هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشير التقارير الواردة من الغرب الليبي إلى تراجع قوات اللواء الليبي المنشق خليفة حفتر عن السيطرة على أماكن بالقرب من العاصمة طرابلس وأنه على وشك خسارة المعركة هناك بعد هزيمة قواته في أغلب المحاور وانسحابها وتحول قوات الحكومة من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم.
وفي المقابل، قال المتحدث باسم قوات حفتر إن قواتهم تسيطر على أماكن كثيرة في جنوب العاصمة وأن السيطرة الكاملة مسألة وقت، فيما اعتبره البعض محاولة للتضليل الإعلامي وفقط.
وفي سياق آخر، أكد تقرير نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية أن "حفتر يحاول نقل معاركه من طرابلس إلى الموانئ النفطية "إثر فشله في بسط سيطرته على العاصمة بعد أكثر من 50 يوما من بداية عدوانه".
ونقلت الصحيفة عن رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مصطفى صنع الله تحذيره "من تحول الصراع إلى معارك على النفط واستخدام الأطراف المتنازعة لأموال النفط لتغذية الحرب".
وأضاف: "في حال تقسيم القطاع النفطي فإن ليبيا ستُدمر، ومؤسسة النفط هي الصمغ الذي يجمع البلاد"، حسب وصفه.
وكشف صنع الله، وفق التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن "حفتر والحكومة الموازية في الشرق الليبي وقعا عقوداً مع شركات وهمية لبيع النفط الليبي بـ 55 دولاراً للبرميل وهو أقل من السعر المعترف به"، مضيفا أن "هذه الشركات موجودة في الإمارات ومصر، وهما الدولتان الداعمتان لحفتر بشكل رئيسي"، كما قال.
"خط أحمر"
ورغم أن "حفتر" يسيطر على أغلب الموانئ النفطية من حيث التأمين والحراسة إلا أنه لا يملك أي قرار يخص تصدير النفط أو التحكم في ذلك بعدما حاول أن يوقف التصدير من قبل إلا أنه لاقى ردود فعل دولية غاضبة وتهديدات مباشرة خاصة من الإدارة الأميركية ما دفعه للتراجع، كون النفط خط أحمر.
ويحاول الجنرال الليبي حاليا تعويض خسائر معركة طرابلس بفتح ملف تصدير المواد النفطية من جديد وإقحامه في الصراع العسكري الراهن، ما طرح تساؤلات من قبيل: هل يمكن لحفتر نقل المعركة من العاصمة إلى موانئ النفط؟
"مؤشرات وهجوم متوقع"
وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي ومستشار حفتر السياسي السابق، محمد بويصير أنه "بعد أن أصبح الدخول والسيطرة على العاصمة طرابلس غير عملي أو مجد، وكذلك استعداد قوات الوفاق لهجوم مضاد، فإن حفتر قد يقرر سحب قواته إلى شرق البلاد".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أنه "بهذه الخطوة سيحقق حفتر هدفين: الأول تقصير خطوط الإمداد لقواته، والثاني تواجده بالقرب من الحقول النفطية وخاصة في الوسط للدفاع عنها حال وقع الهجوم عليها وهذا متوقع"، كما قال.
من جهته، يقول الباحث الليبي في شؤون النفط، جمال سعيدان لـ"عربي21" إن "المجتمع الدولي حسم أمر كل من المصرف المركزي ومؤسسة النفط منذ شباط/فبراير 2011 وأنه يمنع التدخل في أمورهما، وقد حاول حفتر في عام 2018 المساس بتصدير النفط لكنه قابل هجمة شرسة ألجمته خاصة من قبل إدارة ترامب".
وأشار إلى أن "هزيمة الجنرال الليبي في العاصمة باتت وشيكة وأنه لن يكون له القدرة على المساس بالنفط كونه قوت الشعب الليبي لمواجهته دوليا ومحليا، وما يفعله الآن من تحركات تجاه الموانئ هي رقصة "الديك المذبوح""، حسب تعبيره.
"ورقة أخيرة مؤثرة"
إلى ذلك أكد الباحث الليبي، علي أبو زيد أنه "لا يمكن استبعاد استخدام حفتر لورقة الموانئ النفطية كون هناك مؤشرات تجعل حدوث هذا ممكناً، خاصة بعد تبرير نشرته الصحافة الفرنسية بعد لقاء "حفتر وماكرون" بأن الشرق الليبي لا يحظى بتقسيم عادل للثروة، وكأنه يلوح لاستخدام الموانئ كمصدر تمويل لقوات حفتر".
وتابع في حديثه لـ"عربي21": "حفتر يعاني حاليا من عزلة سياسية ولا يملك أي ورقة مؤثرة فيما يخص الجانب السياسي بعد أن فشل في السيطرة على العاصمة، لذا أعتقد أنه قد يستخدم المنشآت النفطية كورقة أخيرة في الصراع"، حسب تقديراته.
"أمر مستبعد"
في المقابل استبعد المحلل السياسي الليبي، إسماعيل المحيشي أن "يتم نقل الحرب من العاصمة إلى المنشآت النفطية الآن كون السوق الدولي في حاجة إلى تدفق الصادرات من النفط الليبي، وأن الأزمة الليبية لا تزال أزمة تداخلات لأطراف دولية وإقليمية هدفها إحداث فوضى هناك"، حسب زعمه.
واستدرك في حديث لـ"عربي21": "رغم كل هذا إلا أنه في حالة الحروب كل شيء وارد وخاصة في الصراع الليبي الذي يتزامن مع حالة صمت رهيب من قبل المجتمع الدولي خاصة من العدوان الأخير على العاصمة والذي يشير إلى دعم ما لهذا العدوان"، وفق قوله.
أين المجتمع الدولي؟
بدوره يرى الناشط السياسي الليبي، محمد خليل أن "تحركات حفتر المشبوهة" للاستيلاء على تصدير النفط يؤكد أن هدفه وداعميه من الحرب على طرابلس هو الاستيلاء على المؤسسات الحيوية في العاصمة مثل مؤسسة النفط والمصرف المركزي".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "حينما فشل في دخول العاصمة بدأ حفتر في إنشاء مؤسسات موازية لتصدير النفط خارج نطاق الشرعية، لكن المجتمع الدولي لن يسمح بهذا العبث وهو ما لا يدركه الأخير، لذا أتوقع نفاد صبر المجتمع الدولي إن حاول حفتر تصدير النفط خارج مؤسسة النفط الرسمية والشرعية".