هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "الأوردن
مونديال" الإسباني تقريرا تحدث فيه عن التغييرات الجذرية التي طرأت على
العلاقات الثنائية التي تربط بين إسرائيل ومصر خاصة منذ إبرام معاهدة السلام بين البلدين سنة 1977.
وقال الموقع في
التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مصر لطالما كانت عقبة في طريق
المخططات الإسرائيلية، حيث عاشا البلدين على وقع الكثير من الحروب وعقود من التوتر
بسبب دفاع مصر المستميت عن الشعب الفلسطيني، الأمر الذي جعل مصر العدو العربي
الأول لإسرائيل. ولكن، تغيرت هذه العلاقة المشحونة منذ أربعين سنة أي منذ التوصل
إلى حل معاهدة السلام بين البلدين لتصبح أكثر العلاقات تقاربا وصداقة. ومنذ ذلك
الحين، أصبحت الروابط المصرية مع إسرائيل واحدة من أكثر التحالفات التي لا جدال
فيها في الشرق الأوسط.
وأضاف الموقع أن مصر،
إلى جانب بقية دول جامعة الدول العربية، قررت مهاجمة دولة إسرائيل الجديدة إثر
قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، الصادر عن الجمعية العامة للأمم
المتحدة. وقد حظيت هذه المبادرة بدعم شعبي واسع مشحون بروح الوحدة العربية التي
كانت في مراحل ذروتها.
وعلى الرغم من العواقب الوخيمة لهذه القرار العربي، إلا أنه
كان العامل الرئيسي لتوحيد مواقف الدول العربية ضد المشروع الإسرائيلي. ومع ذلك،
فإن الدولة المصرية نفسها التي رفضت في الأربعينيات من القرن الماضي بواسطة السلاح
الاعتراف بالدولة التي فرضتها أجندات أجنبية، أصبحت تعتبر اليوم واحدة من أعظم
حلفاء إسرائيل الإقليميين.
وذكر الموقع أن جميع
الدول المجاورة لإسرائيل، على غرار مصر وسوريا ولبنان والأردن فضلا عن جيش الإنقاذ
الذي تشكل من المتطوعين المنحدرين من عدة بلدان عربية تحت قيادة جامعة الدول
العربية والقوات العسكرية التابعة للمملكة العربية السعودية واليمن والعراق هاجمت إسرائيل
بعد مرور عشر ساعات من إعلان ديفيد بن غوريون قيام الدولة الإسرائيلية.
وعموما، خلّفت الحرب
العربية الإسرائيلية سنة 1948 العديد من الأزمات الأخرى بين الطرفين، على غرار
العدوان الثلاثي أو كما تسمى كذلك بحرب 1956 والتي اندلعت في عهد جمال عبد الناصر
إثر إعلانه ضرورة تأمين قناة السويس. والجدير بالذكر أن مصر لم تخض هذه الحرب ضد
فرنسا وبريطانيا فقط، وهي القوى التي كانت تسيطر على القناة في ذلك الوقت، ولكنها
واجهت كذلك إسرائيل.
وأشار الموقع إلى أن
حرب 1956 لم تكن الحلقة الأخيرة في الصراع المصري الإسرائيلي، حيث اندلعت حرب
الستة أيام سنة 1967 أو كما تعرف في مصر باسم نكسة 67 على خلفية القرار المصري
الذي يدعو إلى طرد قوات الأمم المتحدة من سيناء وإغلاق مضيق تيران. وفي الواقع،
مثلت هذه الحرب هزيمة مدوية وإهانة كبيرة للعرب في حين أحرزت إسرائيل تقدما على
حدود الشرق الأوسط، حيث تمكنت من احتلال سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان
السوري. ولعل خسارة الدول العربية لهذه المناطق يعتبر أحد الانتصارات الاستراتيجية
الأكثر أهمية بالنسبة للدولة العبرية. وبعد مرور عدة سنوات، شنت كل من مصر وسوريا
ما يعرف باسم حرب أكتوبر على إسرائيل سنة 1973 من أجل استرجاع الأراضي التي
افتكتها إسرائيل سنة 1967.
اقرأ أيضا: الدقيقة الـ73.. للهتاف ضد "إسرائيل" بمدرجات كأس أفريقيا
وبيّن الموقع أن حرب
1973 انتهت بهزيمة عربية على الرغم من أن إسرائيل قدمت عدة تنازلات في سيناء لصالح
مصر. ومن هذا المنطلق، تغيرت الأولويات المصرية، حيث أصبحت تسعى بالأساس إلى
استعادة أراضيها المفقودة وبدأت تقترب من القوى الغربية وتنأى بنفسها عن الجهات
الفاعلة الأخرى في الشرق الأوسط. من جهة أخرى، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل شهدت
العلاقات المصرية الإسرائيلية تغييرا جذريا إثر زيارة محمد أنور السادات، الرئيس
المصري آنذاك إلى إسرائيل سنة 1977، بعد مرور 29 سنة من علاقة تسودها المشاحنات
والتوتر. في بداية حكمه سنة 1970، حافظ السادات على موجة العداء والرفض لإسرائيل
ولكنه اضطر إلى تغيير موقفه سريعا بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد.
ونوه الموقع بأن
التقارب بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية يعد حجر الأساس في بناء العلاقة
الجديدة بين إسرائيل ومصر، وأصبح السادات أول زعيم عربي يزور القدس. وفي هذا
السياق، عززت الولايات المتحدة دورها السياسي في الشرق الأوسط خاصة بعد أن فقد الاتحاد
السوفييتي وزنه في المنطقة، الأمر الذي جعل روسيا لم تعد تبدي اهتماما كبيرا
بالنزاع العربي الإسرائيلي. ومن جهتها، عملت الولايات المتحدة على التقرب من
السادات مما ساهم في عدم تغيير مصر لسياستها الخارجية والتي ستتوج باتفاقية كامب
ديفيد وتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية سنة 1979. ومع ذلك، يعتبر استعادة سيناء انتصارا كبيرا لصالح
مصر لأنها منطقة ذات أهمية استراتيجية قصوى وأصبحت في الوقت ذاته بالنسبة لإسرائيل
مصدرًا للطاقة وتعزيز للعلاقات الخارجية.
اقرأ أيضا: إسرائيل تكشف عن جواسيس لها بسيناء.. وخبراء مصريون يحذرون
وأفاد الموقع أن
إسرائيل استفادت من اكتشافها لعدد من آبار النفط في سيناء وإحالة عدد منهم إلى
شركات أمريكية، حيث عززت إسرائيل علاقتها مع الولايات المتحدة بفضل هذه المبادرة،
الأمر الذي جعلها تعد شريكا اقتصاديا ذو ثقل. في المقابل، اعتبرت جامعة الدول
العربية أن علاقة الصداقة الجديدة التي جمعت بين مصر وإسرائيل حركة أحادية الجانب
وضعت جانبا القضية الفلسطينية المشتركة وهو ما يعد بمثابة خيانة مصرية للعالم
العربي بأسره. وقد وُجهت اتهامات إلى السادات بأنه يسعى فقط لاستعادة الأراضي
المصرية وقد وانتهى الأمر بعزل مصر إقليميا وتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية.
وفي الختام، أضاف
الموقع أن الكثير من الدول العربية سارت على المسار الجيوسياسي الذي اتبعه السادات
في العقود التالية، على الرغم من اغتياله سنة 1981. وإثر عودة مصر إلى جامعة
الدولة العربية بعد مرور عشر سنوات، أصبح الموقف الذي تبنته قديما وغير محرج، خاصة
بعد توالي عمليات السلام والتفاوض بين إسرائيل وجملة من الدول العربية، على غرار
مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991، واتفاقات أوسلو سنة 1993 بالإضافة إلى الاجتماعات
العديدة التي عقدت خلال التسعينيات بين إسرائيل وسوريا ومعاهدة السلام الأردنية
الإسرائيلية سنة 1994.