هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تباينت المواقف الأوروبية من بيع السلاح للسعودية،
فألمانيا ترفض عقد صفقات مع الرياض في ظل استمرار حرب اليمن، بالمقابل ترغب بريطانيا
وفرنسا ببقاء العلاقة العسكرية مستمرة، بل على العكس، عبّرت لندن عن قلقها من وقف
بيع أسلحة ألمانية للرياض.
مبرر غير أخلاقي
ويثير هذا التباين تساؤلا حول ما إذا كان الموقف الألماني
دافعه أخلاقي أم لا، وأيضا ما الذي يدفعها لوقف بيع السلاح للسعودية بينما تصر
لندن وباريس على ذلك.
تجيب الصحفية المعتمدة لدى الاتحاد الأوروبي، ليلى حداد، عن هذا التساؤل بالقول: "أستبعد أن يكون دافع ألمانيا أخلاقيا، وبالتأكيد
ليست حقوق الإنسان في السعودية هي السبب".
وتابعت في حديث لـ"عربي21": "السبب الرئيسي
هو المصالح الاقتصادية والتجارية، فألمانيا ليس لها عقود كبيرة جدا، ليس فقط مع السعودية، بل كل دول الخليج".
"المصالح"
وأوضحت أن فرنسا وبريطانيا لديهما عقود بيع سلاح للسعودية
وغيرها بالملايين، بعكس ألمانيا، ولهذا فعلاقتهما التجارية مع الرياض أكثر أهمية من
أي شيء آخر مقارنة بألمانيا".
من جهته، يرى المحلل السياسي حسام شاكر أنه في مسألة بيع
السلاح لدول الخليج عموما، "يُعتبر المستفيد الأول الدول المصنعة أكثر من
التي تشتريه، بمعنى يُشك أن تستفيد دول الخليج من هذا السلاح؛ لأنها في الواقع تقوم
بتكديسه فقط".
وتابع شاكر في حديث لـ"عربي21": "بالتالي
الامتناع عن بيع السلاح يعدّ عمليا عقوبة على الدول المصنعة، وهذا الأمر يجعلنا
نفهم موقف الدول المعارضة لوقف بيع السلاح كبريطانيا وفرنسا، لأنه يعدّ خسارة
لقطاع اقتصادي مهم بالنسبة لها".
وأوضح شاكر أن "الاعتراضات الداخلية في هذه الدول
تختلف من دولة لأخرى، فالمعارضة لبيع السلاح في ألمانيا أكثر من المعارضة في لندن
وباريس، وأغلب النقاشات التي حدثت داخل هذه الدول هي برلمانية بحتة".
وأشار شاكر إلى أن "الحظر الألماني لا علاقة له
بالأخلاق، ومسألة وقف بيعها للسلاح لا يمكن فهمها بالمنظور الأخلاقي فقط، خاصة أن
برلين لها علاقات مع أنظمة تنتهك حقوق الإنسان، مثل نظام السيسي في مصر، وهي أحد
الداعمين للسيسي عبر الكثير من الصفقات".
"أسباب داخلية"
بدوره، قال الصحفي والمحلل السياسي، توفيق قويدر شيشي، إن
"ألمانيا تعارض بيع السلاح للسعودية لأسباب داخلية، فالحكومة الألمانية ائتلافية
وهشة، وكل أعضاء الائتلاف في الحكومة ضد سياسة بيع السلاح للسعودية؛ وذلك بسبب قضية
حرب اليمن، وقضية الصحفي خاشقجي، وبسبب الضغط الكبير الذي تمارسه منظمات حقوق الإنسان
الأوروبية على الحكومة الألمانية والحكومات الأوروبية".
وتابع قويدر في حديث لـ"عربي21": "إضافة إلى أن
المصالح والتباين في حجم صفقات السلاح له دور أيضا في تباين المواقف الأوروبية،
لهذا نجد فرنسا وبريطانيا تعارضان الموقف الألماني القاضي بوقف بيع السلاح
للسعودية".
ضغط فرنسي وبريطاني
وحول إمكانية حدوث ضغط بريطاني وفرنسي على ألمانيا لوقف
حظر بيع السلاح للسعودية، قال قويدر: "أنا عضو حزب حركة الجمهورية إلى الأمام، وأعرف سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جيدا، وبرأيي هو سيقنع المستشارة
الألمانية أنجيلا ميركل بتغيير موقفها".
وأكمل: "أضف لذلك أن حكومة ميركل هشة، بالتالي هناك
احتمالية موافقتها على إعادة صفقات السلاح مع السعودية، وتحديدا صفقة طائرات يوروفايتر
تايفون؛ لأنها صناعة أوروبية مشتركة لا ألمانية فقط".
من ناحيتها، قالت الصحفية ليلى حداد: "لا أعتقد أن فرنسا
وبريطانيا تستطيعان الضغط على ألمانيا لتغيير موقفها، فالألمان حين يتخذون قرارا يلتزمون
به، وألمانيا هي قاطرة الاتحاد الأوروبي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي التي
تقرر 99 في المئة من القرارات داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي".
من ناحيته، قال المختص بالشأن الأوروبي حسام شاكر:
"يمكن أن تحدث مراجعات داخل ألمانيا، ويتغير موقف برلين من بيع السلاح
للسعودية، خاصة أن بعض الولايات الألمانية مثل بافاريا، التي تحتوي على مصانع
سلاح، تعترض على هذا الحظر؛ نتيجة لأثره الاقتصادي عليها".
يُذكر أن الرئيس
الفرنسي إيمانويل ماكرون رفض سابقا دعوات عدد من الدول الأوروبية، من بينها ألمانيا، لوقف مبيعات السلاح للسعودية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وتساءل ماكرون وقتها: "ما الصلة بين مبيعات السلاح ومقتل
السيد خاشقجي؟ أنا أفهم الصلة مع ما يحدث في اليمن، لكن لا صلة لذلك بالسيد خاشقجي،
هذه ديماغوجية محضة، أن نقول لا بد أن نوقف مبيعات السلاح، هذا لا علاقة له بالسيد
خاشقجي".