هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ناشدت منظمات حقوقية وأسرة أحد القاصرين المحكوم عليه بالإعدام في مصر
من بين سبعة آخرين في قضية الهجوم على فندق الأهرامات الثلاثة، السلطات المصرية بوقف
تنفيذ الحكم.
وفي 6 نيسان/ أبريل؛ قضت محكمة جنايات الجيزة برئاسة قاضي الإعدامات الشهير،
ناجي شحاتة، بإحالة أوراق 7 متهمين إلى المفتي، لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهم، بقضية
"الهجوم على فندق الأهرامات الثلاثة بشارع الهرم".
كما حددت المحكمة، جلسة 22 حزيران/ يونيو لورود التقرير، وللنطق بالحكم
مع استمرار حبس المتهمين، من بينهم الطفل كريم حميدة علي حميدة يوسف، الطالب فى الصف
الثاني ثانوي، مواليد 12/11/1998
وتقول أسرته في حوار خاص لـ"عربي21" إنه "اعتقل في
11/1/2016، الساعة الثانية بعد منتصف الليل، بواسطة قوات الأمن الوطني وأمن الجيزة بكامل
أسلحتهم ومدرعاتهم من منزله بالعمرانية بمحافظة الجيزة، بزعم تورطه في قضية الهجوم على
فندق الأهرامات الثلاثة في 7 كانون الثاني/ يناير 2016".
وتضيف: "كان عمر كريم
وقت الاعتقال ووقوع الحادث 17 سنة وشهرين، ولم يظهر أمام نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس
إلا في 22/2/2016، أي إنه ظل مختفيا قسريا فى أروقة الأمن الوطني لمدة 42 يوما، تعرض
خلالها لتعذيب قاس ومروع".
"طرق جميع الأبواب"
وتؤكد الأسرة أنها طرقت جميع الأبواب "طلبا للرأفة والرحمة بحال
كريم"، وأنها أرسلت طلبات التماس إلى جميع المسؤولين في الدولة بإعادة النظر في
القضية، وراسلت النائب العام، ووزيري العدل، والداخلية، والمجلس القومي لحقوق الطفل،
"ولم نلق أي رد أو استجابة".
ووفق أوراق القضية، فقد أسندت النيابة العامة للمتهمين تهما بقيادة جماعة
أسست على خلاف القانون، وأمدوها بأسلحة وأموال، وهاجموا فندق الأهرامات الثلاثة، وحازوا
أسلحة نارية وذخائر، فضلا عن ارتكاب جرائم التجمهر، واستعمال القوة مع الشرطة وتخريب
الممتلكات.
وتقول أسرته إنه قبل النطق بالحكم، أخبرهم المحامون أن كريم لن يحكم عليه،
وسيحصل على البراءة لأنه قاصر، وكل الأدلة لا تتماشى مع سنه الصغير، "ولكن صدمنا
جميعا عندما تلقينا خبر توقيع حكم الإعدام عليه، وعندما تحدث المحامون إلى النيابة،
أخبروها أن يعلموا القاضي أن نجلنا حدث، لكنها أكدت لهم أن القاضي يعلم ذلك".
وانتقدت الأسرة تجاهل القاضي شهادة ابنهم، قائلة: "عندما سأله القاضي
عن التهمة الموجهة له، أكد أنه لم يرتكب أي فعل، وعندما واجهه بتوقيعه على الاعترافات،
أكد أنه وقع تحت التعذيب، وكشف للقاضي عن آثار التعذيب بالكهرباء والضرب، وطالب بتوقيع
الكشف الطبي عليه لإثبات الحالة، لكن القاضي ناجي شحاتة رفض".
"إعدام مراهق"
وبشأن دور المنظمات الحقوقية في مصر في إثارة القضية، تقول أسرته: "نلتمس العذر للمنظمات العاملة هنا بسبب الضغوط التي تمارس عليها، فالموقف الأمني
يلجم تحركاتهم بشكل كبير، ولكنا لا نفقد الأمل في حصوله على البراءة".
واستبعدت الأسرة أن يرد المفتي حكم المحكمة في إعدام نجلهم، قائلة:
"موقف المفتي تحصيل حاصل، ولا يمكنه تغيير شيء، فلو أرادت الدولة إعدامهم فلن
يحول شيء دون قرارها".
وتؤكد أسرته أن "كريم لا ينتمي لأي جماعة أو حزب، وكان فتى يدرس
في الصف الثاني ثانوي ليس له هم إلا الدراسة ومخالطة أقرانه واللعب واللهو معهم، ليس
له أي ميول دينية، أو سياسية، وكنا نعيب عليه تهاونه في أمور كثيرة، ونبهنا عليه مرارا
الالتفات إلى دراسته أكثر، وطالما نهرناه عن السهر مع أقرانه، فهو شاب مراهق لا يعرف
تيارات أو جماعات، ووالده كان عضو حزب وطني (حزب مبارك)، ويعمل مع عضو نواب في برلمان
مبارك السابق".
"ملابسات
اعتقاله"
وبشأن ملابسات ضمه إلى قضية فندق الأهرامات الثلاثة، تقول أسرته
"إن أول متهم في القضية، حسن إبراهيم، طلب منه ضابط أمن الدولة أن يدله على آخرين
من أجل إطلاق سراحه، ووقف الضابط بالمدرعة أسفل منزله، ووعده بفتح باب المدرعة، والسماح
له بالذهاب إلى منزله حرا في حال دله على خمسة آخرين، وكان الوعد من الضابط بمنزلة
طوق نجاة له بعد أسبوعين من الإخفاء القسري والتعذيب".
وتتابع: "فما كان منه إلا أن عدد له أسماء أصدقائه الذين يعرفهم،
وبالفعل ألقي القبض عليهم، وغرر الضابط بحسن ولم يطلق سراحه، وحصل على حكم بالإعدام،
وعندما ذكًر الضابط بوعده نهره، وانهال عليه بالسباب والشتائم ساخرا منه".
"فقير متهم بالتمويل"
وعن وضع الأسرة الاجتماعي، تقول الأسرة: "نحن فقراء نسكن في غرفة
واحدة في الدور الأخير من أحد العقارات، ملحق بها بهو ومطبخ وحمامان صغيران، ما ينقض
الاتهامات الموجهة لنجلنا بقيامه بتمويل الجماعات الإرهابية، ولما جاء أحد الأشخاص
من قبل القاضي ناجي شحاتة لمعاينة المكان تساءل أين المال إذا كانت الأسرة تسكن في
غرفة فوق السطح".
وكان كريم يعمل في مستوصف طبي ويساعد الممرضات في علاج المرضى وإعطائهم
الدواء والحقن وقياس ضغط الدم، وكان لا يتقاضى أجرا من البعض، ولم يعلم المرضى بقدره
إلا بعد اختفائه، كان يحاول مساعدة أسرته المكونة من سبعة إخوة.
"سقوط
العدالة"
وفي تعليقه على القضية، يقول الباحث الحقوقي في التنسيقية المصرية للحقوق
والحريات، أحمد العطار: "لقد كشفت القضية مدى القصور والعوار فى منظومة العدالة
فى مصر"، مشيرا إلى أن "بيانات المتهم الشخصية من اسم وسن ومحل إقامه، وطبيعة
الاتهام هي من بديهيات التحريات التي تقوم
بها الداخلية، مرورا بمحضر التحقيقات التي تقوم به النيابة، وصولا إلى القرار الأخير الذي يصدره قاضي محكمة الجنايات".
ويضيف لـ"عربي21": "بناء على التهمة والسن وقت ارتكاب
الجريمة، يحاكم كحدث أمام محكمة الطفل والأحداث إن كان قاصرا، أو يحاكم كمتهم بالغ
أمام محكمة الجنايات، لكنه رغم تقديم محامي كريم لصورة رسمية من شهادة ميلاده، التي
تثبت أن عمره وقت وقوع الحادثة كان 17 سنة وشهرين حكم بالإعدام".
ويتابع: "كما تنص المادة 11 من قانون الطفل على عدم جواز الحكم بالإعدام
أو السجن المؤبد على من لم يتجاوز الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة، وأن المادة 37
من اتفاقية حقوق الطفل تقضي بعدم جواز معاقبة طفل بالمؤبد أو الإعدام على جريمة ارتكبها".
ويؤكد العطار أن "القاضي ناجي شحاتة خالف القانون الصريح بإحالة
أوراقه للمفتي، ولكنها ليست الحالة الأولى، فقد سبق وأحال أوراق طفل في قضية إعدامات مركز كرداسة إلى المفتي، قبل
أن يتم الحكم على الطفل بالسجن 10 سنوات".
وطالب العطار بضرورة تدخل لجنة التفتيش القضائي التابعة لوزارة العدل
لمراجعة "أحكام ناجي شحاتة الفاضحة، خاصة أنها ليست المرة الأولى، فقد سبق ذلك
إلغاء محكمة النقض عشرات أحكام الإعدام له، التي تستوجب إحالته إلى الصلاحية".