هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ندّد سياسيون ونشطاء وحقوقيون استخدام أطراف وقوى أساسية في لبنان لغة عنصرية بحق اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، بما يعيد إلى الأذهان الصورة التي كان عليها لبنان قبل الحرب الأهلية، التي اندلعت في 13 نيسان/ إبريل 1975 واستمرت قرابة 16 عاما حاصدة 200 ألف قتيل وخسائر قدرت حينها بمليارات الدولارات.
وتصاعدت الانتقادات ضد وزير الخارجية اللبنانية جبران
باسيل على خلفية تغريدات وتصريحات طالبت في مضمونها بترحيل عاجل للاجئين
الفلسطينيين والسوريين، بالتزامن مع إطلاق التيار الوطني الحر الموالي لرئيس
الجمهورية، حملة لطرح قانون يحدّ من العمالة الوافدة في استهداف مباشر للاجئين
السوريين.
وأثارت تغريدة لباسيل على موقع في "تويتر"
ردود فعل شعبية وسياسية منددة، وقال رئيس التيار الوطني وصهر رئيس الجمهورية فيها:
"لقد كرّسنا مفهوما لانتمائنا اللبناني هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه
جينيّ وهو التفسير الوحيد لتشابهنا وتمايزنا معا، لتحملنا وتأقلمنا معا، لمرونتنا
وصلابتنا معا، ولقدرتنا على الدمج والاندماج معا من جهة، وعلى رفض النزوح واللجوء
معا من جهة أخرى".
واعتبر عضو المجلس القيادي في
الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم الحملات ضد الوجود الفلسطيني والسوري، بأنها
"إحياء لعنصرية قديمة ما زالت موجودة في أذهان ونفوس بعض الساسة والقوى في
لبنان".
واعتبر في تصريحات لـ"عربي21" أن
"الحملة التي يقودها الوزير باسيل وفريقه السياسي تنطلق من ذريعة التخوف من
تداعيات صفقة القرن التي حددت ورشتها سابقا في البحرين، وما يمكن أن تفرزه من
نتائج تخدم مشاريع التوطين، وقد رفع وتيرة حملته بعد انتهاء الحكومة من مشروع
الموازنة وإحالتها إلى مجلس النواب عبر خطوات وإجراءات تضييقية على اللاجيين
الفلسطينيين والسوريين بهدف ترحيلهم"، واصفا الحملة ضد اللاجئين بـ"العنصرية"،
ومؤكدا بأن الحزب التقدمي يواجه "هذه النوايا والخطوات لعنصريتها ولكونها تتناقض
ولا تعبر عن سياسة لبنان الرسمية المعتمدة في مجلس الوزراء".
واتهم أبو
كروم باسيل بمحاولة "رسم مسار مستقل لمجلس الوزراء وفق توجهاته، في حين تتطلب
قضية اللجوء بصفة عامة رؤية وطنية مشتركة جامعة يتوافق عليها جميع أركان
الحكومة".
وشدّد على أهمية دور رئيس الحكومة سعد الحريري في "ضبط حالات التفرد التي يقوم بها
باسيل"، مشيرا إلى أن وزير الخارجية "يستخدم في أهدافه أسلوبا شعبيا يستثير
به عواطف بعض الفئات، من خلال الحديث عن قطع أرزاق اللبنانيين بفعل اللجوء الموجود على
الأراضي اللبنانية، وهو ما يخالف الواقع حيث يستفيد لبنان من العمالة السورية في
العديد من القطاعات، عدا حصول الدولة على هبات ومساعدات دولية لتحمله جزءا من أعباء
اللاجئين على أرضه".
وعن سبب غياب "تيار المستقبل" و"حزب
الله" عن مشهد الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين على وقع استهدافهم
المتكرر من قبل التيار الوطني الحر، قال: "هناك فريق سياسي يحمل في سجل بيئته
الشعبية تاريخا طويلا في احتضان ودعم القضية الفلسطينية خلال مراحلها كافة، غير
أنّه قدم في الآونة الأخيرة تحالفه مع جبران باسيل على هذا السجل الطويل من
المساندة لنضال الفلسطينيين"، متابعا: "الفريق الآخر يصمت على ما يواجهه
الفلسطينيون من استهداف عنصري، بسبب الرغبة في إبقاء التسوية والتحالف قائما أيضا
مع باسيل وتيار رئيس الجمهورية"، وأكد أن الحزب التقدمي "ثابت على موقفه
الداعم للشعب الفلسطيني وحقه في العودة ويدعم ثوابته الوطنية، كما أنه يؤيد منح
الفلسطينيين في لبنان الحقوق الإنسانية في مواجهة المحاولات العنصرية بحقهم".
وعن تأثيرات الحملة ضد اللاجئين على مسار لجنة الحوار
الفلسطيني اللبناني التي تنوي طرح إعطاء الفلسطينيين الحقوق المدنية في الفترة
المقبلة، قال: "مصلحة القوى التقليدية إبقاء الوضع الفلسطيني غير مستقر لضمان
ترحيلهم عندما تتاح الفرصة المناسبة، وما طرحه رئيس الجمهورية مؤخرا له دلالة
واضحة في هذا السياق، حيث أشار إلى ضرورة توزيع اللاجئين على بلدان عدة".
ومن جهته، رأى رئيس المركز العربي للتضامن والتواصل معن
بشور أنّ لبنان يرزح تحت أوضاع صعبة تجسدها ظروفه الاقتصادية المتأزمة، وأيضا
مناخاته السياسية المتلبدة بأجواء العنصرية والتجاذبات والخلافات"، مردفا:
"هناك دفع خارجي لكي لا يستقر لبنان من خلال الانشغال بحروب وتأزمات داخلية وبهدف إبعاده عن دوره في الدفاع ودعم القضية الفلسطينية"، محذرا من أنّ
"الحروب أولها كلام يحظى على استحسان بيئة معينة، غير أنه يثير في الوقت عينه
أحقادا وغضبا عند بيئات أخرى، وبما يشكل أيضا تربة للغلو والتطرف والإرهاب ويمهد
لحروب أهلية".
ورأى في تصريحات لـ"عربي21" أن "محاربة
الإرهاب تبدأ بالتخلي عن اللغة العنصرية وبالاقتناع بأنّ على لبنان دورا في القضية
الفلسطينية، التي لا يمكن حلّها سوى بعودة اللاجئين إلى ديارهم عبر دعم خيارات
المقاومة بأشكالها كافة".
وتناول بشور التحريض على اللجوء السوري، قائلا:
"لم يأتوا إلى لبنان بإرادتهم، حتى إن بعض الساسة اللبنانيين الذين حرضوا على
هجرتهم من بلادهم سابقا، يقفون الآن موقفا
مختلفا ويطالبون بترحيل اللاجئين السوريين لأسباب عنصرية"، داعيا إلى التوافق
على دعم القضية الفلسطينية ومقاومتها، والتواصل مع الدولة السورية لتنسيق وضمان
عودة آمنة للاجئين السوريين".
اقرأ أيضا: سخط متزايد ضد جبران باسيل بعد تصريح وُصف بـ"العنصري"