هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تساءل المعلق في صحيفة "نيويورك تايمز" نيكولاس كريستوف، عن مناقشة جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "المساعدة الأمريكية في المشروع النووي السعودي".
ويصف كريستوف في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، المساعدة الأمريكية للسعودية، إن كانت صحيحة، وبيعها مفاعلات نووية يمكن استخدامها لإنتاج سلاح نووي، بالأكثر إدهاشا.
ويشير الكاتب إلى أنه "في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس تفكيك المشروع النووي في كوريا الشمالية وإيران فإنه يقوم بمساعدة السعودية على بناء مشروع نووي، وليس هذا فقط فالسياسة الفظيعة ملطخة بتضارب المصالح والمتورط فيها كوشنر".
ويقول كريستوف إن "شركة العقارات التي تملكها عائلة كوشنر كانت في مهب الريح بسبب عملية الشراء التي قام بها جاريد لمبنى 666 في فيفث أفنيو في نيويورك بسعر باهظ، إلا أن العقار أنقذه في آب/ أغسطس عبر شركة اسمها (بروكفيلد أسيت مانجمنت)، ووقع عقدا مدته 99 عاما عن البناية كلها، ودفعت المبلغ كله مقدما (1.1 مليار دولار أمريكي)، وتملك الشركة نفسها (ويستنيغهاوس إلكتريك)، وهي الشركة التي تحاول بيع مفاعلات نووية إلى السعودية".
ويلفت الكاتب إلى أن "هذه التعاملات بالإضافة إلى تعاملات غامضة، هي ما قادت المخابرات الأمريكية لرفض منح كوشنر التصريح الأمني العالي، بحسب ما ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) يوم الخميس، التي قالت إن ترامب نفسه تدخل وطلب من مدير طاقم البيت الأبيض منح صهره التصريح".
ويقول كريستوف إن موضوع المفاعل النووي بدأ في الفترة التي فاز فيها ترامب في الانتخابات عندما قامت مجموعة من مسؤولي الأمن القومي المتقاعدين بوضع خطة للتربح من خلال بيع محطات تعمل على الطاقة النووية إلى السعودية، مشيرا إلى أن المجموعة تضم مايكل فلين، أول مستشار للأمن القومي في إدارة ترامب.
ويفيد الكاتب بأن الخطة الأولية شملت على بيع 40 محطة، وهو ما كشف عنه تقرير لجنة الإشراف والإصلاح في مجلس النواب، والتقى ترامب في 12 شباط/ فبراير مع داعمي المشروع في البيت الأبيض، مشيرا إلى أن المفاعلات النووية المقترحة هي للأغراض السلمية، إلا أن السعودية تصر على تخصيب الطاقة بنفسها، بدلا من شراء بكلفة أقل من الخارج.
ويعلق كريستوف قائلا إن "الدول المنبوذة عادة ما تصر على إنتاج الطاقة بنفسها لتحول جزءا منها لأغراض إنتاج السلاح النووي. إن ترامب وإن كان حذرا وبطريقة مدمرة مع مشروع إيران، إلا أن الأمر في الحالة السعودية لا يتعلق بالحذر بقدر ارتباطه المال الذي سيجنيه، وعندما عارض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطة نقل التكنولوجيا، ذكر موقع (إكسيوس) أن (ترامب ومستشاريه أخبروا نتنياهو أنه لو لم تبع أمريكا التكنولوجيا فإن السعوديين سيبحثون عنها عند الروس والفرنسيين)".
ويقول الكاتب إن "ترامب يعتقد على ما يبدو أن السعوديين وضعونا تحت الأمر الواقع: فلو لم نساعدهم في الحصول على التكنولوجيا النووية فسيجدون المساعدة من طرف آخر، وهذا سوء فهم للعلاقة الأمريكية السعودية؛ لأن السعوديين يعتمدون في أمنهم علينا، والحقيقة الواضحة أننا نحمل الأوراق كلها في العلاقة، وليس هم".
ويتساءل كريستوف عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تساعد الأمير محمد على طريق امتلاك السلاح النووي، فـ"هو قوة مزعزعة للاستقرار في منطقة غير مستقرة، فغزا اليمن، واختطف رئيس الوزراء اللبناني، وبدأ حربا مع قطر، وبحسب المخابرات الأمريكية فهو الذي أصدر أمرا بقتل الصحافي في (واشنطن بوست) جمال خاشقجي، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فهو الذي احتجز وعذب بوحشية الناشطات في مجال حقوق الإنسان، بمن فيهن لجين الهذلول، التي آمل أن تحصل على جائزة نوبل.
وأضاف: "كما لاحظ النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا إد شيرمان (فإن بلدا لا يمكن ائتمانه على منشار عظام فكيف يمكن الوثوق به مع امتلاك سلاح نووي)".
وينوه الكاتب إلى أن البيت الأبيض لم يوضح فيما إذا ناقش كوشنر المشروع النووي عندما زار السعودية قبل أيام، إلا أن السيناتور جيف ميركلي عن ولاية أوريغان قال للكاتب: "سأكون مندهشا لو لم يفعل"، فإلى جانب كل من السيناتور الديمقراطي عن ماساتشوستس إد ماركي والجمهوري عن كنتاكي راند بول، فإن ميركلي تقدم بقرار يعارض نقل التكنولوجيا النووية إلى السعودية.
ويقول كريستوف إن "هناك بعدا يثير الاشمئزاز في سياسة ترامب السعودية: علاقة الغزل مع أمير أجنبي قام بخلق كارثة إنسانية في اليمن، وقتل صحافيا، وعذب ناشطات مطالبات بحقوق المرأة، ويبدو خنوع البيت الأبيض في العلاقة من الطريقة التي تباهى فيها محمد بن سلمان، فقال لموقع (ذا إنترسيبت) إن كوشنر في (جيبه)".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لا أحد يعلم إن كان محمد بن سلمان سيخلف والده في العرش، فإن هناك معارضة داخل العائلة، والاقتصاد الذي تفاخر بأنه يريد إصلاحه يعاني من مشكلات، ويبدو ترامب وصهره كوشنر يحاولان وبطريقة غير مسؤولة تعزيز إمكانيات الأمير، وزيادة المخاطر بوضع رجل متهور على رأس البلاد، ليديرها لخمسين عاما قادمة ومتسلحا بالنووي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)