هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد الأمين العام السابق لحزب المؤتمر الشعبي في السودان، إبراهيم السنوسي، أنه "لا توجد قوة سياسية قادرة على استئصال الحركة الإسلامية في السودان أو استبعادها أو تهميشها".
وأعلن السنوسي في حديث هو الأول له منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير، واختار "عربي21" لنشره، "انحياز المؤتمر الشعبي والحركة الإسلامية للثورة ومطالب الحرية"، مشددا على أن "الحريات مقصد أساسي دعت له الحركة الإسلامية ونمت في ظله".
وأشار السنوسي إلى "أن حكم الرئيس البشير منذ العام 1999، تاريخ الخلاف مع زعيم الحركة الإسلامية الراحل حسن الترابي، لم يكن يمثل الإسلاميين ولا توجهاتهم".
وأضاف: "لقد حاول بعض الشيوعيين من قادة قوى الحرية والتغيير استغلال الثورة التي أطاحت بحكم البشير للإساءة ليس للإسلاميين فحسب وإنما أيضا للإسلام كدين، وغدت ساحات الاعتصام مرتعا للفاحشة والإلحاد، والهجوم على الدين والمعتقدات بعد الهجوم على الإسلاميين".
وحمّل السنوسي، الذي كان مساعدا للرئيس البشير قبل الثورة، قادة الحزب الشيوعي وقوى الإصلاح والتغيير من القوى اليسارية المسؤولية عما جرى خلال فض اعتصام الخرطوم.
وقال: "نحن لا نوافق على قتل الناس، ولم نكن أصحاب رأي في فض اعتصام القيادة، وكما رفضنا فض اعتصام رابعة رفضنا ذات الأمر بالنسبة لاعتصام الخرطوم، على الرغم من الفرق الشاسع بين اعتصام رباني يراعي حرمات الله، وبين اعتصام ترتكب فيه الفواحش علنا".
إقرأ أيضا: سياسي سوداني: الإسلاميون أبرياء من فض اعتصام الخرطوم
وأكد السنوسي، أن سجل حكم الإنقاذ في السودان كان مشرقا، وأن كل المساوئ حصلت بعد الانحراف الذي جرى بانقلاب مجموعة القصر على الحركة الإسلامية.
وذكر "أن الإنقاذ جاءت عام 1989 ردا على محاولات الإقصاء التي عمل الشيوعيون يومها على تحويلها إلى أمر واقع، حين فرضوا على السيد الصادق المهدي يومها حل الحكومة التي كان الإسلاميون جزءا منها وتشكيل حكومة لا مكان فيها للإسلاميين، وتم إبعادهم".
وأضاف: "قوى الحرية والتغيير بتحريض من الحزب الشيوعي أرادوا تكرار ذات السيناريو اليوم، ضد الإسلاميين، وحاولوا أن يفرضوا رأيهم لقيادة لحكم السودان من دون تفويض، وهذا ما رفضه المجلس العسكري، الذي ظل محايدا وفوق الخلافات الحزبية".
وحول الدعوات المرفوعة ضد الإسلاميين لأنهم دعموا انقلاب الإنقاذ صائفة العام 1989، قال السنوسي: "نحن كقيادات للإنقاذ نفتخر بتاريخنا وبما قدمناه للسودان، سواء يوم كنا في الحكم قبل أن ينقلب علينا البشير ومن معه مما سمي بمجموعة القصر، أو حين تحولنا إلى المعارضة في المؤتمر الشعبي، ودفعنا ثمنا باهظا لذلك سجنا وتضييقا لم يقدمه قادة اليسار بما في ذلك الحزب الشيوعي نفسه، وبعض قادة قوى الحرية والتغيير".
وأضاف: "الانقلاب الذي نفذناه عام 1989 كان ردا على محاولات الإقصاء التي استهدفتنا، ثم إننا لم نكن الجهة الأولى التي نفذت انقلابا، فحزب الأمة هو المسؤول عن انقلاب عبود، والحزب الشيوعي هو المسؤول عن انقلاب 1969، وما بينهما من مجازر حصلت للمعارضين، ونحن أتينا بعد 78 انقلابا في إفريقيا، ولذلك نحن لا نخشى تاريخنا، بل نفتخر به، ومستعدون للدفاع عن سجلنا".
وتابع: "شخصيا أفتخر أنني حركة إسلامية، دخلتها في العام 1954 وأنا حافظ لكتاب الله، حين كان الشيوعيون يرتكبون كل المنكرات، فيها ناضلت وقاتلت وسجنت، وقد كان للحركة الإسلامية موقفها المشرف يوم اختلفت مع القصر أن انحازت لمبادئها، وكنت واحدا ممن دفعوا ثمن ذلك سجنا في عهد البشير، وبقينا 16 سنة في المعارضة".
على صعيد آخر أبدى السنوسي تفاؤلا حذرا ببوادر الاتفاق السياسي، الذي لاح اليوم في أفق الحياة السياسية، وقال: "اليوم بدأت الأمور تعود إلى مسيرتها الطبيعية، ودبت الحياة مجددا إلى مختلف أنحاء المدن السودانية، ولم يعد هنالك مكان لا للاعتصامات ولا للإضرابات ولا للعصيان المدني، وكل الأطراف اليوم متجهة للفعل السياسي، من خلال تشكيل حكومة وفاق والبدء بتنفيذ مرحلة انتقال ديمقراطي حقيقي، هي بالتأكيد في صالح الجميع".
وذكر السنوسي، أن "قضية إبعاد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير السودان ـ قطاع الشمال ياسر عرمان إلى جوبا لا علاقة له بالوضع السياسي، وإنما هو على خلفية قضية جنائية مرفوعة ضد عرمان نفسه".
وجوابا على سؤال وجهته له "عربي21" عما إذا كانت لديهم أي مخاوف من عهد الحرية الذي تبشر به ثورة السودان، قال السنوسي: "زعيمنا الدكتور حسن الترابي، الذي كتب عن الحرية ما لم يكتبه أكبر منظري الحريات في الغرب، كان يطمح قبل وفاته أن يحقق أمرين اثنين توحيد السودانيين حتى لا يحصل انفصال جديد في دارفر أو النيل الأزرق أو جنوب كردفان، ثم مواجهة محاولات التضييق على القيم الإسلامية، وقد أسس لذلك بإطار سياسي للحوار بين مختلف القوى السياسية، على أساسه اشترك 78 حزبا و36 حركة مسلحة في حكومة وفاق، ولولا أن حكم البشير البائد التف على مخرجات الحوار واستمر في خضوعه للوبيات الفساد لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه".
وأضاف: "لأجل ذلك نحن لا نخشى الحرية ولا نهابها، بل نحن من دعا إليها قولا وفعلا"، على حد تعبيره.
يذكر أن إبراهيم السنوسي المولود عام 1937، الذي كان يعتبر من أقرب القيادات الإسلامية إلى الراحل الدكتور حسن الترابي، درس القانون في جامعة القاهرة وشارك في العمل السياسي ضمن صفوف الحركة الإسلامية من خمسينات القرن الماضي.
في العام 2015 تولى السنوسي قيادة المؤتمر الشعبي بعد رحيل زعيمه الدكتور حسن الترابي، حتى قيام أول مؤتمر للحزب، حيث رفض الترشح لزعامته، التي تولاها علي الحاج.
بعد جولات من الحوار الوطني، تم التوصل إلى حكومة وفاق وطني، دخل بموجبها المؤتمر الشعبي في الحكم، وتم تعيينه مساعدا للرئيس عمر البشير.