نشرت مجلة
"
فام أكتيوال" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على آخر التطورات
المتعلقة بعدسات العيون اللاصقة المستقبلية، التي قد تكون لها مزايا متعددة من حيث
الاستخدام.
وقالت المجلة،
في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه من المتوقع أن تساهم هذه الأغشية
الصغيرة غير المرئية التي تخرجنا من حالة الرؤية الضبابية، بشكل أكثر نشاطا، في
تعزيز
صحة أجسامنا. وفي الواقع، غيرت العدسات حياتنا بعد أن مكنتنا من التخلص من
النظارات. وبإمكاننا وضعها في الليل للتقليل من حدة قصر النظر عند الاستيقاظ أو
زرعها في العين لاستبدال عدسة العين المتضررة. لكن يتوقع الباحثون أن يكون لهذه
العدسات وظائف أخرى في المستقبل.
وأشارت المجلة
إلى أنه لم يعد من الضروري استعمال قطرات العين، لأن العدسات قادرة على علاج هذه
المشكلة. وأفاد فيليب دونيس، رئيس قسم طب العيون في مستشفى لا روس في ليون، بأنه
"نظرًا لأنها محبة للماء، فإن هذه العدسات تلتقط السوائل ويمكنها أن تكون
بمثابة "مستودع للأدوية" قبل أن توزعها تدريجيا". وظلت الأبحاث
جارية منذ عدة سنوات حول الماء الأزرق، وهو مرض يؤدي فيه الضغط المرتفع جدا داخل
العين إلى تدمير العصب البصري تدريجيا.
يعمل فريق من
جامعة هارفارد على عدسات تحتوي على مبلمر لتقديم دواء مضاد للماء الأزرق على
امتداد شهر، وقد حققت أبحاثهم نتائج إيجابية على القرود ولكن لا يزال يتعين عليهم
التحقق منها على البشر. وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنقضي، أعلن باحثون في
سنغافورة أنهم طوروا نموذجا أوليا يحتوي على إبر صغيرة قابلة للذوبان تُستخدم
لتقديم هذه الجزيئات بجرعات متعددة. ويجري البحث من الآن فصاعدا عن سبل جعله مريحا
وغير مؤلم قدر الإمكان.
وذكرت المجلة
أن العدسات قد تعمل على قياس الضغط داخل العين لمدة 24 ساعة. وقد طورت شركة "سنسيماد" السويسرية
عدسة لهذا الهدف من أجل علاج الماء الأزرق بشكل أفضل. وفي العادة، يقوم طبيب
العيون بقياس هذا الضغط ولكن في وقت محدد، لمدة عشر ثوان فقط. ومن شأن توفر
معلومات أكثر اكتمالا حول تغيرات الضغط خلال النهار والليل أن يسمح للأطباء
بمراقبة تطور المرض وتكييف العلاج معه بشكل أفضل.
وأوردت المجلة
أن عدسات "تريغرفيش" اللاصقة مجهزة بأجهزة استشعار دقيقة تقيس التغيرات
في حجم العين، انطلاقا من مبدأ تأثير تغير الضغط داخل العين على انحناء القرنية.
ويشير البروفيسور دونيس إلى أن "هذا الأمر مثير للاهتمام ولكنه ليس ثوريًا
لأن هذه التدابير تمنحنا في الواقع أحد المعايير التي يجب معرفتها ولكنها لا
تتوافق تمامًا مع قياسات الضغط داخل العين".
وأضافت المجلة
أن هناك تطورا مستقبليا آخر مبهرا يتمثل في عدسات غنية ببروتين الكولاجين الطبيعي،
التي قد تتفكك بفضل إفرازات الدمع في غضون فترة تتراوح بين ست ساعات وأسبوع، حسب
الحاجة. ويتمثل الهدف من وراء ذلك في محاربة مشاكل جفاف العين أو حماية منطقة خضعت
لعملية جراحية أو جرح بصفة مؤقتة، ومن المؤكد أن هذه العدسات ستكون أفضل من
"ضمادة القراصنة". كما قد تستخدم أيضا لتوزيع الدواء.
وأشارت المجلة
إلى أن باحثين أستراليين طوروا معادلة يفترض أن تعزز التئام جرح العين بفضل خلايا
من نسيج متبرع وغشاء سلوي من المشيمة البشرية. ووفقًا لأبحاثهم، تساعد هذه العدسة
في مكافحة الالتهابات وتطلق عوامل التئام الجروح في حالة حدوث قرح القرنية. ويجب
إجراء التجارب السريرية على البشر لتأكيد فوائدها العلاجية.
وبينت المجلة
أن بعض العدسات قد تحتوي على صبغة تعالج عمى الألوان. وتخيل باحثو جامعة برمنغهام
عدسة مصبوغة بفضل ملون (غير سام طبعا) تمنع حزمة ضوئية محددة. وبدورها، تمنع إزالة
هذه الحزمة تحريك الخلايا المخروطية التي تعيق التمييز بين الألوان. ووفقًا لما
نشره هؤلاء الباحثين في شهر نيسان/ أبريل الماضي، استرجع المشاركون المصابون بعمى
الألوان بصرهم "الطبيعي". ولا شك في أن هذه العدسة سهلة الوضع وأفضل من
النظارات ذات الألوان الزهرية الموجودة بالفعل لأن لونها قد يختلط مع لون القزحية،
خاصةً في الظلام.
وأردفت المجلة
أن الميزة الأخرى المستقبلية لعدسات العين اللاصقة تتمثل في مراقبة مستوى السكر في
الدم. ويتمثل هذا الحل الذي تم التفكير فيه منذ سنوات في استخدام عدسة ناعمة قادرة
على قياس معدل الجلوكوز بشكل مستمر ليس في الدم وإنما في الدموع التي تبلل القرنية.
وتتميز هذه العدسات بخاصية إضافية تتمثل في تحذير الشخص في حال حدوث أمر غير
طبيعية، وذلك من خلال ضوء صمام ثنائي باعث للضوء صغير أمام العين وإرسال تنبيه عبر
الهاتف الذكي.
وفي الختام،
ذكرت المجلة أن شركتي غوغل ونوفارتس، المشاركتين في المشروع، تخلتا عن هذه الفكرة
في نهاية سنة 2018 بسبب غياب الدقة، ذلك أن قياسات تركُّز الجلوكوز في الدم وفي
الدموع غير متوافقة. ويشير أخصائيو مرضى السكري إلى أن هذا القياس أقل موثوقية
وفورية من قياس السكر في الدم.