هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعيش حزب الأصالة والمعاصرة (حزب مقرب من الدولة) على وقع أزمة هي الأكثر حدة منذ نشأته في 2008، حيث انفجر اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، لتندلع حرب بلاغات بين أطراف الأزمة.
حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أنشئ في 2008، على يد زميل دراسة الملك فؤاد عالي الهمة، سخرت له الدولة منذ تأسيسه كل وسائلها، من أجل الظفر السهل بالانتخابات، قبل أن يعصف الربيع الديموقراطي وحركة 20 فبراير بأمله في انتخابات 2011، ويجهز حزب العدالة والتنمية وزعيمه ابن كيران على أخر حظوظه في انتخابات 2015 و2016.
آخر محطات الأزمة الحادة التي يمر منها الحزب، تجلت في اجتماع المكتب السياسي الذي انطلق ليل الاثنين 20 مايو/أيار الجاري، وانتهى في ساعات الصباح الأولى من يوم الثلاثاء، مكرسا لمزيد من التباعد بين تيارات الحزب.
اقرأ أيضا: هل لخطاب الملك يد في استقالة زعيم أكبر حزب معارض بالمغرب؟
اجتماع عاصف وانسحابات
أفضى اجتماع المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة إلى قرار بتجميد عضوية رئيس المكتب الفيدرالي بالحزب، محمد الحموتي من طرف الأمين العام للحزب حكيم بنشماس.
وبحسب مصادر حزبية أفادت في تصريحات متطابقة لـ"عربي21"، أن اجتماع المكتب السياسي مر في أجواء جد مشحونة بين المنتمين لمختلف التيارات المتصارعة داخل المكتب السياسي.
وسجلت ذات المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن الجلسة شهدت مشادات بين منتمين لتيار الوزير السابق أحمد اخشيشن، وتيار رئيس الحزب الحالي حكيم بنشماس.
وشددت ذات المصادر، على أن من تبعات الاجتماع العاصف انسحاب مجموعة من المحسوبين على التيار المعارض لرئيس الحزب الذين يعدون أكثرية المكتب السياسي أبرزهم رئيس فريق الحزب بمجلس النواب السابق عبد اللطيف وهبي.
فصل وتجميد
عمم حكيم بنشماس بيانا أعلن فيه أن "المكتب السياسي للحزب اجتمع برئاسة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في اجتماع طارئ خصص جدول أعماله للتداول في مجريات وتداعيات تشكيل وانتخاب رئاسة وهياكل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب".
وزاد البيان: "وبعد العرض الذي قدمه الأمين العام أمام المكتب السياسي، والذي تطرق فيه بالتفصيل لعملية الإعداد العملي لاجتماع اللجنة التحضيرية، استعرض جملة من الخروقات والتجاوزات التنظيمية والقانونية والأخلاقية التي عرقلت عملية تشكيل وانتخاب رئاسة اللجنة التحضيرية واللجان الوظيفية، وفي مقدمتها عدم الالتزام بقرار الأمين العام برفع الجلسة المخصصة لهذا الغرض بالنظر لانتفاء الشروط الموضوعية والسليمة لإجراء عملية الانتخاب، وكذا الإعلان عن تنصيب مرشح لرئاسة اللجنة التحضيرية خارج الضوابط التنظيمية والقانونية بعد رفع الجلسة من طرف الأمين العام".
وزاد: "وبناء على ذلك، أحاط الأمين العام أعضاء المكتب السياسي بقراراته التي شملت سحب تفويض رئاسة المكتب الفدرالي الذي سبق أن أسند من قبل الأمين العام لمحمد الحموتي بمقتضى اتفاق 5 يناير 2019، وترأس الأمين العام للمكتب الفدرالي مجددا، وفقا لمنطوق المادة 39 من النظام الأساسي وإحالة ملف اجتماع تشكيل اللجنة التحضيرية على لجنة الأخلاقيات للبث القانوني في مجمل التجاوزات والخروقات المسجلة".
وسجل بنشماس "اعتبار مواصلة أشغال اللجنة التحضيرية وما نتج عنها، بعد رفع الجلسة من قبل الأمين العام عملا غير قانوني، ولا يخضع لقواعد الشرعية التنظيمية والسياسية داعيا كل مناضلات ومناضلي الحزب إلى الالتفاف حول شرعية المؤسسات الحزبية".
اقرأ أيضا: ما هو مصير أكبر حزب سياسي معارض في المغرب؟
ما أفاض كأس الأزمة
سيذكر أعضاء حزب الأصالة والمعاصرة السبت 18 مايو/أيار 2019 كثيرا، حيث تحول اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع للحزب، إلى انقسام حقيقي بين خطين يقودان الحزب، وكرس استحالة التعايش بين الأطراف المتصارعة داخل الحزب.
تجلى ذلك في فشل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة في إنجاح أول اجتماع عقدته اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع، ما دفعه إلى الانسحاب رفقة بعض أعضاء اللجنة، ليستكمل بقية الحاضرين الاجتماع وينتخبوا سمير كودار، المحسوب على "تيار اخشيشن"، على رئاسة هذه اللجنة.
وردا منه على هذا التطور، أصدر أمين عام الحزب بيانا سماه بيان "الشرعية والمسؤولية"، مذيلا بتوقيع 90 عضوا من اللجنة التحضيرية لمؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة، يعتبر فيه انتخاب سمير كودار رئيسا للجنة “عملية غير شرعية”.
ورود أسمائهم ضمن لائحة "الشرعية والمسؤولية"، سيدفع كثيرا من أعضاء اللجنة إلى المسارعة إلى رفض إقحام أسمائهم في البيان، معبرين عن ذلك في تدوينات على صفحاتهم وحساباتهم في موقع التواصل الاجتماعي.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل خرج بلاغ من رئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أكدت فيه أن الأمين العام اقترح انتخاب رئيس اللجنة التحضيرية بالاقتراع العلني، مضيفا أن سمير كودار قدم ترشيحه لهذه المسؤولية، ونال ثقة الأغلبية الساحقة من أعضاء اللجنة، وعلى إثر ذلك انسحب الأمين العام.
في هذه الأثناء، أصدر 5 من مؤسسي الأصالة والمعاصرة ورؤسائه السابقين، "نداء المسؤولية" من أجل إنقاذ الحزب، ويتعلق الأمر بحسن بنعدي، ومحمد الشيخ بيد الله، ومصطفى الباكوري، وعلي بلحاج ومحمد بنحمو.
وعقب ذلك أصدر تيار فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، "نداء المستقبل"، داعيا إلى إقرار ديمقراطية داخلية، معتبرا أن أزمة البام بنيوية، وأن الصراعات الحالية التي تلازم الحزب في حركيته وتطوره تحول دون اعتماده أشكالا ديمقراطية في معالجته للخلافات الداخلية.
الأزمة الجديدة تعد الأعنف التي تضرب حزب الأصالة والمعاصرة، أكبر أحزاب المعارضة الحكومية، الذي يعاني منذ ثلاث سنوات من أزمات داخلية تزداد حدة مع الأيام، حيث غير أمينه العام بعد فشله في انتخابات الجماعية لـ 2015، وغير أمينه العام مجددا بعد هزيمته في الانتخابات التشريعية لسنة 2016.