هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن اكتساب الكنائس المحافظة زخما في جميع أنحاء العالم، لاسيما بعد أن أثمرت جهود الضغط التي بذلوها من أجل تبني قانون مناهض للإجهاض في ألاباما.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الإنجيليين في ولاية ألاباما الأمريكية يحققون انتصارات هامة، حيث نجحوا في الضغط على إدارة ترامب بهدف سن أكثر القوانين تقييدا بشأن الحق في الاجهاض.
وحيال هذا الشأن، أفاد المتخصص في علم الاجتماع، فيليب غونزاليس، بأن أتباع الإنجيليين الراغبين في الحصول على السلطة المطلقة يسعون إلى الحفاظ على القائمة الطويلة من المقربين المحافظين من إدارة ترامب في سبيل تحقيق ثورة المحافظين التي يتطلعون إليها.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه القائمة تضم بالأساس نائب الرئيس مايك بنس، باعتبار أنه كاثوليكي اعتنق البروتستانتية الإنجيلية خلال فترة شبابه، إلى جانب المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز، التي سبق أن صرحت بأن "الله هو من أراد لترامب أن يصبح رئيسًا".
وأشارت الصحيفة إلى اليمين المتدين، بما في ذلك الكاثوليك المحافظين، قد يتلقون الدعم من قبل أطراف أخرى عرفت بانتمائها إلى الإنجيليين، على غرار وزير الخارجية النافذ مايك بومبيو، ووزير الطاقة ريك بيري، ووزيرة التربية والتعليم بيتسي ديفوس.
وحسب غونزاليس، فإن ديفوس "تقوم باتباع سياسة تعمل على تفكيك البرامج المدرسية ومنح الأفضلية للمدارس الخاصة".
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة المتأثرة بظهور هذه التيارات التي تمزج بين السياسة والدين، لاسيما حركة الخمسينية أو ما يعرف بالعنصرة.
وقد ظهرت هذه الحركة في كاليفورنيا سنة 1906، لتمثّل آخر دعوة استيقاظ إنجيلية. وتعرف العنصرة انتشارا عالميا واسع النطاق وتجعل الكنيسة الكاثوليكية مثل تلك الموجودة في أمريكا اللاتينية، تتعثر في معاقلها التقليدية.
اقرأ أيضا : كاتب بـ"NYT": ماذا يمكن لمسلم أن يعلّم أتباع ترامب المسيحيين؟
ووفقًا للموسوعة المسيحية العالمية، انضم أكثر من 600 مليون مسيحي إلى حركة العنصرة سنة 2017 في جميع أنحاء العالم مقابل حوالي 1.2 مليار شخص في الكنيسة الكاثوليكية.
وبحلول سنة 2050، من المحتمل أن تتجاوز حركة العنصرة المليار متابع بينما سيكون هناك 1.6 مليار كاثوليكي.
وأكدت الصحيفة أن هذه الحركة الدينية تمثل ظاهرة تواصل اجتياح النصف الجنوبي للكرة الأرضية. وقد برزت هذه الحركة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا بما في ذلك نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وفي منطقة البحيرات العظمى بشكل عام، حيث تخوض مواجهات مع المسلمين.
وإلى جانب الولايات المتحدة، تحوّلت دول أخرى على غرار البرازيل وكوريا الجنوبية لقوى تبشيرية نجحت في أن تحل محل المنظمات الأمريكية على أرض الواقع لمدة خمسة عشر سنة، كما كان الحال بالنسبة للنزاعات في العراق أو أفغانستان.
وبالنسبة لأمريكا اللاتينية، أصبحت قدرة كل من كنيسة العنصرة والإنجيليين المحافظين على التأثير السياسي جلية للغاية.
وقد مثّل انتخاب البرازيلي جايير ميسياس بولسونارو في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي دليلًا حيا على النفوذ السياسي الذي اكتسبه هؤلاء المسيحيون المحافظون منذ خمسة عشر سنة.
ونقلت الصحيفة عن الباحث المتخصص في العنصرة يانيك فير قوله إن: "المنظمات التبشيرية الإنجيلية والتابعة لكنيسة العنصرة في الولايات المتحدة شاركت بشكل فعال في ما يسمى بالقوة الناعمة.
لقد كان هذا الأمر مجديا بشكل خاص في سياق الحرب الباردة والخوف من الشيوعية، حيث استخدمت العنصرة كحصن منيع أمام نشر بعض الإيديولوجيات السياسية، وتعتبر كوريا الجنوبية بلا شك المثال الأكثر وضوحا على تقسيم العالم إلى كتلتين".
وذكرت الصحيفة أن حركة العنصرة والحركات الإنجيلية تحولت إلى قوة سياسية في مطلع الألفية الجديدة.
وحيال هذا الشأن، علّق فيليب غونزاليس قائلا: "في الواقع، بدأ تسييس هذه الحركة بالفعل في عهد الرئيس رونالد ريغان.
وقد تمثّل هدف أولئك الذين دافعوا عن عقد نوع من "الانتخابات الإلهية" للولايات المتحدة في إعادة فرض المعايير المسيحية على المجتمع الأمريكي ومحاربة العلمانية".
وأوردت الصحيفة أن الثقل السياسي الذي اكتسبه الإنجيليون بدأ في الظهور للعلن خلال سنة 2004. وحسب يانيك فير، وقع الحفاظ على البرنامج الأيديولوجي والسياسي الذي تم تحديده خلال عهد ريغان، في فترة حكم جورج بوش أيضا إذ يقوم على "التركيز على القيم العائلية، ومكافحة الإجهاض وحقوق المثليين، ومعارضة نظرية التطور والدراسات الجنسانية.
وبحلول القرن الحادي والعشرين، باتت القوة المذهلة لحركة العنصرة ذات النشاط المتواصل داخل الأوساط الشعبية تكمن في قدرتها على التكتل، كما هو الحال بالنسبة للبرازيل، وهو ما يعتبر شكلا من أشكال الشعوبية".
وفي الختام، بيّنت الصحيفة أنه من هنا فصاعدًا، أصبحت مشاريع الغزو الخاصة بهذه الحركة الدينية ملموسة في الصين أو حتى في العالم الإسلامي.
ووفقا ليانيك فير: "يوجد بالفعل تركيز على الإسلام لاسيما في ظل فكرة أن الدول الإسلامية تشكّل بمثابة الحدود القصوى أين ستتم المواجهة الحاسمة".