هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حملت المظاهرات التي خرجت في مدينة درعا
السورية (جنوب)، ضد إعادة نصب تمثال الرئيس الراحل، حافظ الأسد، دلالات مختلفة
بشأن عودة الاحتجاجات، للمحافظة التي تعرضت لرد فعل قاس، من طرف النظام منذ اليوم
الأول للثورة السورية عام 2011 وحتى السيطرة عليها في تموز/يوليو الماضي.
وعادت المظاهرات، على نحو مفاجئ، إلى مدينة
درعا، جنوبي سوريا، الأحد ومساء الإثنين، مع هتافات تطالب بإسقاط نظام الأسد. وقال ناشطون: إن المظاهرات اندلعت
بالتزامن احتجاجا على إعادة تمثال رئيس النظام السوري السابق، حافظ الأسد، إلى
مكانه في ساحة "تشرين" وسط المدينة.
وأظهرت مقاطع فيديو، المئات في مدينة
"درعا البلد"، التابعة للمحافظة التي استعادها النظام في حزيران/ يونيو
الماضي. وكان المتظاهرون، حطموا
تمثال حافظ الأسد مع اندلاع شرارة المظاهرات في آذار/ مارس من العام 2011.
وردد المتظاهرون، الذين خرجوا في "درعا
البلد"، هتافات مشابهة لتلك التي أطلقوها مع بداية ثورتهم، في عام 2011،
أبرزها "عاشت سوريا.. يسقط بشار الأسد".
وتخضع درعا حاليا إلى سيطرة الشرطة العسكرية الروسية، بالتنسيق مع
قوات النظام، ومجالس المصالحة.
جدران الخوف
وقال عضو الائتلاف الوطني السوري، يحيى مكتبي: إن عودة الاحتجاجات
والمظاهرات، "أمر طبيعي ومتوقع، ومعبر عن حالة الرفض لنظام الأسد الاستبدادي،
الذي لم ولن يغير أسلوبه، رغم ما جرى خلال سنوات الثورة".
وأوضح مكتبي لـ"عربي21" أن "النظام، اعتقد عقب إجراء
المصالحات وعقود الإذعان، أن الأمر استتب له، وسيطر على الناس لكن الشعب الذي تعرض
للظلم، وكافح على مدار 8 سنوات، رفع صوته من جديد" معتبرا المظاهرات
"رسالة للمجتمع الدولي، أنه لن يكون هناك استقرار في سوريا، ما دام الأسد
وعصابته في السلطة" وفق وصفه.
وأشار إلى أن "النظام وعلى مدى 40 عاما، بنى جدرانا من الخوف
والإرهاب للشعب، لكنها تحطمت مع انطلاقة الثورة السورية في 2011، وشب السوريون عن
الطوق، وخرجوا عن صمتهم".
إقرأ أيضا: مجهولون يغتالون ضابطا مقربا من رئيس مخابرات درعا
ولفت مكتبي إلى أن السوريين، "ورغم البطش المرتكب بحقهم، خرجوا
للتظاهر على إعادة نصب تمثال الأسد الأب، وهي رسالة واضحة ضد سياسة تكميم الأفواه،
والتي لن تستمر بعد اليوم".
وأعرب عضو الائتلاف السوري المعارض، عن
اعتقاده أنه "حتى المدن التي تعتبر بشكل تلقائي حاضنة للنظام، تعاني من تمرد
وسخط على تدني الخدمات والوعود الكاذبة، ونحن نشاهد طوابير للحصول على اسطوانة غاز،
وانقطاع في الكهرباء وفقدان المستلزمات الحياتية، وربما تنطلق فيها شرارة تظاهرات
ضد النظام".
نار الثورة
من جانبه قال الكاتب والباحث سعد وفائي: إن
الثورة السورية، "مستمرة رغم ما أصابها، ولو بطرق وأشكال مختلفة عما جرى في
السنوات الماضية".
وأشار وفائي لـ"عربي21" إلى أن "الكثير
من المراقبين والنشطاء، توقعوا أن تعود المناطق التي سيطر عليها النظام للاحتجاج،
وممارسة أفعال الثورة، لأن الكثير من السوريين اعتادوا على الحرية والتعبير عن
آرائهم".
وتابع: "السوريون لن يرضخوا لحكم الأسد،
والثورة يعبر عنها الناس في شتى المناطق بعدة طرق، وحين نرى مظاهرات في درعا،
فهناك احتجاج في اللاذقية وسخط، وهناك نشطاء في الجنايات الدولية لرفع قضايا،
وهناك تفاعل مع قانون قيصر، فضلا عن النشاط في المناطق المحررة، إلى أن ينتهي هذا
النظام".
وعبر عن اعتقاده أن السوريين "نضجوا
سياسيا بشكل كبير، وتعلموا الكثير من الدروس، بعد 40 عاما من التصحر البعيد عن
الحريات، وحق التعبير عن الرأي" مشيرا "إلى أن السوريين كانوا يخشون
الحديث في أي شأن سياسي، حتى داخل بيوتهم، وبين أنفسهم، من شدة الرعب الذي رزعه
النظام".
وشدد على أن تظاهرات درعا، هي "تعبير
حقيقي عن زوال الخوف، الذي رزعه النظام طيلة العقود الماضية في نفوس الناس،
وبالتأكيد مع تقدم الوقت، وقدوم الأجيال التي عاشت سنوات من الحرية والتعبير عن
الرأي، لن يكون باستطاعة النظام، وقف هذا التوق للحرية".