هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد أقل من عامين من إقرار قانون جديد للاستثمار في مصر، وافقت الحكومة المصرية، على حزمة تعديلات ببعض أحكام القانون الذي وافق عليه مجلس النواب المصري في آيار/ مايو 2017.
وكانت موافقة البرلمان المصري على إصدار قانون جديد للاستثمار منذ (21) شهرا، قد جاءت أيضا بعد أكثر من عامين من تعديلات على القانون القديم اعتمدها رئيس سلطة الانقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي، قبل ساعات من بدء مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس 2015.
ومع كل تعديل جديد على أحكام وبنود قانون الاستثمار بمصر، تروج حكومات السيسي المتعاقبة على أنها تعمل على تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار المحلي والأجنبي، وتساهم في ضخ استثمارات جديدة، وتوسيع الاستثمارات القائمة، إلا أن النتائج تكون دائما مخيبة للآمال، وسط تساؤلات كثيرة عن أسباب فشل تلك التعديلات في جذب الاستثمارات؟
اقرأ أيضا: آلاف المصانع بمصر تغلق أبوابها.. كيف ساهمت الحكومة في ذلك؟
تراجع الاستثمارات
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلن البنك المركزي المصري، أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الأول من العام المالي 2018- 2019 انحسر بنسبة 40 بالمئة، بعد أن تراجع إلى 1.099 مليار دولار، مقابل 1.843 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي الماضي.
وبحسب بيان البنك المركزي، سجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر على أساس سنوي نسبة تراجع بلغت 2.6 بالمائة، بعد أن وصل إلى 7.719 مليارات دولار مقابل 7.9 مليارات دولار، بالرغم من إعلان وزيرة التخطيط هالة السعيد، في آب/أغسطس الماضي، أن بلادها تستهدف زيادة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 11 مليار دولار في العام المالي الجاري.
وتضمنت التعديلات الجديدة، التي وافق عليها مجلس الوزراء المصري، الأربعاء الماضي، إضافة فقرة أخيرة في المادة 12 والتي تنصُ على منح توسعات المشروعات الاستثمارية القائمة فرصة التمتع بالحوافز الخاصة المنصوص عليها في المادتين 11 و13 طبقا للقواعد والشروط التي يصدُر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء.
وشملت أيضا، إضافة فقرة أخيرة للمادة 48 من القانون تنص على أنه "يتعين التصديق على توقيعات الشركاء أو من ينوب عنهم على عقود الشركات أيا كان نظام الاستثمار الخاضعة له، مقابل رسم تصديق مقداره 25% من قيمة رأس المال المدفوع بحد أقصى مقدارُه 10 آلاف جنيه أو ما يعادلها من النقد الأجنبي بحسب الأحوال سواء تم التصديق في مصر أو لدى السلطات المصرية بالخارج، وتسري هذه الأحكام على كل تعديل في نظام الشركة".
اقرأ أيضا: الاستثمارات الأجنبية في مصر تتراجع وتفقد 22 مليون دولار
معلومات غير دقيقة
وفي حديثه لـ "عربي21"، علق أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، هشام إبراهيم، على فشل تلك التعديلات المتكررة في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر قائلا إن "المشكلة الأساسية التي تواجه العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر ليست في البنية التشريعية فقط، وإنما أيضا في البنية التنظيمية التي لازالت بحاجة إلى تطوير كبير خاصة في الجزء المتعلق بالجانب المعلوماتي الذي يشجع المستثمر على اتخاذ قرارات استثمارية صحيحة سواء المتعلقة بحجم الطلب وحجم المعروض، أو المتعلقة بالبنية التحتية، والعمالة، والأماكن المفضلة للاستثمار.. الخ".
وأوضح إبراهيم أن "مصر ليست دولة معلوماتية بالقدر الكافي، والمستثمر يبذل مجهودا كبيرا للحصول على المعلومات التي يحتاجها، علاوة على أن بعض البيانات التي يحصل عليها المستثمر في كثير من الأحيان تكون غير دقيقة".
وأردف: "مناخ الاستثمار عبارة عن تشريع وبنية تنظيمية ومعلوماتية ومؤشرات اقتصادية، وعلى الرغم من أن التشريعات الاستثمارية في الوقت الحالي أفضل من السابق وهي قريبة من التشريعات الاستثمارية في الدول المنافسة، إلا أن أرقام الاستثمار في مصر مخيبة للآمال".
وأضاف: "قيمة الجنيه المصري انخفضت بنحو 65 بالمئة بعد تحرير سعر الصرف، وهذا يعني أن أرقام الاستثمار في مصر بعد تعويم الجنيه يجب أن تزيد مرتين ونصف وهذا لا يتحقق في الوقت الحالي (بمعنى لو كانت 6 مليارات دولار قبل تحرير سعر الصرف يجب أن تكون 15 مليار دولار بعد التحرير، ولو كانت 8 مليارات دولار قبل التعويم يجب أن تكون الآن 20 مليار دولار وليس 7.7 مليارات دولار بحسب أحدث بيانات البنك المركزي)".
اقرأ أيضا: لماذا يتراجع الاستثمار الأجنبي بمصر رغم "إصلاحات" السيسي؟
"تضييع الوقت"
وأشار أستاذ التمويل والاستثمار خلال حديثه لـ "عربي21"، إلى أن "الجزء الأكبر من حجم الاستثمارات (أكثر من 50 بالمئة) يتركز في قطاع البترول والغاز، كما أن الجزء الأكبر منها استثمارات حكومية، والاستثمارات الخاصة لا تزال ضعيفة جدا، فضلا عن أن حجم الاستثمار في القطاعين الأكثر أهمية بالنسبة للمصريين (قطاع الصناعة وقطاع الزراعة) لا يزال دون القدر الكافي من إجمالي قيمة الاستثمارات الموجودة داخل البلاد".
وأكد أن مصر بحاجة إلى أرقام استثمار أكبر بكثير من الأرقام الحالية، مشيرا إلى أن تحركات الحكومة لجذب الاستثمار ليست هو المطلوبة في الوقت الحالي، وأن التقارير الدولية التي تشيد بتحسن مناخ الاستثمار في مصر، تحتاج إلى وقت طويل لترجمتها على أرض الواقع.
ودعا إبراهيم الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الاستثمار إلى "ضرورة عدم تضيع الوقت في مؤتمرات كلامية مثل (اليورومني) وغيرها التي لا تحقق نتائج ملموسه على أرض الواقع، وسرعة التحرك في رسم خريطة جغرافية ومسارات محددة لاحتياجات مصر الاستثمارية والصناعية في مختلف المجالات بدراسات جدوى متخصصة، وتسويق هذه المشروعات سابقة التجهيز بالخارج لجذب المستثمرين الأجانب الذين لديهم الرغبة في الاستثمار بمصر".