هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع دخول عقوبات السلطة عامها الثاني على التوالي، التي كان من نتائجها إحالة عشرات الآلاف من موظفي السلطة في غزة للتقاعد المبكر، وحرمان الآلاف من ذوي الأسرى والشهداء مستحقاتهم المالية بناء على انتمائهم التنظيمي، أطلق أكاديميون وحقوقيون فلسطينيون مبادرة حملت عنوان (صوت العدالة الوطنية).
وتهدف المبادرة إلى الضغط على رئيس السلطة، محمود عباس، لوقف إجراءاته
العقابية ضد سكان القطاع، عبر إرسال مذكرة قانونية إلى المنظمات الدولية والأممية؛ للتعريف بمخاطر العقوبات المفروضة على غزة، وأن هذه الإجراءات تمت دون مسوغ قانوني
أو أخلاقي يعطي السلطة الحق في فرض هذه العقوبات.
وتمكنّت الحملة خلال وقت قصير من جمع تواقيع لقرابة 300 شخصية
أكاديمية وفصائلية من مختلف التيارات السياسية، إضافة إلى نشطاء حقوقيين من منظمات
المجتمع المدني.
مواجهة خطر العقوبات
إلى ذلك، أشار الباحث في الشؤون السياسية والقانونية والمسؤول عن
المبادرة، أحمد أبو زهري، إلى أن "هذه المبادرة هي حراك نخبوي جامع يهدف إلى حشد
الدعم للقضية الفلسطينية تجاه التحديات التي تواجهها، وكانت الأولوية في هذا
التوقيت لمواجهة خطر العقوبات التي تفرضها السلطة على القطاع، التي كان لها
بالغ الأثر في تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، إضافة إلى الأثر
السياسي بتراجع حضور القضية الفلسطينية في الساحات الدولية".
وأوضح أبو زهري لـ"عربي21": "قمنا بمخاطبة عدد من
المنظمات الدولية والأممية من خلال ترجمة البيان الأول لعشر لغات؛ بهدف إحداث حالة
من الرأي العام الدولي للضغط على رئيس السلطة لوقف إجراءاته الانتقامية ضد قطاع
غزة، والإيعاز له بتحمل مسؤولياته تجاهه".
وبيّن أبو زهري أن أدوات هذا الحراك تستند إلى الشارع بالدرجة الأولى،
إضافة إلى موقف منظمات المجتمع المدني، مؤكدا أن الحراك حقق أثرا ماديا على الأرض، من خلال تضامن نشطاء وأحرار من دول العالم مع هذه المبادرة وتبنيهم لها، كما أن
المبادرة تسعى إلى تقديم مذكرات قانونية في المحاكم الوطنية الأوروبية ذات
الاختصاص العالمي، لإدانة رئيس السلطة بتهمة ممارسة الاضطهاد ضد أبناء شعبه.
دفعت عقوبات السلطة المفروضة على قطاع غزة منذ عامين إلى رفع حالة
الاحتقان في الشارع الفلسطيني ضد السلطة، كونها شملت كافة ألوان الطيف الفلسطيني،
ولم تقتصر فقط على إضعاف حركة حماس، كما صرحت بذلك السلطة في أكثر من مناسبة.
ووفقا لتقديرات اقتصادية، فقد تراجعت مخصصات السلطة تحت بند الرواتب
والأجور من 45 مليون دولار قبل فرض العقوبات في آذار/ مارس 2017، حتى وصلت لما دون
25 مليون دولار شهريا.
"ابتزاز"
من جهته، أشار عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، طلال أبو
ظريفة، أحد المشاركين في حراك صوت العدالة، إلى أنه "ما كان ينبغي على السلطة أن
تدفع الشارع الفلسطيني بمكوناته المختلفة إلى تأسيس حراك ومبادرات للمطالبة
باستعادة الحقوق الإنسانية التي كفلها القانون الأساسي، ومنها الحق في الحصول على
رواتب الموظفين، واستغلال هذه الورقة في ابتزاز الطرف الآخر لتحقيق مكاسب سياسية".
وأضاف أبو ظريفة لـ"عربي21": "هذا الحراك ليس معاديا
للسلطة، بل يتبنى الموقف الرسمي للمجلسين الوطني والمركزي المنبثق عن منظمة التحرير، الذي طالب في اجتماعاته الأخيرة بوقف العقوبات المفروضة على غزة، وتحييد الشارع من
أي خلافات سياسية".
حاولت "عربي21" الحصول على تعليق من عضوي المجلس الثوري
لحركة فتح عبد الله عبد الله وتيسير نصر الله، إلا أنهما رفضا التعليق على هذا
الموضوع.
في حين أشار أستاذ القانون في جامعة غزة، أحمد حسنية، إلى أن "تعدي
السلطة على حقوق الموظفين من منطلق تصفية الحسابات الحساسية يعدّ انتهاكا صارخا
لميثاق الأمم المتحدة الخاص بإلزام الدولة بتوفير متطلبات العيش الكريم لمواطنيها، بما يشمل توفير فرص العمل، وتوفير خدمات التعليم والصحة والبنى التحتية".
وأضاف القانوني حسنية لـ"عربي21" أن "إبداء الحراك
نيته التوجه للمحاكم الوطنية في أوروبا سيضع السلطة في موقف اتهام، وقد يعرضها
لعقوبات من قبل هذه الدول، وهذا سينعكس على توجهات السلطة الانفتاح على دول
العالم".
اقرأ أيضا: "عربي21" تتحدث مع "الحراك الشعبي" المطالب برحيل عباس