هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعاني المئات من طالبي اللجوء المصريين في كوريا الجنوبية
من أوضاع مأساوية ومزرية وانتهاكات لحقوقهم؛ نتيجة تعنت السلطات الكورية، والتعاون الأمني
الوثيق مع السلطات المصرية من جهة أخرى.
وكشف محامون وحقوقيون مصريون في كوريا الجنوبية، في
تصريحات لـ"عربي21"، عن تعرض طالبي اللجوء المصريين لانتهاكات حقوقية، وأنه
المكان الخاطئ لطلب اللجوء، وفق قولهم.
وانتقدوا عدم وجود تغطية إعلامية
تنقل معاناتهم للعالم، وتكشف انتهاكات سيول في التعامل مع طالبي اللجوء، مطالبين بتسليط
الضوء على أزمتهم؛ من أجل الضغط على السلطات الكورية في توفير الأمن والحماية.
تصعيد طالبي اللجوء
وقال المحامي والحقوقي المصري في كوريا الجنوبية، عبدالرحمن
عاطف، لـ"عربي21": "قررنا التصعيد تدريجيا ضد موقف السلطات الكورية البارد،
من خلال تنظيم اعتصامين آخرين، أحدهما عند مبنى الأمم المتحدة، والآخر عند مبنى شؤون
اللاجئين، إلى جانب الاعتصام الموجود، ولم نرغب في رمي كل أوراقنا؛ لأننا نعلم أن الحكومة
الكورية تتعامل مع القضية ببطء وبرود".
وبيّن أن "الاعتصام أمام وزارة العدل بدأ منذ
أربعة شهور ونصف؛ بسبب إيقاف هويات العديد من المصريين (الإقامة) دون أسباب قانونية،
وكنت أول هؤلاء. وبمراجعة الأمم المتحدة، لم تكترث لأوضاعنا، وأكدوا لنا أن الأمن الوطني
الكوري يعيد التحقيق في أوضاعنا".
وكشف عاطف عن "وجود اضطهاد رسمي من قبل السلطات
الكورية ضد طالبي اللجوء المصريين الحقوقيين والسياسيين"، مضيفا: "تفاجأنا
باختفاء أوراق ووثائق من ملفاتنا الخاصة بطلب اللجوء تؤكد تعرضنا للاضطهاد بمصر، ما
أثار علامات استفهام بشأن اختفائها، وأصبحت الأسئلة الجديدة عن الحسابات والأرصدة،
بشكل غير قانوني".
وأشار إلى وجود "أحداث غريبة تتعلق بتبادل المعلومات بين الأمن الوطني المصري والكوري، حيث تزامنت التحقيقات في كوريا مع عدد من السياسيين والحقوقيين مع القبض على بعض أهاليهم وذويهم وأصدقائهم بمصر".
وكشف عاطف أن "هناك العديد من الرموز السياسية
المصرية تقوم بزيارة إلى الأمن الوطني الكوري، حيث يلتقون بعض الضباط الذين دخلوا وسط
طالبي اللجوء، ويتحدثون اللغة العربية، ويدّعون مساعدتنا، ومعرفة ما لدينا من أجل إبلاغ
الجانب المصري بما قلناه، وأحد الضباط عرض مساعدتي في تخليص أي إجراء بالسفارة المصرية..
فما علاقته كضابط بسفارة دولة أجنبية؟".
وأوضح أن "فرض تأشيرة دخول لكوريا الجنوبية لم
يحدث إلا بعد أن انتقل لها حوالي مئة لاجئ سياسي، وفتحهم باب اللجوء قبل عدة سنوات، ليس حبا في الإنسانية والديمقراطية، إنما لتوفير عمالة رخيصة".
"عكس المتوقع"
الناشط عبدالرحمن زيد، أحد طالبي اللجوء السابقين في
كوريا الجنوبية، قال لـ"عربي21": "على غير ما يتصور
البعض، فإن التطور الاقتصادي الكوري لم يصاحبه أي تطور حقوقي على المستويين الشعبي
والسياسي، وتوقيعها على اتفاقية حماية اللاجئين في 1992، هو للانضمام إلى اتفاقية الشراكة
مع الاتحاد الأوروبي".
وكشف "أنه منذ عام 1994 وحتى الصيف الماضي، عدد
قبول طالبي اللجوء لم يتجاوز 850 طلبا من بين 42 ألف طلب لجوء، وهو رقم ضئيل، مقارنة
بدول مثل تركيا وألمانيا وبنغلاديش"، منتقدا في الوقت ذاته "تنسيق الأمن
الوطني في كوريا مع نظيره المصري، وهو ما وثقناه؛ فما نفعله في كوريا تعرفه قوات الأمن
في مصر؛ وبالتالي يتم اعتقال أهالي وأصدقاء لنا هناك، وللمفارقة فإن الأمن الوطني الكوري
يستعلم عن اللاجئين من الأمن الوطني في مصر".
وأوضح أنه "في 2017 تولى الرئيس الجديد مون جاي
إن الرئاسة، وهو لاجئ كوري شمالي، وناشط سياسي وحقوقي، ورغم ذلك خالف كل التوقعات،
وبعد شهور أرسل قطعة بحرية "فرقاطة" هدية إلى مصر، وهو نتيجة قطع القاهرة
علاقاتها بكوريا الشمالية في أعقاب احتجاز سفينة أسلحة في قناة السويس، اتضح فيما بعد
أن الجيش المصري هو الذي تعاقد عليها عبر وسيط آخر".
لافتا إلى أن "الرئيس الكوري عقد علاقات وثيقة
مع الإمارات والسعودية، حيث تقوم بتصدير أسلحة للأخيرة للحرب في اليمن، والقوات الكورية
الوحيدة خارج كوريا موجودة في الإمارات؛ لتدريب القوات الخاصة، وقبل شهور كان الشيخ
محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان، بالإضافة إلى وزيرة الاستثمار المصرية، والفريق
مهاب مميش، هناك، فهل أصبحت سيول مركز اجتماعات رجال الشرق الأوسط الآن؟".
اقرأ أيضا: أسرة مينا دانيال تناشد "سول" عبر "عربي21" عدم ترحيلها لمصر
"تعاون
كوري مصري"
بدوره؛ قال الباحث الحقوقي في التنسيقية المصرية للحقوق
والحريات، أحمد العطار، لـ"عربي21"، إنه مع تزايد عد طالبي اللجوء في كوريا
الجنوبية خلال السنتين الماضيتين، وهم بالمئات فقط، "قامت السلطات بوضع العراقيل
أمامهم منذ وصولهم للمطار، ونجحت في إبعاد الكثير منهم".
وأضاف: "حتى الذين نجحوا في الدخول لكوريا وطلبوا
اللجوء السياسي، لم يسلموا من التعنت الشديد والمتوالي من قبل السلطات الكورية، بداية
من التضييق عليهم، ورفض طلباتهم، والتأخير في استخراج تصاريح العمل الخاصة بهم، ما أدى
فعلا لجعل بعضهم يغادر كوريا لدول أخرى".
وأكد "أن تغير الموقف الكوري فى ملف اللاجئين
المصريين يرجع إلى التعاون الأمني بين مصر وكوريا الجنوبية تحت مسمى التعاون في ملف
ما يعرف بمكافحة الإرهاب، وكذلك للأسباب الرئيسية من شبكة وتشابك المصالح الاقتصادية
وتناميها بين البلدين".