هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرحت الانتقادات، التي وجهها رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، لحزبه "العدالة والتنمية" الحاكم، تعقيبا على نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، تساؤلات بشأن التوقيت، وما يمكن أن تؤشر إليه بشأن الحديث عن توجهه لتشكيل حزب جديد، مع قيادات سابقة، مثل عبد الله غل وعبد الله بابا جان.
وانتقد داود أوغلو، في سلسلة تغريدات، أمس الاثنين على حسابه بموقع تويتر، التحالف الذي أقامه حزبه في الانتخابات مع الحركة القومية، ورأى فيه "ضررا" للحزب، وقال: "سياسات التحالف أضرت بحزبنا، سواء من حيث مستويات الناخبين، أو هويتنا الحزبية".
ودعا إلى إعادة تقييم شاملة لمسار الحزب، وقال: "على مديري حزبنا ذوي الصلة، تقييم كل القضايا والنظرة للمستقبل، بطريقة واعية وهادئة، دون أن تفشل قاعدة حزبنا ونكرس فيها اليأس، بل وندفعها للمثابرة والاستعداد للمستقبل".
وانتقد داود أوغلو السياسات الاقتصادية، وقال: "إن زيادة النفقات العامة، غير المفيدة، ومحاولة إنقاذ العجز لمرة واحدة، يقوض الثقة" مشددا على ضرورة "تحقيق الشفافية والمساءلة، في النفقات العامة بأقوى الطرق".
إنذار داخلي
المحلل السياسي والمختص في الشأن التركي، الدكتور سعيد الحاج، قال إن توقيت حديث داود أوغلو، كان في غاية الأهمية، لأنه جاء بعد الانتخابات مباشرة، "في ظل استشرافنا لتحركات نحو فكرة حزب جديد".
وأوضح الحاج لـ"عربي21" أن نتائج الانتخابات البلدية، كان لها تأثير كبير، من ناحية الإسراع أو البطء في تحرك قيادات سابقة بالعدالة التنمية، نحو حزب جديد، لذلك فقد كان من المتوقع صدور هذه التصريحات، التي حملت انتقادات كبيرة.
وأضاف: "كان هناك تصريحات أيضا لعبد الله غول، لتؤكد الفكرة ذاتها والإشارة لتراجع الشعبية، والحضور في الشارع".
وأشار الحاج إلى أن حديث داود أوغلو عن القيم، والممارسات الحزبية، ومؤسسات المجتمع المدني، كلها أحاديث تدعو لـ"إصلاح داخلي لكن في الواقع العملي، من الصعب الوصول لكل ما طرح، في ظل معادلات وعوامل خاصة بالحزب، وبشخصية أردوغان وتاريخه القيادي".
إقرأ أيضا: أحمد داوود أوغلو يوجه انتقادات لحزبه.. التحالفات أضرتنا
وعلى صعيد استجابة أردوغان لانتقادات داود أوغلو رأى أنه "من الصعب على الرئيس التركي، التفاعل مع كل ما طرحه أوغلو بسبب العديد من الاعتبارات".
واعتبر مجمل الانتقادات، بمثابة "إنذار لجماهير الحزب من جهة، ورسالة بأنني حاولت الإصلاح من الداخل، ولم يبق لي سوى العمل من الخارج، في حال استمرار الوضع على حاله".
لكنه في المقابل قال إن خيار الانشقاق عن العدالة والتنمية "ربما يؤجل أو يفشل، في حال قرر أردوغان، احتواء القيادات القديمة، وهو ما ربما يحدث في المؤتمر الاستثنائي المرتقب للحزب، وربما تجرى مراجعات، واحتواء لآخرين وإشراكهم في القرار، مثل علي بابا جان وداود أوغلو".
وعلى صعيد موقف الحركة القومية من داود أوغلو، بعد تصريحاته قال الحاج: "سيكون بالتأكيد له ردة فعل عنيفة، وربما يخرج زعيمه دولت بهتشلي، للرد على الانتقادات".
أما المعارضة التركية، فرأى المحلل السياسي، أنها سـ"تكون سعيدة بهذه الانتقادات، التي أطلقها داود أوغلو، وترى فيها إثباتا لما تروج له، من سوء إدارة لدى أردوغان".
فتيل انشقاق
من جانبه قال الكاتب التركي، إسماعيل ياشا إن تصريحات داود أوغلو، كانت بمثابة "إشعال فتيل التمرد والانشقاق، داخل حزب العدالة والتنمية" وفق وصفه.
وأشار ياشا لـ"عربي21" إلى أنه كان بمقدور داود أوغلو، "التريث قبل إطلاق انتقاداته، لحين البت في انتخابات إسطنبول، التي تقدم حزبه بطلب إعادة النظر فيها"، مشددا على أن التوقيت "لم يكن مناسبا، وقدم خدمة لخصوم الحزب".
وبشأن انتقاده للتحالف مع حزب الحركة القومية، قال الكاتب التركي: "بدون هذا التحالف، كان العدالة والتنمية سيخسر الكثير من البلديات، أكثر من أنقرة وإسطنبول".
وأضاف ياشا: "هناك تعاطف كبير في مناطق الأناضول، مع الحركة القومية، وبدون هذا التحالف، لم تكن التعديلات الدستورية، لتمر وصولا للنظام الرئاسي، ومن غير المعقول أن يدير أردوغان ظهره لهؤلاء".
ولفت إلى أن بعض الإسلاميين داخل حزب العدالة والتنمية، "منزعجون من التحالف مع الحركة القومية، ويدفعون باتجاه فك التحالف، وهم مجموعة تقف خلف داود أوغلو، ويسعون لدور أكبر داخل الحزب، لكنهم يعلمون أن حزبا جديدا، لن يحصل على شعبية كبيرة".
إقرأ أيضا: صور جديدة تدحض وجود خلافات بين أردوغان و"أحمد أوغلو"
وتابع: "الأغلبية الساحقة من مؤيدي العدالة والتنمية، يصوتون لأجل أردوغان، وشعبيته، وليس حتى لأجل الكثير من المرشحين، وفي المقابل فإن داود أوغلو، لا يمتلك هذه الإمكانية، حتى لو شكل حزبا جديدا".
وبشأن وجود كتلة كبيرة تؤيد داود أوغلو، داخل حزبه استبعد ياشا الأمر، وقال: "لا أعتقد أنهم كثر، وغالبيتهم ممن خسروا مناصب أو امتيازات"، مضيفا أن "اعتقاد البعض بأنهم إذا أسقطوا أردوغان فإن المعارضة ستتلقفهم أو تتمسك بهم، اعتقاد خاطئ لأن هدف الخصوم، التخلص من أردوغان فقط".