هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
علقت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها، التي جاءت تحت عنوان "ما هو ثمن الربح في السعودية؟"، على إعدام السعودية 37 من مواطنيها بتهم "الإرهاب"، وذلك بعد محاكمات هزلية وتعذيب لهم.
وتطالب الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، الشركات والحكومات بضرورة الطلب من المملكة إنهاء انتهاكاتها الشنيعة لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن شركة النفط السعودية "أرامكو" كشفت هذا الشهر عن توليدها 111.1 مليار دولار دخلا صافيا، ما يضعها في مقدمة الشركات الأكثر ربحا في العالم.
وتقول الصحيفة: "لذلك، فليس غريبا أن تقوم المصارف والشركات بالتقرب من السعودية بعد ستة أشهر من قتل وتقطيع جثة الصحافي جمال خاشقجي على يد عملاء للحكومة، الجريمة التي صدمت العالم".
وتلفت الافتتاحية إلى أن المئات من المستثمرين اصطفوا هذا الشهر لشراء السندات التي أصدرتها (أرامكو)، ومن بين الشركات التي أصدرت صوتا في المملكة هي شركة دور السينما (إي أم سي)، التي تعمل على بناء 40 دار سينما جديدة، فيما تقوم شركة (غوغل) على إنشاء مركز للبيانات".
وتنقل الصحيفة عن المدير التنفيذي لشركة "بلاك روك" لاري فينك، الذي أحدث هزات هذا العام عندما قال إن على رجال الأعمال أن يكونوا نموذجا للقيادة في الموضوعات السياسية والاجتماعية، قوله: "إن وجود موضوعات في الإعلام تطلب مني الهرب من المكان، وفي الكثير من الحالات تقول لي إن علي أن أذهب إليه، واستثمر فيه؛ لأن الأشياء التي نخاف منها هي تلك التي لا نتحدث عنها".
وتعلق الافتتاحية قائلة: "يبدو تصريح فينك صورة أخرى من المبررات التي استخدمها بارونات الشركات لتبرير العمل مع الحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان، وهي أنهم يساعدون في إصلاح السعودية وتحديث المجتمع، وفي هذا السياق فإن من المفيد العودة إلى بعض القضايا في الإعلام ومراجعتها".
وتقول الصحيفة: "علينا ولو للحظة أن نضع جانبا الإشارات التي قدمتها المخابرات الأمريكية والتركية، وهي أن الأمير محمد يقف وراء جريمة قتل خاشقجي التي ينكرها، إلا أن التحديث الذي يتحدث عنه الأمير رافقته حملة واسعة من الاعتقالات والمحاكمات والإعدامات، ففي يوم الثلاثاء أعلنت وكالة الأنباء الرسمية عن إعدام 37 شخصا، كلهم تقريبا من الأقلية الشيعية بتهم تتعلق بالإرهاب".
وتنوه الافتتاحية إلى أن "الإعدام في السعودية عادة ما يتم من خلال قطع الرأس بالسيف، وفي الساحة العامة، لكن وزارة الداخلية أعلنت عن أن واحدا من الذين أعدموا صلب، وهو عقاب يتم استخدامه في جرائم الحرابة، الخطيرة، وبحسب منظمة (هيومان رايتس ووتش)، فإن تم توجيه تهم لأحد عشر واحدا منهم بالتجسس لصالح إيران، و14 لاحتجاجات لها علاقة بالربيع العربي عام 2011".
وتذكر الصحيفة أن "التهم والإدانات وجهت بناء على اعترافات تم سحبها الرجال أمام المحكمة، وقالوا إنهم اعترفوا تحت التعذيب، وواحد من هؤلاء هو مجتبى السويكت، الذي كان عمره 17 عاما، ويجهز نفسه للدراسة في جامعة ميتشغان عندما اعتقل عام 2012، في أثناء مظاهرة مطالبة بالديمقراطية".
وتقول الافتتاحية إن "الدليل الواضح على التحديث، الذي تم الحديث عنه باتساع هو قرار ولي العهد رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وحقيقة وجود حظر على المرأة أمر سخيف، إلا أن النظام السعودي قام وقبل رفع الحظر بأسابيع، وفي أيار/ مايو 2018 باعتقال عدد من الناشطات النسويات اللاتي دافعن عن حق المرأة بالقيادة، ووجهت لهن تهم بجرائم ضد المملكة".
وتورد الصحيفة نقلا عن منظمات حقوق الإنسان وعائلات المعتقلات، قولها إن بعضهن تعرضن للتعذيب، بما في ذلك الضرب والصعقات الكهربائية والجلد والإيهام بالغرب، وقال والدا لجين الهذلول بعد زيارة لها إن رضوضا ظهرت على فخذيها، وكانت ترتعش بشكل مستمر وغير قادرة على الجلوس.
وتشير الافتتاحية إلى أنه "تم تقديم عدد منهن للمحاكمة في آذار/ مارس، دون تحديد التهم الموجهة لهن، فيما منع الصحافيون والدبلوماسيون من حضور جلسات المحاكمة، ولا تزال النساء في السجن، ومن بينهن سمر بدوي، التي أدت حالتها إلى أزمة دبلوماسية بين السعودية وكندا، التي طالبت بالإفراج الفوري عنها".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "هذه الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان لم تؤثر على دعم الرئيس دونالد ترامب وصهره جارد كوشنر لولي العهد، وكان كوشنر بالتحديد متحمسا لبناء علاقة صداقة مع محمد بن سلمان؛ على امل دعمه الخطة التي يعمل عليها لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وفي الأسبوع الماضي استخدم ترامب وللمرة الثانية في رئاسته الفيتو ضد قرار صوت عليه الحزبان، يدعو إلى وقف الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، الذي أدى إلى كارثة إنسانية مرعبة".
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "السعودية تظل حليفا استراتيجيا ومنبع البترودولار، إلا أن الأمير محمد بحاجة لسلاح واشنطن والاستثمارات الدولية، كما هي بحاجة إلى أمواله أو نفطه، لكن اشتراط التصرف الحضاري في حده الأدنى يجب ألا يكون محلا للتفاوض في أي صفقة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)