرغوب فيها، حيث يمكن حل القلق الإسرائيلي بوسائل غير عسكرية".
وألمح التقدير الإسرائيلي إلى وجود "اتفاق روسي أمريكي للعمل والتعاون للدفع قدما بتسوية سياسية، الأمر الذي يجعل المنتديات الدولية القائمة غير ذات صلة (الأستانة وجنيف)، حيث تجري فيها محاولات لاستقرار سوريا".
وزعم أن "دور إسرائيل في هذا السياق ليس واضحا، مع وجود تفاهمات بين روسيا وإسرائيل لمنع مواجهات عسكرية بينهما في سوريا، واستراتيجية لإبعاد القوات الإيرانية مسافة 100 كم عن الحدود في هضبة الجولان، وتسليم إسرائيل فعليا بأن نظام الأسد هو المنتصر في الحرب الأهلية، والوحيد الذي يمكنه تثبيت النظام هناك".
ونبه إلى أنه "إلى جانب التنسيق مع روسيا، هناك إدراك أمريكي بوجوب التدخل في جهود التسوية في سوريا"، مؤكدا أن "المنطقة الكردية التي تبلغ ثلث مساحة سوريا وتحكمها القوات الديمقراطية السورية المدعومة أمريكيا، تقع في قلب المصالح الأمريكية.
وتابع: "المليشيات الكردية تسيطر على معظم منطقة الحدود بين العراق وسوريا، وهي ذخر استراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل في كفاحهما لمنع إقامة جسر بري من طهران حتى البحر المتوسط"، منوها بأن "الصورة المركبة الآخذة في التبلور تنضم إليها تركيا التي أعلنت أنها لن تسمح بأي حكم ذاتي للأكراد في شمال وشرق سوريا".
وخلص التقدير إلى أن هناك "صورة مضللة ومتعددة الوجوه، وما زال هناك عدد من الأمور التي يجب استخلاصها، و من الواضح أن لقاء مستشاري الأمن كان مرحلة أولى في تجدد التعاون بين موسكو وواشنطن بعد نجاة ترامب من لجنة تحقيق المدعي العام الخاص، روبرت مولر".
وذكر المركز، أن "هدف اللقاء كان تنسيق جدول الأعمال للقاء في أوساكا، وبالتحديد بخصوص الموضوع السوري، في محاولة للضغط على موسكو لتقليص المساعدات المقدمة لإيران، ودعمها لها مقابل تخفيف العقوبات الغربية المفروضة عليها"، مشيرا إلى أن "روسيا تعمل على تأطير نفسها كوسيطة بين أمريكا وإيران في معظم المواضيع".
ومن تصريحات المستشار بتروشيف، التي قدر فيها أنه "يمكن حل المشكلة مع إيران دون استخدام الوسائل العسكرية"، يمكن استنتاج أن "موسكو تريد أن تعمل وسيطا لنقل الرسائل ومنع تقديرات خاطئة بين تل أبيب وطهران".
واستبعد التقدير الإسرائيلي أن "تمنح واشنطن موسكو دورا رئيسيا في التنسيق مع إيران، خاصة بين تل أبيب وطهران"، مؤكدا أن "الشك الكبير في الغرب بالنسبة لروسيا لا يسمح بمنحها دورا رئيسيا في وضع تسوية إقليمية في الشرق الأوسط، رغم أنه لا يمكن إجراء تسوية دون روسيا".
وشدد المركز على ضرورة أن "تمتنع إسرائيل عن وضع كل مصالحها في سلة روسيا المثقوبة، كما يجب عليها زيادة استعدادها إزاء التحدي الإيراني".
وقدر أن "ثقة إيران بنفسها مهزوزة، من جهة تتزايد المخاوف في طهران من بيعها في المزاد من جانب الغرب وروسيا أيضا، ومن جهة أخرى، ايران خرجت قوية على ضوء غياب رد عسكري أمريكي، سواء على خطواتها في الخليج أو خرق الاتفاق النووي".
ونبه التقدير بأن "إيران تنتظر الفرصة الصحيحة بالنسبة لها من أجل العمل، فهي استخدمت المليشيات التابعة لها في سوريا لمهاجمة إسرائيل بسلاح عالي المستوى، كما أنها يمكن أن تستغل فشل الوساطة الأمريكية لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان؛ لتشجيع حزب الله على الرد بالقوة على هجمات إسرائيل في المستقبل".