هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حين تقع عينا المرء على رجل وكلب، يعبران أروقة المحاكم التركية، قد يستوقفه وجود حيوان في أماكن مماثلة، ما يلبث أن يتجاوز الأمر سريعا.
لكن عندما يتفطن إلى أن الرجل كفيف وأن الكلب يرشده إلى الطريق، بل يصطحبه إلى قاعات المحكمة نفسها، فإنه يصبح للحكاية معنى مختلف.
الكلب اسمه "تابس"، وقد تعود منذ ثلاثة أشهر، على مرافقة المحامي الكفيف مصطفى كسكين، لإرشاده في أروقة المحاكم، ومختلف الأماكن التي يقصدها.
سابقة تعتبر الأولى من نوعها في دور القضاء بتركيا، حيث يعتبر "تابس" أول كلب يدخل المحاكم وقاعاتها، في قصة تستبطن أكثر من بعد، وتحتمل أكثر من قراءة.
كلب يدرك أنه يؤدي أصعب دور يمكن أن يطلبه منه بشر، وهو أن يكون "عينيْ" رجل كفيف، وليس رجلا عاديا وإنما هو محام يتنقل طوال يومه بين مكتبه وقاعات المحاكم، مع ما يتخلل كل ذلك من ركوب لوسائل النقل وغيره.
"تابس" يرافق كسكين في كافة جوانب حياته، إذ إنه يركب معه في وسائل النقل العامة، ويذهب معه إلى مراكز التسوق، فضلا عن تسهيل مهامه بشكل كبير في قصر العدل، حيث يقوم بدور المرشد في ممراته، ويدخل معه صالات المحاكم.
ويعتبر "تابس" رابع كلب مرشد في عموم تركيا، وأول كلب مرشد يدخل قاعات المحاكم بالبلاد.
"تابس غيّر حياتي"
قبل نحو عام، تقدّم كسكين بطلب إلى جمعية للكلاب المرشدة، للحصول على خدمات أحد الكلاب، وهو ما تحقق قبل نحو ثلاثة أشهر عندما تعرف إلى "تابس".
وفي حديث مع الأناضول، قال المحامي كسكين (26 عاما)، إنه خضع لفترة تدريب وتأقلم مع الكلب "تابس"، حيث تعرفا خلالها على طباع بعضهما البعض، ومن ثم نال موافقة الجمعية، قبل أن يباشرا العيش سوية.
اقرأ أيضا : ألطف كلب في العالم يموت حزنا.. ما السبب؟
وأضاف: "تابس غيّر حياتي كثيرا، فالعيش مع كلب مرشد أمر رائع للغاية، فهو صديق وفيّ قبل كل شيء، كما أصبحت بفضله أتنقل بحرية وسهولة أكبر، واكتسبت معه المزيد من الثقة بنفسي".
ولفت إلى أن "النيابة العامة في قصر العدل بتشاغلايان (إسطنبول)، أصدرت قرارا يسمح بموجبه للكلاب المرشدة بدخول قاعات المحاكم، وبناء على ذلك أصبح تابس يشاركني جلسات المحاكمة".
وأوضح أن "تابس ينتظر بكل هدوء وذكاء خلال عقد جلسات المحاكمة، إذ إنه يجلس تحت الطاولة بصمت لغاية وقوفي على قدمي، حيث يقف هو الآخر ونخرج سوية من قاعة المحكمة".
ووفق كسكين، فإن "تابس يعد رابع كلب مرشد في عموم تركيا"، معتبرا أن "مشاركة هذه الكلاب في الحياة الاجتماعية، ستساهم في تعرف المجتمع عليها بشكل أكبر واتخاذ موقف إيجابي تجاهها".
وأعرب عن قناعته بأنه "مع مرور الزمن، ستصبح هذه الكلاب قادرة على دخول كافة المؤسسات، ووسائل النقل والمرافق العامة".
من جانبه، قال تشاغلايان تشاووش أوغلو، وهو الشخص الذي تطوع لتأهيل "تابس" منذ كان بعمر شهرين ولغاية إتمامه العام الأول، إن "فكرة تأهيل كلب صغير ليصبح مرشدا راقت لي، وقد تقدمت بطلب للجمعية لتربية أحد الكلاب".
وأضاف للأناضول: "عندما أتى إلينا تابس كان بعمر شهرين، ثم أصبح وكأنه فرد من العائلة"، مشيرا إلى أن "مهمة العائلة المتطوعة هي قضاء أكثر الأوقات مع الكلب، وإخضاعه للتدريبات الأساسية، ومحبته وجعله اجتماعيا بشكل كبير".
وأردف: "لقد كنا نصطحبه معنا إلى أي مكان، لأنه يجب ألا يبقى وحده لوقت طويل، كما أن عليه أن يعتاد على الشارع جيدا، وعدم الخوف من كلاب الشارع".
ويخضع الكلب المرشد إلى جملة من التدريبات الأساسية، أبرزها المشي في جهة اليسار، وعدم التنقل بين اليسار واليمين كثيرا، فضلا عن الالتزام بجملة من قواعد الانضباط مثل عدم الصعود على الكراسي، وعدم اللعب بالكرة كثيرا، وعدم الركض خلف الأجسام المتحركة، وفق المصدر نفسه.
وعبر عن شوقه الكبير لـ"تابس"، وبسعادته في الآن نفسه، عند رؤية صور الانسجام والتأقلم بينه وبين كسكين.