هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال المعلق في صحيفة "الغارديان" سايمون تيسدال، إن رحيل عبد العزيز بوتفليقة هو بداية معركة الجزائر.
ويقول تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الاستقالة المترددة للرئيس المخضرم عبد العزيز بوتفليقة قوبلت باحتفالات صاخبة من المحتجين في الشوارع، الذين ظلوا يطالبون طوال الأسابيع الماضية برحيله، إلا أن سقوطه بعد 20 عاما في السلطة لا يعلم نهاية الثورة الجزائرية، التي ربما بدأت".
ويرى الكاتب أن "المرحلة التالية الأصعب قد بدأت، وتتمثل بالتخلص من النخبة الأوليغارشية الحاكمة ونظام الحكم النخبوي، وليس مجرد إجبار رئيس عجوز على الاستقالة، وبناء على القوانين الجزائرية تواجه الجزائر مرحلة انتقالية مدتها 90 يوما حتى يتم انتخاب الرئيس الجديد".
ويشير تيسدال إلى أن "هناك غموضا حول ما سيجري بعد ذلك، فعندما عرض التلفاز الجزائري صورا للرئيس السابق وهو يقدم استقالته كان إلى جانبه رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، وبحسب الدستور فإنه يجب على ابن صالح تولي منصب الرئاسة لحين انتخاب رئيس جديد".
ويستدرك الكاتب بأن "ابن صالح هو من الموالين القدامى لبوتفليقة، وعضو بارز في المؤسسة الحاكمة، وعادة ما قام بتمثيل الرئيس المريض في المناسبات الرسمية، ودعم محاولة بوتفليقة الفاشلة لعهدة خامسة، ولو حاول ابن صالح البقاء في السلطة فإن هذا سيغضب الراغبين بالإصلاح والتجديد".
ويلفت تيسدال إلى أن "ما أضاف إلى الغموض هو زعم الرئيس الذي مثل المؤسسة، الأمين زروال، الذي قال إنه رفض عرضا لقيادة الحكومة الانتقالية، وذلك بحسب ما نقلت قناة الجزيرة القطرية، فيما لا يزال الوزراء الذين عينهم بوتفليقة في اللحظة الأخيرة في مراكزهم ويؤكدون (الاستمرارية)".
اقرأ أيضا: فورين بوليسي: رحل بوتفليقة وهذه هي التحديات القادمة
ويجد الكاتب أن "سلمية التظاهرات، التي حظيت بدعم من الجيش، أدت إلى تدخل قائد الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، الذي أقنع بوتفليقة بالتنحي عن السلطة، وحقق الإصلاحيون الجزائريون أكثر مما أنجزه أسلافهم من ثوار الربيع العربي في الفترة ما بين 2011- 2012".
ويقول تيسدال: "كما اكتشف المصريون الذين أطاحوا بحسني مبارك فإن تغيير النظام هو أصعب، وربما ارتد سلبا، ومن هنا فإن أولوية الجيش الجزائري هي وقف الاضطرابات في الشارع، ولا يوجد ما يشير إلى أن الجنرال صالح مستعد للتسامح مع إصلاحات ديمقراطية مفتوحة كالتي تطالب بها المعارضة".
ويذهب الكاتب إلى أنه "عندما (تذهب السكرة وتحضر الفكرة) فإن الجزائريين سيكتشفون أن الطريقة التي تحكم فيها البلاد لم تتغير، وعندها قد تتحول الفرحة التي عبر عنها المحتجون إلى غضب، وحتى لو وافقت النخبة الحاكمة على التخلي عن السلطة، فلا حلول سريعة جاهزة للمشكلات الاقتصادية التي أثارت الاحتجاجات".
ويجد تيسدال أنه "مع ذلك فإنه لا يمكن تجنب مطالب التغيير الجذري، خاصة بين الجيل الشاب، فرغم الموقع الذي يحتله البلد في مجال تصدير النفط والغاز الطبيعي، فإن نسبة العاطلين عن العمل، خاصة بين الشباب ممن هم تحت سن الثلاثين، هي 1-4، وهؤلاء يمثلون نسبة 70% من عدد السكان، ومعظم هؤلاء ليست لديهم أي فكرة عن الحرب الأهلية التي أدت لمقتل أكثر من 100 ألف شخص في التسعينيات من القرن الماضي".
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: إلى أين تسير الجزائر بعد بوتفليقة؟
ويعتقد الكاتب أن "الأولوية الكبرى لابن صالح، الذي يعد الرئيس الفعلي للبلاد الآن، ويعرف ثمن الحرب، هي منع انزلاق البلاد إلى العنف مرة أخرى، ولو لم يتعامل مع الملف بحنكة فإنه قد يقضي على الآمال التي حملها المتظاهرون".
ويحذر تيسدال من منظور عدم الاستقرار في الجزائر والمخاوف الأوروبية منه، خاصة من الدول المواجهة للجزائر، وهي إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، التي تخشى من موجات هجرة تتدفق دون سيطرة نحو حدودها، بالإضافة إلى احتمال توقف ضخ النفط والغاز الطبيعي، و"يجب على أوروبا أن تدعم الحركة للديمقراطية في الجزائر".
ويخلص الكاتب إلى القول إن "الأنظمة الديكتاتورية التي باتت تشكل قوس عدم استقرار في شمال أفريقيا، يمتد من مصر إلى إرتيريا، إلى ليبيا التي مزقتها الحرب، والسودان، ستنظر لمصير بوتفليقة على أنه نذير شؤم، وقد لا يكون ما حدث هو ربيع عربي رقم 2، إلا أن المثال الجزائري للثورة الشعبية الناجحة قد تنتشر عدواه بسرعة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)