أكد المفكر
العربي السوري الدكتور علي عقلة عرسان، أن العرب مدعوون، حتى لو كانوا في الرمق الأخير، إلى إعلان وتحرك إنقاذي مصيري، يرفضون بموجبه كل وجود لأجنبي في أرضهم، وكل تابع لأجنبي وموالٍ له في ديارهم، أياً كان موقع ذاك وادعاؤه وهدفه.
ودعا عرسان في
مقالة خص بها
"عربي21"، العرب إلى الحوار فيما بينهم من أجل المصالحة، وقال: "إن علينا وقف الاقتتال البيني، والدعوة لمصالحة عربية - عربية صادقة من خلال الحوار".
كما دعا عرسان، وهو من مدينة درعا التي منها انطلقت منها شرارة الثورة السورية في آذار (مارس) 2011، إلى توطيد أواصر الأخوة مع دول الجوار باستثناء
إسرائيل، وقال: "علينا بالحوار مع أخوتنا المسلمين الذين نختلف معهم، ومراعاة الوجود والحضور والأخوة والصداقات الحقيقية والجوار الجغرافي التاريخي للدول المستقرة زمانياً ومكانياً في هذه الأرض، ولا يدخل في ذلك بأي حال كيان الإرهاب الصهيوني العنصري (إسرائيل) العدو الأول للأمة العربية والدين / الإسلام، وللإنسانية والقيم".
وأضاف: "لا صديق لنا اليوم إلا أنفسنا أيها الناس، ولا مخرج لنا من الفخ الذي وقعنا وأوقعنا فيه إلا بوعينا لذلك، وتحركنا للخروج منه بوعي وعقل وعلم ومسؤولية وشجاعة وإجماع ووحدة صف وهدف".
وأشار عرسان، إلى أن الخاسر الأكبر في السنوات الأخيرة، هي القضية الفلسطينية، وقال: "كان الشعب العربي في أرجاء الوطن الكبير يصبر، ويضحي، ويحلُم، ويرفع راية فلسطين، ويسكت عن الظلم والظُّلام بانتظار زمن يتحقق فيه انتصار لقضية القضايا العربية، أعدل قضية وأكثر القضايا تضييعاً "قضية فلسطين"، يضحي من أجلها لتنتصر الأمة بتحريرها".
وأضاف: "لكن للأسف كل ما لاحظناه ونلاحظه، ما واكبناه ونواكبه، وما قرأناه ونستقرئه.. القضية تتراجع من مركزية إلى ثانوية، والساسة يتخلون عن إرادة الشعب في العمل من أجل التحرير، وكثير منهم يوالي العدو المحتل سراً أو علناً".
وانتقد سياسات التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي، وقال: "ما نراه ونلمسه اليوم من اختراقات سياسية واقتصادية يحققها على طريق النهب والتخويف والتطبيع، ويعلي بها أمنه وهيمنته وسيادته ومصالحه فوق أمننا وسيادتنا ومصالحنا.. ليس سوى بعض قمم جبل الجليد مما توغل فيه عبر ساسة وحلفاء وأتباع وعملاء شلوا قدرة الأمة على المواجهة والتمييز".
وتابع: "إن خوض معركة التحرير مع عدونا الصهيو ـ أمريكي الذي يحتل أرضنا، ويوغل في ذبحنا، ويهود فلسطيننا، ويدنس مقدساتنا، ويفتت صفوفنا، ويشعل النار في جسد أمتنا.. كل ذلك لم يصبح وراء ظهور كثرة منا فحسب، بل أصبح ذكره والتذكير به من المُستنكرات على لسان أولئك، ومن أسباب قطع الصلة بمن يذكُر ويذكِّر، وموجبات التحالف مع العدو، حسب ثوابت بعض الساسة وأدواتهم، ومن مقومات "السلام والازدهار؟!".
وطالب عرسان، الذي يعيش في العاصمة الموريتانية نواكشوط منذ عدة أعوام، الذين قال بأنه "يقايضون الأرض والشعب والقضايا المصيرية والسيادة العربية بوجودهم "ساسة وسادة وقادة"، والذين يقتلون الحرية والأحرار، والذين يقتلون معارضيهم والمختلفين معهم.. أن يكفوا عن العبث بالإنسان والحقوق، وبالأمة والقيم، ويتوقفوا عن قتل وعيها وإبداعها وأحرارها وأجيالها، وعن تدمير مستقبلها والمساهمة في إذلالها وإنهاء وجودها".
وأضاف: "عليهم أن يعوا أنه لا وجود لـ "سادة وقادة وقامات وهامات وإرادات" لهم خارج وجودها، إن كانت لهم المؤهلات لذلك، ولذا فإن عليهم أن يتراجعوا ويدخلوا دائرة وجود الأمة بانتماء صادق لها واقتدار على نفعها".
وناشد عرسا، الذي كان قد شغل لسنوات رئاسة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، العرب والمسلمين أن يعملوا لوقف شلالات الدم، وأن يكون الإنسان "موقفاً وخُلُقاً وقيمة" كما يليق بالإنسان"
وقال: "إنه لا يليق بنا وبأمتنا أن نكون تبعاً، ولا راجلين في ركاب راكبين، ولا محاربين لأنفسنا نأتمر بأمر مأمورين يحكمهم أعداؤنا، ولا أن نخوض بدمنا لنرضي أعداءنا وتابعيهم.. إن ذلك لا يليق بنا، ولا بأمتنا التي لها تاريخ وحضارة وهوية وعقيدة، وتضحيتنا ينبغي أن تكون من أجل كلِّ ما ينقذها ويرفعها ويخلصها مِن التبعية والانصياع للأعداء، وما يجعلها سيدة ذات خصوصية وفرادة"، على حد تعبيره.