هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلن بعض رموز تيار الحركة المدنية والمعارضة المصرية في الداخل رفضها لدعوة جماعة الإخوان المسلمين للجلوس إلى مائدة حوار عامة، ووصفوا الدعوة بمثابة "الاصطياد في الماء العكر".
وجددوا في تصريحات لـ"عربي21" مواقفهم الرافضة للتحالف مع الجماعة تحت أي مسمى، وفي أي ظروف؛ لأن ما بينهم هو خلاف رئيسي حول هوية ومفهوم الدولة، وليس اختلافا سياسيا.
واتهموا الجماعة باستغلال التوتر الموجود بين المعارضة الوطنية من جهة، وبين النظام الحاكم من جهة أخرى، والتي يستغلها النظام في التأليب عليهم، واتهامهم بالتنسيق أو التحالف معهم.
و"الحركة المدنية الديمقراطية" هي حركة وطنية معارضة، دشنتها قوى سياسية معارضة مكونة من 150 شخصية عامة وسياسية، بمقر حزب الكرامة، في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2017.
وكانت جماعة الإخوان دعت من وصفتهم بـ"الحريصين على مستقبل مصر بكل توجهاتهم وانتماءاتهم" إلى مائدة حوار عامة، "يتم خلالها الاتفاق على خريطة عمل، يلتزم الجميع بمقتضاها بالعمل على تقوية اللحمة الوطنية، والتحرك على قلب رجل واحد لكسر الانقلاب".
وفي بيان لها وصل "عربي21" نسخة منه، شدّدت الجماعة على ضرورة "إعادة المؤسسة العسكرية إلى مهمتها الأساسية، والحفاظ على أرض مصر ونيلها وثرواتها وتراثها، واسترداد ما تم التفريط فيه منها، ومحاكمة المفسدين والمجرمين بحق الوطن وأبنائه أمام قضاء عادل".
رفض الدعوة
ورفض الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء الدين، دعوة جماعة الإخوان للجلوس إلى مائدة واحدة والاصطفاف حول مبادئ مشتركة، قائلا: "نحن نرفض مشروع الجماعة جملة وتفصيلا؛ لأنه يتناقض مع مفهوم الوطنية المصرية، ولا يمثل الشعب المصري، ولا يتوافق مع حضارته وتكوينه الفكري والاجتماعي".
وأكد لـ"عربي21" أن "أي محاولة للجلوس مع الإخوان (الإرهابية) هي خيانة لدم الوطن في مصر"، مشيرا إلى أن "الجماعة في كل يوم تثبت أن أجندتها تخدم المصالح الغربية، ودعوتها تأتي بعد شعورها بأزمتها، وأنها فشلت في محاولة فرض نفسها بالقوة معتمدة على دعم أمريكا والغرب وقطر وتركيا، وهذا الفشل ليس بسبب صراعها مع الدولة، إنما انكشافها أمام المواطنين المصريين".
ورأى أن الجماعة "تحاول استغلال الأزمة بين القوى السياسية التي اصطفت ضدهم تحت مسمى جبهة الإنقاذ، ولعبت دورا كبيرا في إسقاط حكمهم، وبين النظام الحالي؛ هذا الأمر أعطى (جماعة) الإخوان تصورا أنها قادرة على الاصطياد في الماء العكر، وأنها قادرة على تلميع صورتها، ولكن باختصار: خلافنا مع النظام هو حول مصالح هذا الوطن ومستقبله، إنما خلافنا مع الإخوان هو خلاف عميق حول هوية ومفهوم الدولة المصرية".
واعتبر بهاء الدين أن "السياسة ماتت في مصر بعد 30 يونيو، حيث تم فض جبهة الإنقاذ، وأزيحت كل القوى الوطنية من صدارة المشهد، وبالذات التي لعبت دورا في ثورة 25 يناير. أصبحت ثورة مشوهة، ومؤامرة أجنبية، وتمت شيطنتها؛ ما أدى إلى استبعاد ملايين الشباب وكل القوى المدنية تقريبا".
وحمل النظام القائم في جانب من سلوكه تجاه الأحزاب السياسية المحاصرة مسؤولية ما يجري، قائلا: "النظام مسؤول عن معاناة تلك الأحزاب، باستثناء بعض الأحزاب التي تحاول إعادة الحزب الوطني (المنحل)"، مؤكدا أنهم كقوى مدنية معارضة "نناضل ونقاوم ونعارض من موقعنا في مصر كأي معارضة وطنية، أما من يعارض من لندن وجنيف واسطنبول فليس لهم الحق في فرض أي برنامج للعمل، ونتحرك رغم ذلك في حدود المتاح".
موقف الحركة المدنية
القيادي بالحركة المدنية، رئيس حزب الكرامة، محمد سامي، قال لـ"عربي21": "موقفنا كان وما يزال ضد الإخوان من منطلق أصيل؛ هو خلاف حول مفهوم الدولة والوطن، وليس مجرد خلاف سياسي يمكن معه التصالح، وهو أمر مرفوض؛ لأن للإخوان رؤية مختلفة تماما ضد الوطن وضد انتماء الوطن، وضد ما يسمى مقتضيات الأمن الوطني المصري"
وأضاف: "الأمر الآخر أن الإخوان تبنوا منطقا فيه تخريب وتدمير، وفيه إيذاء لأبناء الشعب المصري، بما فيهم الجيش والشرطة والمواطنون، وكل من تعرض لهم، ارتكب جريمة يحاسب ويساءل عليها قضائيا"، مشيرا إلى أن "خلافنا ليس سياسيا، إنما خلاف أصيل حول الهوية المصرية بكل صورها وأشكالها".
وكشف أن "هذا الموقف يمثل الحركة المدنية؛ لأننا في الوثيقة المزمع إصدارها، التي وقعنا عليها عند تدشين الحركة، نرفض أن تمتد أيدينا لمن تلوثت يداه بدماء المصريين، أو من تلوثت ذمته بالفساد"، لافتا إلى أن "الإخوان يمتلكون قدرا من الدهاء والمكر؛ حيث يحاولون استغلال أزمة المعارضة بالنظام من خلال ما يمكن أن يكون إيحاء للنظام بأن منا من يقبل هذا العرض، أو منا من قد يتعاطف مع هذه الدعوة، فيبدو الأمر أن مواقف النظام ضد المعارضة هي مواقف مبنية على أساس علاقتهم بالإخوان".
ونفى سامي أن يكون موقفهم الرافض "نابعا من الخوف من النظام، إنما مرده رفض التحالف مع الإخوان بسبب ما يعتقدونه من أفكار، ولا علاقة لنا بالإخوان، ولا ننسق معهم، ولا نراهم جديرين بالتعبير عن آمال الشعب، ولا يمكن اعتبارها قوى سياسية يمكن التعامل معها".
وانتقد السياسي المصري الدكتور محمد عماد صابر، رفض بعض قيادات المعارضة المدنية الحوار مع الجماعة، مؤكدا أن مشكلتهم الأساسية مع الإسلام السياسي الرافض للحكم العسكري والوصاية الخارجية.
صابر، عضو لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان 2012،
قال في رده لـ"عربي21": "أن الحركة المدنية الديمقراطية "لا
يمثلون إلا أنفسهم، وليس لديهم أزمة مع استمرار السيسي، والحكم العسكري، طالما
حافظوا على مكتسباتهم الخاصة".
وأضاف أن "رموز هذه المعارضة شاركت
بانقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، ودعمت الحل الدموي في فض اعتصام رابعة العدوية، طمعا
بأن تكون الوريث الطبيعي لكل من الحزب الوطني والإخوان المسلمين".
وأكد لـ"عربي21" أن "تركيبة ما
يسمى بالمعارضة في الداخل الآن، تجعلها أضعف من أن تقود الشارع المصري، في أي حراك
جماهيري، بعد أن أصبحت عارية تماما نتيجة سقوط غطاء الحشد الشعبي".
وأوضح أن "مكونات جبهة الإنقاذ التي قادت
المعارضة خلال حكم الرئيس محمد مرسي، تحولت الآن لأحزاب على الورق، ثم شكلت ما
يسمى بالحركة (المدنية الديمقراطية) والتي تضم ثمانية أحزاب كارتونية كاريكاتورية.
وقال عضو برلمان الثورة، "إن هذه القوى
السياسية الفاشلة والفاشستية دعت للخروج على الحكم المدني المنتخب، وعملت على
إسقاطه، لأنه يعمل على تأسيس الدولة المدنية، وسلمت الحكم المدني للسلطة العسكرية،
وسلمت الثورة للثورة المضادة".