وصف قانونيون وحقوقيون قيام
سلطات الانقلاب العسكري بمصر اعتقال اثنين من آباء الشباب الذين تم إعدامهم في
قضية النائب العام، بأنه رد فعل لنجاح الحملة الشعبية
المصرية والدولية ضد
الإعدامات، والانتهاكات التي توسع فيها نظام عبد الفتاح
السيسي.
وأكد مختصون أن النظام
المصري لم يكن يتوقع حملة الرفض الشعبي والدولي ضد الإعدامات الأخيرة، ما جعله "ينتقم
من آباء وأسر الذين نفذ بحقهم الإعدام، وكأنه يريد أن يبعث برسالة لأهالي المعتقلين
بأنه يجب عليهم أن يموتوا في صمت، وأن مجرد الصراخ والاعتراض ممنوع".
من جانبها حذرت التنسيقية
المصرية للحقوق والحريات في بيان وصل إلى "
عربي21" نسخة منه، من تعرض حياة
والدي أحمد الدجوي وأبو بكر السيد للخطر، في ظل إصرار أجهزة الأمن المصرية عدم
تقديم أية معلومات حول مكان اعتقالهما، أو أسباب اعتقالهما، وعدم عرضهما على جهات
التحقيق المختصة منذ أن تم اعتقالهما.
"محاولات يائسة"
وفي تعليقه على هذا التصعيد
يؤكد رئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة مختار العشري لـ"
عربي21"، أن ما يحدث هو "مزيد من غلو نظام السيسي في الانتقام، حيث
لم يكتف بالأحكام الجائرة ضد معارضيه، وتنفيذ الإعدامات الظالمة، بل قام بمعاقبة
أسر المعتقلين لأنهم صرخوا ورفضوا ظلم النظام العسكري".
ويضيف العشري: "إحساس
نظام السيسي بانعدام الشرعية، ووجود رفض دولي ضد ممارساته، ونجاح حملة الرفض
الشعبي والدولي للإعدامات الجائرة، والمحاكمات غير النزيهة، دفعته للمزيد من الغلو
في الانتقام من أنصار الشرعية الحقيقيين".
واعتبر العشري أن "محاولات
إرهاب الأهالي والأسر، والمعتقلين أنفسهم، لن تنجح في أهدافها، خاصة أن ما يحدث
في مصر من ظلم وانتهاكات لحقوق الإنسان، تجاوز كل الحدود، وأصبح محل رفض شعبي
ودولي، ويكفي أنه لم يعد يخلو تقرير حقوقي إقليمي أو دولي، أممي أو غير رسمي من
انتقادات لحالة حقوق الإنسان بمصر".
ويستدل العشري بالتقرير
الأخير لمنظمة العفو الدولية الذي تصدرت فيه مصر دول العالم في عقوبات الإعدام
التي ارتفعت بنسبة 75% خلال عام 2018 عن مثيلتها في 2017، حيث بلغت أحكام الإعدام
717 حكما في 2018، بينما كانت 402 حكم في 2017، بالإضافة لتصدر مصر مؤشر
الإعدامات الجماعية سواء من حيث الأحكام أو التنفيذ.
"رسالة تأديب"
ويكشف الحقوقي المهتم بقضايا
المعتقلين أحمد عبد الباقي لـ"
عربي21" أن والدي الشابين أحمد الدجوي
وأبو بكر السيد، كانا من أكثر الأسر التي تحدثت مع وسائل الإعلام بعد تنفيذ أحكام
الإعدام في حق 9 من معارضي الانقلاب العسكري، في قضية اغتيال النائب العام بشهر
شباط/ فبراير الماضي، وهو ما يبرر قيام الأمن المصري باعتقالهما دون غيرهما من أسر
باقي الشباب التسعة.
ويوضح عبد الباقي أن نظام
السيسي لم يكن يتوان في اتخاذ أسر المعتقلين وسيلة للضغط على أبنائهم، "ولكنه
الآن يتخذهم وسيلة للتأديب، كما جرى مع أم زبيدة التي فضحت الاختفاء القسري على
قناة bbc منذ قرابة العام، فكان الرد السريع هو اعتقالها واستمرار إخفاء ابنتها، كما تم
اعتقال محاميها عزت غنيم، في إطار حملة التأديب التي يمارسها النظام مع كل من يفضح
ممارساته وإجرامه ضد معارضيه".
ويؤكد القانوني والحقوقي
المصري أن الأيام الماضية شهدت العديد من الانتهاكات الحقوقية لنظام السيسي، "منها
عودة التصفيات الجسدية للمعارضين بحجة تبادل إطلاق النار، كما جرى في العريش
والقليوبية وجنوب سيناء، في ثلاثة أيام متصلة، بالإضافة لحملة تأديب واسعة ضد
المعتقلين بسجني برج العرب ووادي النطرون، والاعتماد على سياسة التغريب لإنهاك
الأهالي والمعتقلين على حد سواء".
ويضيف عبد الباقي: "رغم
أن النظام المصري لا يعنيه على الإطلاق التقارير الدولية التي تكشف الانتهاكات
التي يقوم بها في حقوق الإنسان، لكنه في الوقت نفسه يتعرض لضغوط سياسية مع سخونة
الحملات الشعبية والدولية ضد الانتهاكات المتواصلة وخاصة مع أحكام الإعدام،
ومن ثم فهو يلجأ لاعتقال اسر المعتقلين، كرسالة لهم ولغيرهم بأنه ماض في طريقه
الإجرامي رغم الانتقادات، وأنهم سوف يدفعون الثمن إذا صرخوا أو اعترضوا".