هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يسخر نظام الانقلاب العسكري في مصر كل إمكاناته لحشد أكبر عدد ممكن من المصريين أمام لجان الاستفتاء على التعديلات الدستورية المزمع إجرؤها يوم 22 نيسان/ أبريل الجاري ولمدة 3 أيام.
وحشد النظام أكثر من 60 شخصية فنية ورياضية وإعلامية، جماهيرية للمشاركة بحملة "إعمل الصح"، بفيديو ترويجي يدعو لقبول التعديلات التي تتخوف منها المعارضة على مستقبل البلاد السياسي.
ومن الفنانين سما المصري، وأنغام، وهاني شاكر، وشعبان عبدالرحيم، ومحمد هنيدي، ونبيلة عبيد، وسمية الخشاب، ومن الإعلاميين أسامة منير، وسيف زاهر، ومن الرياضيين عصام الحضري، ومحمد زيدان، ومدير الكرة بالنادي الأهلي سيد عبدالحفيظ.
وانتقد نشطاء الاستعانة بنجوم دخلها بالملايين لإقناع ملايين المطحونين بالمشاركة بالاستفتاء، وتساءل أحدهم قائلا للفنانين: "تُرى بعد ما تخلص مهمتهم هتفتكروهم (المصريين)؛ ولا الطبيعي أنتم شعب وإحنا شعب؟".
كما استعان النظام بصاحبة الصوت المميز بحفلات ومهرجانات عهد حسني مبارك، الإعلامية سناء منصور، لإقناع الشعب بمقطع يعرض للمواد المراد تعديلها ومكاسب التعديل.
معارضون انتقدوا ظهور إعلامية مبارك للترويج للتعديلات بدون منطق، وقال أحدهم: "ياله من بغاء إعلامي منقطع النظير"، واتهمتهم أخرى، بالبجاحة والتدليس والكذب والخداع.
— روزم أوجاع (@muhbirati) 8 أبريل 2019
وفي أغنية تعيد لأذهان المصريين أغنية الإماراتي حسين الجسمي "بشرة خير"، والتي أطلقها قبيل انتخابات 2014، التي فاز بها السيسي؛ طرحت اللبنانية نانسي عجرم، أغنية "راجل ابن راجل"، والتي يظهر بها السيسي خلال افتتاحه بعض المشروعات، ما دفع الإعلامي عمرو أديب، للإشادة بتوقيت طرح الأغنية قبل الاستفتاء.
كليب نانسي الذي لم يحقق حجم المشاهدة الكبير رغم مرور أسبوع على طرحه أغضب بعض متابعيها، وقام بعضهم بنشر مقطع فيديو لأحد المصريين وهو يخاطب ضباط وجنود الشرطة، مؤكدين أنه هذا هو نموذج المصري "الرجل ابن الرجل".
وكل مساء تحشد برامج الفضائيات "التوك شو"، من الخبراء، والدستوريين، والبرلمانيين، والسياسيين، للترويج للتعديلات، وبين الترغيب بحياة أفضل والتهديد من مستقبل خال من الدمار ومن إنجازات السيسي، يواصل الإعلامي أحمد موسى، تقديم برنامجه "على مسؤوليتي"، بفضائية "صدى البلد".
وفي حلقة واحدة وعد المصريين بحياة سعيدة وتخفيضات 40 بالمئة، على سلع شهر رمضان، وشدد على أن الموافقة على التعديلات الدستورية تحمي بلدنا من الدمار.
ولكن الإعلامي عمرو أديب، كان أكثر ذكاء في عروضه، بفضائية "إم بي سي مصر"، حيث دعا الشعب للمشاركة بالاستفتاء بـ"نعم"، أو بـ"لا"، مؤكدا للمصريين بأنه من حق أي مواطن حتى المعارضة الترشح للانتخابات الرئاسية بعد 2024، وعليه الاستعداد لها من الآن، مثله مثل السيسي.
ما دفع نشطاء لإعادة فيديو لأديب عام 2017، يؤكد رفضه لأي تعديل للدستور وقوله غاضبا: "عايزين تعملوا فرعون تاني؟".
ويستعين برنامج "يحدث في مصر"، المذاع عبر قناة "إم بي سي مصر"، برجل عهد مبارك السياسي مصطفى الفقي، أسبوعيا للحديث بالشأن السياسي ومنه التعديلات الدستورية، والتي قال إنها "جزء من إعادة ترتيب البيت"، وأن "الدستور ليس صنما لنعبده وتعديله ليس بالأمر الخطير".
وهي التصريحات التي قوبلت بالسخرية وعرض نشطاء تصريحه لنفس البرنامج، في آب/ أغسطس 2017، بأن "العبث بالدستور كان بداية نهاية السادات ومبارك ومرسي".
ومن جانبها، قامت الصحف والمواقع المؤيدة للنظام وخاصة التابعة لمجموعة إعلام المصريين، بإنتاج مقاطع فيديو من الشارع المصري تعرض فيه آراء المؤيدين للتعديلات دون أن تتحدث مع الرافضين لها.
كما تناقلت الصحف تأييد رئيس مجلس الشعب بعهد مبارك، الدكتور فتحي سرور، للتعديلات وقوله إنه يجب تمكينه من المدة الرئاسية المعقولة التي ينفذ فيها سياسته عبر تعديل منطقي ليس فيه جور.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وردا على حملات المعارضة ضد التعديلات الدستورية، دشن مؤيدون للسيسي حملات أخرى مثل #بامر_الشعب_هتكمل، عبر فيسبوك وتويتر.
أما لافتات "إعمل الصح وشارك"، و"إعمل الصح وخليك ايجابي"، و"نعم للتعديلات الدستورية"، فغطت المباني والشوارع الرئيسية بالقاهرة وعواصم المحافظات والمدن والطرق الرئيسية بالريف، حتى قبل أن يقرها البرلمان وتطرح للاستفتاء.
وقال الناشط عمر الصعيدي: في مصر فقط؛ تعليق لافتات وإعلانات بالجرائد للتعديلات قبل إقرار النواب لها، مشيرا لعدم وجود لافتات نهائيه تعارض التعديلات.
وحسب تأكيد مصريين بحديث سابق لـ"عربي21"، فإن عناصر الأمن الوطني يمارسون ضغوطا كبيرة عليهم لوضع اللافتات، وقاموا بعمليات ابتزاز واسعة لهم والتبرع بمبالغ وصلت 20 ألف جنيه، ووجبات وأطعمة وعصائر ومثلجات للجان الانتخابية أيام الاستفتاء.
وهو ما دفع رئيس مجلس النواب، لنفي علاقة أجهزة الدولة بلافتات التأييد وزعم أنها نابعة من المواطنين، كما نفت الأذرع الإعلامية للنظام علاقة الأمن باللافتات.
ولكن هل نجحت تلك الجهود وهؤلاء الأشخاص باستقطاب المصريين وقبولهم بالتعديلات الدستورية والمشاركة بالاستفتاء؟
الكاتبة الصحفية المعارضة للتعديلات مي عزام، ترى أن الإعلام لم يصل بالعامة للإجماع الذي يريده السيسي، وأرجعت ذلك لما حدث للمجتمع من استقطاب شديد بعد 30 يونيو، واستبعاد النخبة من المشهد رغم دورها بإقناع العامة بالاصطفاف.
وفي رده على حملات الترويج تلك قال الأكاديمي المصري نادر فرجاني: "لا تنخدعوا بأي هرطقة زائفة ومأجورة".