هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ألقى العاهل المغربي الملك محمد السادس حجرا ثقيلا في بركة العلاقات "العربية ـ العربية"، عندما اتهم بعض الدول العربية، بتهديد استقرار الدول الأخرى والتدخل في شؤونها.
حديث العاهل المغربي، جاء بعد أيام من استدعاء الرباط سفيرها، من السعودية والإمارات، وضمن خطاب ألقاه رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، في القمة العربية الأوروبية الأولى، التي افتتحت أعمالها أمس الأحد، بشرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.
وقال العاهل المغربي، "وهنا لا يفوتني أن أشير إلى أن ما يواجهه العالم العربي من تحديات خطيرة تهدد أمنه واستقراره، راجع أحيانا، إلى سياسات وسلوكيات بعض بلدانه تجاه البعض الآخر".
وتابع "وفي هذا الصدد، نشدد على أن القضاء على هذا التهديد يظل رهينا بالالتزام بمبادئ حسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية للدول ووحدتها الترابية، والتوقف والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية".
ورغم ان العاهل المغربي لم يشر في كلمته إلى أي بلد، إلا أنه جاء بعد أيام من أزمة دبلوماسية مع السعودية والإمارات، بعد نشر تقرير تلفزيوني لقناة العربية، يبتر الأقاليم الجنوبية عن باقي خريطة المغرب، وهو ما أثار سخط الرباط التي استدعت سفيريها من السعودية والإمارات، قبل ان توضح الخارجية المغربية أن سحب السفراء راجع للتحولات التي تعرفها تلك البلاد وانعكاساتها على علاقاتها الخارجية.
اقرأ أيضا: المغرب: استدعاء السفراء بسبب تحولات في السعودية والإمارات
واقترح الملك ثلاث أولويات: "أولا الأمن القومي العربي، الذي ينبغي أن يظل شأنا عربيا، في منأى عن أي تدخل أو تأثير خارجي، مع الأخذ بعين الاعتبار، أهمية الجهد الدولي الذي يمكن للشركاء الموثوق بهم القيام به من أجل منع أي مساس بهذا الأمن، لأن أي إضرار به سيفضي، لا محالة، إلى الإضرار بأمن أوروبا، بل وبأمن العالم أجمع".
واستطرد "إننا نغتنم هذه المناسبة لدعوة التكتلات العربية الإقليمية، ومن بينها اتحاد المغرب العربي الذي ننتمي إليه، إلى ضرورة الاضطلاع بدورها في تطوير علاقاتنا مع الشريك الأوروبي، وتجاوز العوائق السياسية والخلافات الثنائية التي تعطل مسيرة الإقلاع والتنمية".
وزاد "ثانيا، تحقيق نهضة الوطن العربي، حيث يقع على عاتق أوروبا مساعدة جوارها العربي على بلوغ ذلك التطور الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، الذي من شأنه تقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين هذين الشريكين، من خلال مشاريع تنموية ملموسة، تعيد رسم مسارات تنقل الاستثمارات والأشخاص، وتساعد على خلق توازنات إنتاجية تحتوي الهواجس الأمنية والاقتصادية والاجتماعية المشتركة".
وأفاد "بالفعل، وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي الثاني للدول العربية، إلا أن الحركة التجارية بين الجانبين، على أهميتها وكثافتها، لم ترق بعد إلى طموحاتنا. كما تتسم بعدم التوازن، فقد بلغت نسبة الواردات العربية من الاتحاد الأوروبي 27 في المائة، مقابل 11 في المائة من الصادرات العربية في الاتجاه الأوروبي".
اقرأ أيضا: المغرب يستدعي سفيره بالسعودية وينسحب من التحالف باليمن
ودعا ثالثا، إلى "توجيه الشراكات المستقبلية نحو تهييئ بيئة فكرية وثقافية وإعلامية سليمة، للتعايش والتعاون بين شعوب المنطقتين، تسمح باندماج الأجيال، وتكريس قيم التسامح وقبول الآخر، بعيدا عن اجترار الصور النمطية، ونهج الإقصاء والرفض الذي لا يولد إلا الصراع والتنافر".
وسجل "هنا، نتطلع إلى بناء علاقة مستقبلية سليمة بين العالم العربي وأوروبا، خالية من الأحكام الجاهزة، وفي منأى عن تأثيرات الأحداث العابرة، فنحن في المغرب نعتقد أننا اليوم أمام فرصة جديدة للتدبير المشترك لقضيتي الهجرة ومحاربة الإرهاب، في جوانبهما المتعددة، وفق مقاربة متكاملة وشمولية، تجمع بين روح المسؤولية المتقاسمة والتنمية المشتركة".
وشدد "لن تلهينا أية نظرة تفاؤلية، أو طموح مشروع لإرساء هذا التعاون، عن التذكير ببعض التحديات الأساسية التي تواجه فضاءنا، وأبرزها القضية الفلسطينية ومستقبل القدس الشريف، التي نوليها كرئيس للجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي عناية خاصة".
وأضاف: " نؤكد بهذه المناسبة على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني للمدينة المقدسة، كجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، في إطار حل الدولتين، وبما يحقق السلام الشامل لجميع شعوب المنطقة، وذلك وفقا للثوابت التي سبق وأن تم التوافق عليها، في إطار منتدى حوارنا بشأن تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
وكانت وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد برس"، قد كشفت عن مسؤولين مغاربة قولهم، إن المغرب انسحب من التحالف العربي الذي تقوده السعودية في الحرب اليمنية، مشيرة إلى أن المغرب استدعى سفيره بالمملكة العربية السعودية لإجراء مشاورات، موضحة أن المغرب "لم يعد يشارك في التدخلات العسكرية أو الاجتماعات الوزارية في التحالف الذي تقوده السعودية".