ملفات وتقارير

لماذا يستخدم نظام السيسي النقابات المهنية لتصفية خصومه؟

وصف المختصون الإجراء بأنه "كارت أحمر" مسبق ترفعه أجهزة الانقلاب ضد كل من ينتقد تعديلات الدستور- عربي21
وصف المختصون الإجراء بأنه "كارت أحمر" مسبق ترفعه أجهزة الانقلاب ضد كل من ينتقد تعديلات الدستور- عربي21

أكد سياسيون ونقاد سينمائيون وفنيون مصريون، أن قرار نقابة المهن التمثيلية بشطب عضوية عمرو واكد وخالد أبو النجا، كانت بأوامر مباشرة من مكتب رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وذلك لزيارتهما للكونغرس الأمريكي وفضح التعديلات الدستورية التي يعتزم الانقلاب العسكري طرحها للاستفتاء.


ووصف المختصون الذين تحدثوا لـ"عربي21" الإجراء بأنه "كارت أحمر" مسبق ترفعه أجهزة رئيس نظام الانقلاب في وجه كل من يفكر في انتقاد التعديلات، ويستخدم اتصالاته الدولية أو الإقليمية من أجل فضحها والكشف عن مخططات السيسي للبقاء بالسلطة حتى 2034.


وحذر المختصون من أن ما جرى مع واكد وأبو النجا والمطربة شرين عبد الوهاب، ربما يشكل بداية لاستخدام النقابات المهنية لتصفية خصوم السيسي ومعارضيه بحجة الأمن القومي.


سيطرة المخابرات


من جانبه، يؤكد الناقد السينمائي ممدوح هلال لـ"عربي21" أن نقابة المهن التمثيلية لم تكتف بقرار شطب واكد وأبو النجا من عضويتها، وإنما أيضا حذرت الممثلين من إعلان رفض القرار، أو إبداء أي نوع من التضامن معهما، محذرة من أن سياسة الدولة في المرحلة المقبلة، هي استخدام اليد الغليظة مع المشاهير الذين يعارضون السيسي والتعديلات الدستورية.


ويوضح هلال أنه تواصل مع عدد من الممثلين الذين أبدوا رفضهم لقرار النقابة، ولكنهم برروا صمتهم بارتباطهم بعقود عمل مع شركات الإنتاج التي تسيطر عليها أجهزة المخابرات، وشركة إعلام المصريين والمنتج تامر مرسي الذي أصبح محتكرا لسوق الإنتاج السينمائي والفني.

 

اقرأ أيضا: منظمة دولية: منع واكد وأبو النجا من التمثيل بمصر قرار قمعي


ويضيف الناقد السينمائي قائلا: "ما جرى مع خالد يوسف كان رسالة إنذار للجميع بأن من يخالف السيسي سيتم فتح ملفاته، وتشويه صورته، وإذا كان هذا الموقف مع يوسف الذي كان واحدا من المقربين لنظام السيسي، فكيف يكون الوضع مع غيره من الشخصيات التي لا تتمتع بنفس المكانة أو قوة التأثير، ولها مواقف رافضة منذ البداية للسيسي (..)؟ بالتأكيد سيتم تصفيتهم معنويا وفنيا بمختلف الطرق".


أوامر بالسكوت


ويدعم الناقد الفني محمد هلال الرأي السابق، مؤكدا أن سيطرة نظام السيسي على القنوات الفضائية، وشركات الإنتاج، واعتماده لسياسة من ليس معي فهو ضدي، جعلت تصفية أي نجم سينمائي سهلة للغاية، في ظل استخدامه لآلة إعلامية تفننت في قلب الحقائق ونشر الأكاذيب، بالإضافة للقبضة الأمنية التي لم يعد يردعها أي شيء، سواء بالقانون أو الدستور.


ويوضح الوكيل لـ"عربي21"، أن الإعلام استطاع فرض معادلة غريبة منذ ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وهي أن الإخوان المسلمين، يحاربون الفن، وأن زيادة نفوذ التيار السلفي على وجه التحديد سوف يحول مصر لدولة متشددة، تحارب الفن، ولذلك كان هذا الوسط هو الأكثر في نقده ورفضه لحكم الرئيس محمد مرسي، ولكنهم اكتشفوا الحقيقة بعد فوات الأوان.


وعن غياب أي شكل من أشكال التضامن مع واكد وأبو النجا وشيرين، داخل الوسط الفني، أضاف الوكيل قائلا: "في ظل منظومة تتحكم فيها أجهزة المخابرات والأمن، وتستخدم الحياة الشخصية للناس وسيلة ضغط وابتزاز، وربط مصالحهم وأشغالهم برضا النظام الحاكم، فهل يمكن أن يكون لهم رد فعل مخالف أو معارض؟".


نقابات مسيسة


وفي ما يتعلق باستخدام النقابات المهنية لتصفية الحسابات السياسية مع خصوم السيسي يؤكد عضو مجلس الشورى المصري السابق طارق مرسي لـ"عربي21" أن السيسي منذ البداية فرض سيطرته على مؤسسات المجتمع المدني، واستغل التشويه الإعلامي الذي صاحب الانقلاب العسكري في إبعاد الإخوان المسلمين من المشهد النقابي، ووضع على رأس هذه النقابات أتباع الأجهزة الأمنية الذين قضوا على العمل النقابي والمهني.


ويوضح مرسي أن هذه السيطرة يستخدمها السيسي الآن في تأديب المعارضين له، ليس في موضوع التعديلات الدستورية فقط، ولكن في أي موضوع آخر كان سببا في فضح مخططاته، مثل التنازل عن تيران وصنافير، والتصفيات الجسدية لمعارضيه، والتوسع في الإعدامات، والكبت السياسي، والانهيار الاقتصادي والتفكك الاجتماعي.

 

اقرأ أيضا: ما هي فرص المعارضة في مصر لإسقاط التعديلات الدستورية؟


وحسب قول البرلماني السابق فإن تهمة الخيانة العظمى، يجب أن توجه ضد السيسي ونظامه، وليس ضد معارضيه، ولكنه يتوسع في استخدامها الآن، ويعتبرها سلاحا مشهرا في وجه كل من يكون له صوت مخالف لتوجهاته وسياساته، مرتكزا على قضاء مسيس، ونخب سياسية وثقافية لم يعد في استطاعتها إلا الاعتراض على وسائل التواصل الاجتماعي إن كان لديها القدرة على فعل ذلك من الأساس.


ويضيف مرسي: "رغم الرعب الأمني الذي يستخدمه السيسي، إلا أن الأصوات المعارضة له تزداد كل يوم، ومع كل حدث، وهي أصوات مسموعة لدى الشعب المصري، والمجتمع الدولي، وهو ما يقلق السيسي ويواجهها بآلته الإعلامية والقضائية والأمنية، ولكنه لن يستطيع التصدي لها في النهاية، لانفضاح مخططاته، وفشله السياسي والاقتصادي المتواصل".

التعليقات (0)