هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف رئيس لجنة الصناعة
والطاقة في البرلمان المصري، رئيس جمعية مستثمري برج العرب بالإسكندرية، فرج عامر،
عن غلق 600 مصنع بالمدينة الصناعية ببرج العرب خلال الفترة الماضية، نتيجة
السياسات الخاطئة في التعامل مع ملف التنمية الصناعية.
وحسب تصريحات صحفية لعامر،
فإن هناك أكثر من 50 معوقا تواجه المصانع على مستوى الجمهورية، أبرزها ارتفاع
أسعار الفائدة؛ لإرغام المصانع على التمويل من بنوك تجارية تفرض فائدة تتجاوز 20%،
وتهميش دور هيئة التنمية الصناعية، ومغالاة الحكومة في الرسوم الخدمية مثل الغاز
والكهرباء والنظافة.
وأشار عامر إلى أن غياب
الرقابة الحكومية من جهة، وفرض شروط معقدة من جهة أخرى، أدى لتزايد مصانع
"بير السلم"، التي تقوم بطرح منتجاتها بأسعار رخيصة بعد سرقتها
للعلامات التجارية المعروفة للشركات الكبرى، وهو ما أفقد المصانع الرسمية
التنافسية الحقيقية.
وحذر رئيس لجنة الصناعة في البرلمان من الخطر الذي يهدد الاستثمار الصناعي، موضحا أنه أصبح على حافة الخطر،
ولم يعد أحد يستثمر إلا في المجال الاحتكاري فقط، أما الحكومة فقد اكتفت بسياسة
المسكنات وإطفاء الحرائق، ولا تقوم بمعالجة القصور الموجود.
ويتزامن مع تصريحات المسؤول
البرلماني إعلان أصحاب مئات مصانع الأثاث والحلوى بمحافظة دمياط عن غلقها، ردا
على التقديرات الجزافية التي فرضتها عليهم مصلحة الضرائب، ما جعلهم يرفعون شعار
"غلقها أرحم من ضرائبها"، بينما حذرت شعبة النسيج باتحاد الصناعات
المصرية من غلق 45% من مصانع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، ما أدى لتشريد أكثر
من مليوني عامل.
"أرقام مفزعة"
من جانبه، يؤكد الخبير
الاقتصادي أيمن النجار لـ"عربي21" أن ما صرح به رئيس لجنة الصناعة
بالبرلمان ليس مجرد حديث للاستهلاك الإعلامي؛ لأنه في الوقت نفسه رجل أعمال تعاني
مصانعه من الخسائر المتواصلة، وبالتالي "فالأسباب التي كشفها تمثل اعترافا
واضحا بفشل سياسات نظام الانقلاب العسكري في أهم الملفات الاقتصادية، وهو ملف
التنمية الصناعية".
ويضيف النجار أن الفلسفة
الاقتصادية لنظام عبد الفتاح السيسي تقوم على سياسة المكسب السريع البعيد عن
المخاطرة، وهو ما يترجم توسعه بالاستثمار العقاري، وعقود التنقيب عن الغاز، لكنه
بالمقابل لم يعط التنمية الزراعية والتنمية الصناعية أي اهتمام تشريعي أو تمويلي.
ويصف الخبير الاقتصادي
الوضع الراهن للصناعة المصرية بأنه "أشبه بالمريض الذي ينازع الموت في غرفة
الإنعاش"، مشيرا إلى أن "الفترة التي تلت الانقلاب العسكري في تموز/
يوليو 2013 شهدت غلق آلاف المصانع في مختلف المدن الصناعية الكبرى بمختلف
المحافظات، وهي أعداد مرشحة للزيادة بشكل كبير، مع عدم وجود أي ملامح لحلحلة الوضع
السياسي والاقتصادي الراهن".
ويضيف النجار أن الأرقام الصادرة عن عدة
هيئات رسمية تؤكد غلق 600 مصنع بالمدينة الصناعية ببرج العرب، و670 بالمنطقة
الصناعية بالسادس من أكتوبر، وتوقف 2400 مصنع لصناعة النسيج، وغلق 200 مصنع بدمياط
الجديدة، و200 مصنع بالمدينة الصناعية بأنشاص الرمل، وغلق وتعثر 410 مصانع بالعاشر
من رمضان، وغلق وتعثر 115 مصنعا من إجمالي 150 بالمنطقة الصناعية بالفيوم، و370
مصنعا بقويسنا، و70 بمدينة السادات، وغلق 170 مصنعا بسوهاج.
"منافسة غير مشروعة"
وفي تقييمه لسياسات الحكومة مع ملف
الصناعة، يؤكد خبير الاقتصاد الدولي وليد مسعود لـ"عربي21"، أن "النظام
المصري غير مهتم بتطوير الصناعة، أو البحث عن آليات جادة لانتشالها من مشاكلها
المتواصلة، رغم أن تطوير هذا الملف كان يمكن أن يساعد في علاج سلبيات البرنامج
الاقتصادي المشترك مع صندوق النقد الدولي، وعلاج مشاكل ارتفاع سعر الصرف".
ويشير مسعود إلى أن سياسات الحكومة مع
الصناعة الوطنية أدت في النهاية "لعزوف الاستثمارات الأجنبية هي الأخرى عن
التواجد في السوق المصري، مع الوضع في الاعتبار أن الاستقرار السياسي يمثل عاملا
قويا في دعم المشروعات الصناعية، وهو ما تعانيه مصر حاليا".
وانتقد خبير الاقتصاد الدولي الدعوة التي
وجهتها فرنسا لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي لحضور قمة الدول السبع الصناعية
الكبرى المقبلة، مشيرا إلى أن "مصر على أرض الواقع ليست جاذبة للاستثمار، ولم
تعد قلعة صناعية كما كانت قبل سنوات، وبالتالي فإن دعوة السيسي لها هدف سياسي أكثر
منه اقتصادي يمكن أن يمثل خدمة للصناعة المصرية".
وعن مقصده بالاستقرار السياسي، يوضح
مسعود أن "وضع الحكم في مصر غير مستقر في ظل الانتقادات الدولية للسياسة
الأمنية والبوليسية التي ينتهجها النظام، بالإضافة لتوسعه في فرض الحراسة، والتحفظ
على أموال معارضيه من جماعة الإخوان المسلمين تحديدا، وتسييس القضاء، وهي كلها
أمور تدفع المستثمرين المصريين والأجانب للتفكير كثيرا قبل الاستثمار بمصر".
ويضيف مسعود جانبا آخر يهدد قطاع
الصناعة بمصر، وهو "منافسة الجيش من خلال وزارة الإنتاج الحربي للمصانع
الوطنية، مستفيدة في ذلك من الإعفاءات الجمركية والضريبية، وقلة أجور العمالة، وعدم
معاناتها من أي عوائق حكومية فيما يتعلق باستيراد مستلزماتها، على عكس المعوقات
التي تواجه الآخرين، ما يجعل المنافسة غير عادلة على الإطلاق".
اقرأ أيضا: استحواذ خليجي على الدخان المصرية.. السهم بسعر علبة سجائر