هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على مآل حملة المشير خليفة حفتر على طرابلس بعد مرور ثلاثة أشهر على إطلاقها، وعلى السبل التي قد يتبعها من أجل الصمود.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد ثلاثة أشهر من شن الهجوم على طرابلس، خسر أمير الحرب مدينة غريان ووجد نفسه محاصرًا. لقد فَقَد المشير حفتر جزءا من الأراضي التي يسيطر عليها وربما القليل من هدوء أعصابه أيضا. وفي الليلة الفاصلة بين يومي الثلاثاء والأربعاء، استهدفت غارات جوية مركز احتجاز في ضواحي طرابلس، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى.
وأوضحت الصحيفة أنه رغم عدم صياغة أي اعتراض رسمي إلى الآن، إلا أن الجميع يحمّلون أمير الحرب حفتر مسؤولية هذا الحادث. وقبل ذلك ببضعة أيام، وتحديدا يوم 26 حزيران/ يونيو، عرف حفتر انتكاسة كبرى بسبب فقدان مدينة غريان، حيث أنشأ مركز قيادته.
ويعتبر هذا التراجع عائقا استراتيجيا أمام الجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر. فقد تمت السيطرة على المدينة، التي تقع على بعد 90 كيلومترا جنوب طرابلس، في مطلع نيسان/ أبريل، أي قبل ثلاثة أيام من الهجوم على العاصمة وحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، وهو الهجوم الذي أُطلق بتعلة الحرب على الإرهاب.
اقرأ أيضا: هكذا تحول حلم حفتر بطرابلس إلى كابوس.. 6 هزائم قاسية
وذكرت الصحيفة أن موقع غريان يسمح للجيش الوطني الليبي بتزويد جبهاته المختلفة في ضواحي طرابلس بالإمدادات. وكان هذا التراجع بمثابة إهانة حقيقية لخليفة حفتر وصدمة لمعنويات جيشه، حيث يمكن مشاهدة رجال منهزمين وصواريخ جافلن مضادة للدروع (من صنع أمريكي ومسلمة من طرف الإمارات العربية المتحدة) متروكة.
في المعسكر المقابل، أي معسكر حكومة الوفاق الوطني بطرابلس، يرتبط هذا النصر المذهل بعوامل عديدة. فقد تلقت قواته في البداية دعما من تركيا في شكل مركبات مسلحة، وأربع طائرات مسلحة على الأقل، مصحوبة على الأرجح برجال لقيادتها، كما استفادت من المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها أنقرة.
وبينت الصحيفة أن هذه المساعدة قد أثارت غضب المشير حفتر، الذي أمر يوم الجمعة باستهداف السفن والمصالح التركية، وحظر الرحلات الجوية القادمة والمتجهة نحو تركيا وإلقاء القبض على مواطنيها، علما بأن ستة أتراك احتجزوا لفترة قصيرة هذا الأحد. لكن، استفادت قوات حكومة الوفاق الوطني أيضًا من دعم سكان غريان لها، وتخفيف مراقبة الجيش الوطني الليبي للمدينة، الذي ركزت قواته على منطقة مطار طرابلس الدولي.
من المؤكد أن هذه الإهانة لعبت دورًا في تفجيرات الجيش الوطني الليبي الأخيرة في غريان، التي ربما نُفذت من أجل تدمير المعدات المتروكة، التي استهدفت كذلك مركز المهاجرين في تاجوراء.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في معهد كلينجندايل الهولندي، جلال حرشاوي، أن "الجزء البري لحملة الجيش الوطني الليبي بات مهددا. فقد لاذ مركز القيادة بالفرار وبات يتعين عليه إعادة إنشاء مركز جديد. لقد فعلوا ذلك في ترهونة (90 كيلومترا جنوب شرق طرابلس)، لكن لا يوجد هناك مهبط للطائرات مثل غريان من أجل توفير الإمدادات". وأضاف هذا الباحث أنه "حتى الآن، أظهر خليفة حفتر تحفظه. بعبارة أخرى، كان يتصرف مثل رجل مهذب، وها هو يبدو همجيا".
اقرأ أيضا: مجزرة بحق مهاجرين في ليبيا.. هل تؤدي لمحاكمة حفتر دوليا؟
ومن جهته، أشار اللواء محمد منفور، وهو "رجل الجو " لدى خليفة حفتر، إلى أنه "بعد استنفاد جميع الوسائل التقليدية" للاستيلاء على طرابلس، سيقوم الجيش الوطني الليبي من الآن فصاعدا بشن "غارات جوية قوية وحاسمة" ضد أهداف معينة.
وأوردت الصحيفة أنه بالنسبة لجلال حرشاوي، قد يكون قصف مركز احتجاز المهاجرين في الليلة الفاصلة بين يومي الثلاثاء والأربعاء اختبارًا؛ فقد "أراد خليفة حفتر رؤية ردود أفعال الولايات المتحدة، التي ردت دون ذكر مسؤول معين، وبالتالي، يعد هذا رهانا ناجحا لحفتر يمكن أن يعتبره منحا للضوء الأخضر".
وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه في الوقت الذي يواجه فيه المشير صعوبات على مستوى البر، يمكن لقواته الاستمرار في التواجد جوا. ووفقا لجلال حرشاوي "ستسمح له الهجمات الجوية بالبقاء ونسيان الإهانة التي لحقته. وسينتقل إلى مستوى أعلى وأكثر تدميرا، سيسمح له بإنقاذ صورته. بالنسبة لحفتر، يتعلق هذا الأمر بمسألة بقائه. يجب عليه الصمود، إلى أن تهب الدول التي تدعمه لنجدته".