هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "نيوزويك" تقريرا عن مواقف اللاجئين في المخيمات الفلسطينية في لبنان من سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويبدأ التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بالحديث مع فهيدة حاج، التي خرجت من قريتها ولم يكن عمرها قد تجاوز 6 أعوام في عام 1948، مشيرا إلى أن حاج لم تنس قريتها بعد 71 عاما من خروج عائلتها من فلسطين، ووصولها إلى لبنان.
وتقول المجلة إن حاج كبرت في مخيم برج البراجنة وربت أربعة أولاد، ومع ذلك لم يتزعزع إيمانها بالعودة إلى وطنها، مشيرة إلى أن فهيدة حاج وغيرها من فلسطينيي برج البراجنة تعزز حلم عودتهم أكثر خلال العام ونصف الماضي؛ بسبب التطورات الأخيرة، وفي مركزها دونالد ترامب، وقالت وفاء ابنة حاج: "أكرهه.. إن ترامب زعيم ديكتاتوري اضطهدنا.. لو كانت لدي القدرة على قتله لفعلت".
ويشير التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي يعد بالنسبة للفلسطينيين عدوا، فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض حرف مسار السياسة الأمريكية من الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ليمنح دعمه الكامل لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتطرفة.
وتلفت المجلة إلى أن الفلسطينيين يرون أن رئاسة ترامب جلبت إليهم الضربة تلو الأخرى، فقراره نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، التي يطمح الفلسطينيون لتكون عاصمة لهم، أدى إلى احتجاجات في غزة.
ويستدرك التقرير بأنه رغم مقتل أكثر من 100 محتج على السياج الحدودي، إلا أن الغضب الفلسطيني زاد بسبب تصريحات الممثلين الأمريكيين، الذين حملوا حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، والمنظمات الإسلامية مسؤولية مقتلهم.
وتذكر المجلة أنه في الوقت ذاته، فإن الفلسطينيين في الشتات والمخيمات شعروا بالغضب عندما قررت إدارة ترامب قطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي المؤسسة الأساسية في الأمم المتحدة، المسؤولة عن توفير الدعم للاجئين، وهو قرار ترك مصير ملايين الفلسطينيين في خطر، وقالت الخارجية في ذلك الوقت إنها لم تعد مستعدة لتحمل عبء تمويل الوكالة الأممية.
ويفيد التقرير بأن هذا القرار ترك أثره على اللاجئين في لبنان، خاصة أن غالبية اللاجئين لم يمنحوا الإقامة أو جنسية البلد الذي لجأ إليه آباؤهم وأجدادهم، ويمنعون من العمل في الكثير من الوظائف، وباتوا يعتمدون في معيشتهم على مساعدات الأمم المتحدة.
وتنقل المجلة عن مفوض الأونروا بيير كرينبول، قوله إن قطع الدعم الأمريكي أدى إلى تجميد مستهدف لما يتعلق بالمساعدة المقدمة للمخيمات، إلا أن المساعدات الرئيسية لم تتأثر، وأضاف أن الأونروا تكافح سنويا لتوفير الخدمات المطلوبة منها للمخيمات، بما في ذلك التعليم والعناية الصحية والخدمات الاجتماعية، لافتا إلى أن الأثر الذي تركته السياسات الامريكية على اللاجئين في لبنان جعلهم أكثر فقدانا للأمل.
ويقول كرينبول: "أعتقد أن الأثر القوي كان من خلال زيادة الشعور باليأس لحياة الناس الذين لا شيء لديهم"، ويضيف: "بعد اتفاقية أوسلو، التي كان من المفترض أن تضع الأسس لنهاية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني قيل للاجئين: لو آمنتم بهذه العملية، ولو أمنوا بالمفاوضات، فإنه سيتم العثور على حل ينهي معاناتهم.. في الوقت الحالي فإن هذا كله يبدو بعيد المنال الآن".
وينوه التقرير إلى أنه بالنسبة للحاج وعائلتها فقد كان العام الماضي مؤلما، فقد ماتت إحدى بنات فهيدة، ولم تكن تتجاوز الـ42 عاما؛ لأن عائلتها لم تستطع توفير علاج لها وعملية جراحية ضرورية، وتقول وفاء إن وفاة شقيقتها لم تكن لتحدث لو توفر الدعم المالي للأونروا، ولو لم يقرر ترامب وقف ملايين الدولارات دعما للوكالة الأممية، ونضيف: "احتاجت شقيقتي متابعة علاجية، لكننا لم نستطع عمل هذا ولهذا ماتت.. لو توفر العلاج لظلت على قيد الحياة".
وتورد المجلة نقلا عن وفاء، قولها إن ترامب هو زعيم ديكتاتوري و"كل ما يهمه هو السيطرة على الدول العربية، وكل ما يهمه هو حماية إسرائيل.. كل ما يراه هو المال ويريد أمن إسرائيل؛ لأنه يحصل على مال أكثر، وهو يريد النفط والوقود والمال، ولا يهمه أي شيء آخر".
ويشير التقرير إلى أنه في المقابل فإن وفاء ترى أن تصرفات الرئيس الأمريكي لم تزد الجيل الجديد، الذي يريد القتال لاستعادة أرضه، إلا تصميما، وتقول: "مع أنني أكرهه لكنني أرى أن الله أرسل ترامب لتوحيدنا ودفعنا" للعمل، وتضيف: "لأن ترامب أحمق فقد تركه الله كذلك، وقاده لاتخاذ هذه القرارات.. في كل مرة يهدأ الفلسطينيون يرسل الله لهم من يجعلهم يتحركون".
وتنقل المجلة عن وفاء، قولها: "يعتقدون أن الكبار سيموتون والجيل الجديد سينسى فلسطين، لكن الجيل الجديد يتذكر أكثر وأكثر من أي وقت مضى"، وتضيف: "كلما وضعوا الضغط علينا وقالوا إنها ليست أرضنا زاد حماسنا للعودة إليها".
ويفيد التقرير بأن سكان المخيم يشتركون مع وفاء في رأيها، فيرى وسيم عطعوط (21 عاما)، الذي يعمل في قهوة عمه، أنه من المفترض أن تكون الأونروا مسؤولة عن المخيمات، لكنها لا تفعل أي شيء للفلسطينيين، "فلا وظائف، ولو أراد الواحد الزواج فإنه لا يستطيع، ويكافح الناس هنا للعثور على ما يأكلونه.. بالنسبة لي، أشعر أن ترامب هو لص.. ترامب هو عدونا، وكونه عدوا فإنه يقوم بعصرنا ماليا وحرماننا من الحد الأدنى من حقوقنا.. سرقوا أرضنا، والآن قطع عنا المساعدة المالية".
ويقول عطعوط إن ترامب يلتهم، خطوة تلو أخرى حقوق الفلسطينيين، وحشرهم في الزاوية ليدمرهم، مشيرا إلى أن ترامب "يمكن أن يضر بنا، لكنه لا يستطيع تدميرنا"، ويضيف: "حق العودة هو أمر مهم، أنا فلسطيني رغم أنني مولود في لبنان، هويتي هي فلسطينية، وحقي في العودة هو الحق الأكيد".
وتقول المجلة إن حق عودة الممتلكات الفلسطينية التي أجبر الفلسطينيون على تركها وراءهم مجمع عليه بين الجيل الأول من اللاجئين، وكذلك أحفادهم، لافتة إلى أن إسرائيل لا تعترف بهذا الحق، بذريعة الخوف من حرف الميزان الديمغرافي، وتغيير طابع الدولة اليهودي.
ويورد التقرير نقلا عن عطعوط، قوله إنه سيقاتل لو منح الفرصة للقتال من أجل ذلك الحق، "طبعا سأفعل، ولست وحدي، بل الجميع يفكرون بهذه الطريقة"، لكنه مع ذلك يفضل عودة سلمية، ولو طلب شيئا من قادة العالم لطلب منهم "الرحمة بالفلسطينيين"، والأمر ذاته ينطبق على ترامب.
وتستدرك المجلة بأن الرحمة من ترامب ليست متوقعة، ولن تأتي بموجب على الخطة التي طلب من صهره جارد كوشنر إعدادها مع المبعوث الدولي جيسون غرينبلات، مشيرة إلى أنه لم يكشف عن الخطة إلا القليل، ويتوقع الإعلان عنها في الشهر المقبل.
ويلفت التقرير إلى أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي وصف الخطة بأنها لن تكون إلا "ختم موافقة على سياسات إسرائيل الاستعمارية"، وقال إن إسرائيل تسيطر على الضفة الغربية، وتوسع المستوطنات ضمن خطة "أقصى حد من الأراضي بأقل عدد من الفلسطينيين".
وتقول المجلة إن سكان مخيم شاتيلا، الذي يبعد أميالا عن برج البراجنة، يشعرون بفقدان الأمل، ففي هذا المخيم المزدحم، الذي لا يزال يحمل ذكريات المجزرة التي قتل فيها مئات الفلسطينيين عام 1982، يرى الكثير من سكانه أن حق العودة قد لا يتم الوفاء به.
وينقل التقرير عن أمل العكر (53 عاما)، وهي أم لسبعة أولاد، خسرت واحدا منهم بسبب المخدرات، وآخر مات نتيجة لتعقيدات بعد إصابته بجروح، قولها إن الوضع في المخيم خطر، فالأسلاك الكهربائية معلقة بشكل خطير، والشوارع مليئة بالقاذورات، وتضيف العكر: "الوضع لم يكن أسوأ مما نحن فيه"
وتنوه المجلة إلى أن أمل لا تزال تحمل معها آثار جراح الحرب في الثمانينيات، حيث فقدت عينها، ولم تستطع استبدالها بعين صناعية بسبب قلة المال، وتقول إن الكثير من العائلات في المخيم تكافح للحصول على العناية الصحية، مشيرة إلى أن المخيم ينتشر فيه العنف وتعاطي المخدرات.
وتختم "نيوزويك" تقريرها بالإشارة إلى قول العكر إن الكثير من العائلات تعرضت بيوتها للاحتراق بسبب تماس الأسلاك الكهربائية، فيما تعرض بيت أحد أبنائها للاحتراق، وتركه أولاده دون مأوى.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)