نشرت صحيفة
"
ليبراسيون" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن نجاح دولة
قطر في تجاوز الحظر
الذي فرضته عليها دول الخليج، ولعبها دور الوساطة من أجل تجنب تصعيد جديد بين
السعودية وإيران.
وقالت الصحيفة، في تقريرها
الذي ترجمته "
عربي21"، إن رسالة "سيكون كل شيء على ما يرام"
المكتوبة بأحرف كبيرة ذهبية ومضيئة، تظهر لجميع الناظرين على كورنيش الدوحة. وعلى
واجهة معرض الرواق، يُعرض هذا العمل الفني الذي وقعه الفنان البريطاني مارتن كريد،
منذ السنة الماضية بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للحصار على قطر. وقد بدأت هذه
الدولة الخليجية الصغيرة، التي تمتلك أعلى دخل للفرد في العالم، تتعافى تدريجيا من
تداعيات الحظر الكلي الذي فرضه جيرانها العرب عليها في شهر حزيران/ يونيو 2017
بتهمة دعم الإرهاب.
وذكرت أن شعار "سيكون
كل شيء على ما يرام"، الذي يعد مطمئنا ومتحديا في الآن ذاته، بات مهما أكثر
من أي وقت مضى. وخلافا لكل التوقعات ومن خلال تعبئة ثروتها الضخمة، نجحت هذه
الإمارة التي تستورد 90 بالمئة من احتياجاتها من الغذاء والاستهلاك في مواجهة
العزلة. وبسرعة فائقة، تم إنشاء خطوط جوية وبحرية بديلة لتحل محل الحدود البرية
الوحيدة للدولة القطرية مع المملكة العربية السعودية التي تم إغلاقها.
كما هرع الموردون الجدد
لتعويض الموردين السابقين. ولم تتأثر التحضيرات لكأس العالم لكرة القدم المقرر
إجراؤه في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 2022 بالحصار. وقد جعلت
عبارة "تحول الحلم إلى حقيقة"، التي وردت في فيديو تم تداوله في الأماكن
العامة بالدوحة، القطريين في حالة من النشوة الجماعية.
وأوردت الصحيفة أن هذا
الانتصار قد يكون تحديا لجيران الإمارة الصغيرة الغاضبين. ويبدو أن قطر، تقلل من
شأن خطورة التوتر المحتمل بين الولايات المتحدة وإيران في الخليج. وتظهر هذه
الدولة في صورة "السيد العظيم" مقارنة بموقف السعودية والإمارات، المتسم
بعدم النضج والعدوانية.
وتواصل الصحافة الرسمية
استنكار التحالف بين إسرائيل والسعودية والإمارات، الذي من شأنه أن يؤدي إلى
اندلاع حرب. وقد وصل به الأمر إلى ترقب الخطوات التي ستقوم بها دول الخليج الكبرى
التي تهدد بإشعال المنطقة. لكن في مواجهة الأخطار الإقليمية المتزايدة، تواصل قطر
اعتماد أسلوب التوقع الذاتي القائم على مبدأ "سيكون كل شيء على ما
يرام".
ونقلت الصحيفة عن المتحدثة
باسم وزارة الخارجية القطرية لولوة رشيد الخاطر أن "الولايات المتحدة وإيران
تؤكدان أنهما لا ترغبان بخيار الحرب. ومن جهتنا، نحن لا نؤمن باحتمال عملية
عسكرية. وهذا لا يمنعنا من مراقبة الوضع المثير للقلق والتوتر المتزايد عن كثب.
وعلى غرار كل سكان الخليج الآخرين المهتمين بأمن المنطقة، لدينا بعض
المخاوف". وأضافت مبتسمة، معتمدة استراتيجية السكينة التي تتبناها بلادها:
"لكن ليس لدى قطر مخاوف خاصة أو استثنائية"، ذلك أنه لا داعي لخشيتها من
تدخل خصميها الرئيسين بشكل مباشر في سلامتها.
لقد تقربت قطر بالفعل من
إيران التي فتحت مجالها الجوي والبحري لها في أعقاب
الحصار الذي فرضه جيرانها. كما
تشعر قطر أنها محمية بشكل خاص بفضل وجود أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط
على أراضيها، التي تم إنشاؤها منذ التسعينيات في العديد، جنوب غرب العاصمة الدوحة.
ورغم القطيعة مع جيرانها، شاركت قطر في الأسابيع الأخيرة في اجتماعات ومناورات
مشتركة للقوات البحرية للأسطول الأمريكي الخامس رفقة الدول الخمس الأخرى الأعضاء
في مجلس التعاون الخليجي.
وأفادت الصحيفة بأن الأمير
تميم بن حمد آل ثاني دُعي للمشاركة في القمم الثلاث التي ستعقد يومي الخميس
والجمعة في مكة المكرمة. وبمبادرة من الملك سلمان، سيجتمع رؤساء دول الخليج، ثم
رؤساء جامعة الدول العربية والدول الإسلامية من أجل "اتخاذ موقف موحد بشأن
القضايا والأحداث الراهنة في جميع أنحاء العالم الإسلامي"، وذلك وفقًا للبيان
الرسمي لمنظمة التعاون الإسلامي. وبالنسبة للرياض، يتعلق الأمر الرئيسي بحشد
حلفائها ضد إيران في وقت يُضاعف فيه التوتر بين الولايات المتحدة والجمهورية
الإسلامية التهديدات التي قد تطال جميع بلدان المنطقة.
وفي محاولة لنزع فتيل
الأزمة في الخليج، عرضت عدة بلدان مساعيها الحميدة للتدخل بين الأمريكيين
والإيرانيين. وكانت اليابان، التي استقبلت مؤخرا دونالد ترامب، آخر هذه الأطراف
وأكثرها جدية. ومن المتوقع أن يؤدي رئيس وزرائها شينزو آبي زيارة إلى طهران قريبا.
وقد اقترحت سويسرا والعراق وحتى قطر سبل نقاش أخرى.
وفي الختام، بينت الصحيفة
أن قطر قد أرسلت وزير خارجيتها إلى طهران قبل أيام لتقديم عرض وساطته. ويعتبر هذا
الأمر طريقة اتبعتها الدوحة لتظهر في صورة حكيم المنطقة الذي يمتاز بعلاقات جيدة
مع جميع الأطراف. ومهما كان الثمن، "سيكون كل شيء على ما يرام". وتضيء
هذه الرسالة قبالة المتحف الجديد الذي صممه جان نوفيل والذي يحمل اسم "وردة
الصحراء" (قحوف الرمل).