نشر موقع "
ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث من خلاله عن تصريحات نجل الداعية والمفكر السعودي سلمان العودة حول ولي العهد محمد بن سلمان، ومدى شرعية حكمه، وتقبل شعبه لنهجه وممارساته التعسفية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن
عبد الله العودة صرح في أكثر من مناسبة بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يمثل المملكة العربية
السعودية. وفي حواره مع موقع ميدل إيست آي، بيّن نجل الداعية المعتقل أن رسالته إلى الدول الداعمة للرياض، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تستند إلى القول إن ابن سلمان لا يمثل إرادة جميع السعوديين، ولا يعكس آراءهم.
وذكر الموقع أن عبد الله العودة زميل بارز في مركز التفاهم الإسلامي المسيحي في كلية الدراسات الأجنبية بجامعة جورجتاون في واشنطن، وهو نجل المفكر السعودي البارز سلمان العودة، الذي اعتُقِل سنة 2017 ضمن إطار حملة موسعة شنها ولي العهد ضد المعارضة.
وأضاف الموقع أن المدعين في السعودية يسعون لمعاقبة سلمان العودة بالإعدام في إطار تهم غامضة تتعلق بتحدي الحكومة. وسبق لعبد الله العودة مناشدة السلطة الأمريكية للتواصل مع السعوديين، وحثهم للعدول عن هذا النهج، مضيفا أنه "من الخطير اعتبار أن محمد بن سلمان يمثل المملكة".
وأورد الموقع أن الزميل البارز في مركز التفاهم الإسلامي المسيحي يندد بلا مبالاة الدول الغربية إزاء انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في السعودية، بما في ذلك قضية احتجاز والده. وحيال هذا الشأن، قال عبد الله العودة: "من الغريب حقا أن نرى مدى صمت الكثير من الناس، ولعل ما هو أشد غرابة هو دعم الغرب لمحمد بن سلمان، على الرغم من كل ما حدث، حتى عندما تكون مصالحهم الاستراتيجية على المحك".
وفيما يتعلق بالدعم الأمريكي لولي العهد السعودي، ذكر عبد الله العودة أن ابن سلمان في حاجة ماسة لمثل هذا الدعم من خلال القول إن "محمد بن سلمان لا يتمتع بشرعية شعبية في السعودية، لم يُنتَخَب، وهو لا يمثل الشعب، إنه يفتقر إلى هذه الشرعية، وهو يعي ذلك جيدا. ولكي يكون مثل هذا الحاكم قادرا على البقاء، فإنه يحتاج إلى دعم خارجي".
ونقل الموقع عن نجل سلمان العودة قوله إن محمد بن سلمان استغل علاقته الوثيقة مع مسؤولي الإدارة الأمريكية، خاصة جاريد كوشنر صهر ترامب، لتنفيذ أجندته. ولا يختلف اثنان حول دور كوشنر في مسيرة ولي العهد، حيث قام ابن سلمان بشن حملة اعتقالات واسعة ضد أمراء ورجال أعمال سعوديين بعد أيام فقط من زيارة كوشنر له في الرياض.
يبدو أن جريمة قتل الصحفي جمال
خاشقجي الوحشية لم تثن كوشنر عن التواصل مع ولي العهد السعودي، كما أن صحيفة نيويورك تايمز أفادت سابقا بأن كوشنر وابن سلمان يخاطبان بعضهما البعض باعتماد الاسم الأول فقط. وفي هذا الصدد، قال العودة: "يريد ابن سلمان الحظي بالقبول لدى الغرب، في حين يريد جاريد كوشنر إقناع ابن سلمان بتبني صفقة القرن".
على الرغم من محافظة إدارة ترامب على جسور التواصل والتعاون مع نظيرتها السعودية، إلا أن علاقتهما تأثرت بتدخلات بعض المؤسسات الأمريكية النافذة. وفي نيسان/ أبريل الجاري، أقر الكونغرس مشروع قانون يدعو إلى إنهاء دعم واشنطن للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، كما قالت وكالة المخابرات المركزية إن ابن سلمان أمر باغتيال خاشقجي.
وأشار الموقع إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية على الرغم من التوبيخ الدولي، حيث أعدمت المملكة 37 شخصا يوم الثلاثاء الماضي، وهو ما دفع العودة للقول إنه يجدر بالمجتمع الدولي مواصلة الضغط على الرياض لتقليل سوء المعاملة. وأضاف الزميل البارز أنه "في حال استمر ابن سلمان بالتصرف على هواه دون رادع، فإنه سيقوم بكل فظاعة يمكن التفكير فيها".
علاوة على ذلك، ندد نجل رجل الدين المسجون بعمليات الإعدام التي حدثت منذ أيام، ووصفها بأنها "مشينة"، مضيفا أن ولي العهد يوحد السعوديين ضده عند مواصلته التصرف بهذا الشكل. وأبدى العودة ارتياحه بشأن إجماع الفصائل السعودية المختلفة، واجتماعها معا لمناقشة مستقبل المملكة.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال ولي العهد السعودي يطبق بقبضته الحديدية على السلطة، متجاهلا بذلك العديد من التقارير التي تتحدث عن سخط أعضاء العائلة الملكية من تصرفاته الطائشة. وفي حين لا يحبذ الأمراء رؤية محمد بن سلمان في السلطة، إلا أنهم يرون أن أي هجمات موجهة ضده ستهدد النظام السعودي، ويمكن لها وضع حد للامتيازات التي يحظون بها.
تجدر الإشارة إلى أن السلطات السعودية طلبت من العودة إدانة الدوحة فور فرضها لحصار إقليمي على قطر رفقة بعض الحلفاء، وهو ما قابله الداعية والمفكر السعودي بالرفض، كما طلب من الحكومة السعودية احترام صمته. وفي أيلول/ سبتمبر 2017، دعا الإمام السعودي في إحدى التغريدات إلى التقارب بين قادة دول الخليج من أجل مصلحة شعوبهم".
بعد مرور أيام على نشره لهذه التغريدة، تعرض الداعية السعودي إلى الاعتقال، كما عمدت قوات الأمن إلى تفتيش منزله، لتعثر على بعض الكتب المحظورة. ومنذ ذلك الحين، سعى عبد الله العودة إلى استخدام المنابر الإعلامية للحديث عن المحنة التي يمر بها والده ومعاناته مع الاحتجاز الجائر.
وأوضح الموقع أن عبد الله العودة وعائلته واجهوا ردود فعل عنيفة من طرف السلطات السعودية، حيث رفضت تجديد جواز سفره، ومنعت 17 من أفراد عائلته وأقاربه من السفر. وفي شأن ذي صلة، قال نجل سلمان العودة: "لقد جربنا الصمت، لكن ذلك لم ينجح إطلاقا، أنا من مناشدي فكرة أن الضغط سيأتي أكله".
وخلص الموقع إلى القول إنه مع اغتيال خاشقجي خارج الأراضي السعودية، يعلم العودة جيدا أن صراحته قد تكلفه الكثير، لكنه لن يتراجع. وقال نجل الداعية السعودي إنه "من الممكن أن أكون خائفا في بعض الأحيان، لكن مبادئي أكبر حجما من هذا الخوف. لقد قررت أن أتكلم بصراحة أكبر، لذلك لن أترك الخوف يتحكم في ما أعتقد أنه القرار الصحيح".