هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "الأتلانتيك" الأمريكية مقال رأي للكاتبة شارلي جين أندرس تحدثت فيه عن الكواكب التي يمكن أن تكون بمثابة منازل جديدة للبشرية، مؤكدة أن فكرة وجود كوكب نصفه مضيء ونصفه الآخر مظلم، يمكن أن يكون موطن الجنس البشري في المستقبل، في حال أردنا العيش في أنظمة شمسية أخرى.
وقالت الكاتبة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه قبل عدة سنوات، أصبح جل تركيزها ينصب على الكواكب المقيدة مديّا.
وقد أدركت أن هذه الكواكب، تعد من بين أفضل الرهانات، عند عملية البحث عن الأماكن الشبيهة بالأرض، والتي يمكن لأحفادنا الاستقرار فيها.
ويمكن للعوالم التي يغلب عليها الظلام، من ناحية وأشعة الشمس التي لا تنتهي من ناحية أخرى، أن تكون مستقبل الجنس البشري.
وأفادت الكاتبة، أن علماء الفلك يعتقدون أن معظم الكواكب في مجرتنا، التي تكون فيها درجات الحرارة شبيهة بالأرض، من المرجح أن تكون مقيدة مديا.
ونظرا لأن الفترة المدارية هي نفس فترة تناوبها، تعرف هذه الكواكب بعرض جانبها نفسه للشمس، تماما مثلما نشاهد الجانب ذاته للقمر عند دورانه حول الأرض.
ويعتبر السبب وراء هذه الوفرة في الكواكب المقيدة مديا بسيط جدا، علما وأن ما يصل إلى ثلاثة أرباع الشموس المتواجدة في مجرتنا هي أقزام حمراء، أو ما يعرف باسم "أقزام إم" وهي نجوم أصغر وأبرد من كوكب الشمس.
ويجب أن يكون أي كوكب يدور حول أحد هذه الأقزام قريبا إلى نجمه حتى يتمكن من تأمين حياة للبشر. وتجدر الإشارة إلى أن علماء الفلك اكتشفوا مؤخرا سبعة كواكب بحجم الأرض في المنطقة الصالحة للسكن في نظام ترابيست-1، والذي من المرجح أن يكون جميعهم مقيدون مديا.
وأشارت الكاتبة إلى أن الحديث عن هذه الكواكب في الوقت الحالي يعد بمثابة تكهنات. لكننا نحاول تعلم ما يكفي حول ديناميات العوالم المقيدة مديا لفهم كيفية عملهم ونوع الحضارة التي يمكن أن نبنيها هناك، فضلا عن المكان الذي يمكن أن يستقر فيه البشر على كوكب مقيد مديا.
اقرأ أيضا : كيف سيمثل إعادة تأهيل الكواكب مستقبل البشرية؟
ويبدو أن إجابة هذا السؤال تتمثل فيما يعرف بخط الغلس، وهو خط الشفق الذي يفصل بين الوجه المضيء والمظلم للكوكب.
وفي هذا الصدد، يقول دانييل أنغيرهاوسن، عالم الفيزياء الفلكية في مركز الفضاء والصلاحية للسكن التابع لجامعة بيرن: "قد يكون هذا المكان هو نفسه المنطقة التي يطلق عليها اسم "النطاق الصالح للحياة"، حيث لا يكون المناخ هناك حارا أو باردا للغاية، بل عالقا بين غسق أبدي وفجر أبدي".
ويقترح أنغيرهاوسن أن البشر في منطقة خط الغلس قد يكونون قادرين على توليد الطاقة الحرارية الجوفية، باستخدام الماء البارد من الجانب المظلم والماء الساخن من الجانب المضيء.
ومن جهتها، تقول لودميلا كارون من معهد ماكس بلانك للفلك: "للنفاذ إلى المياه السائلة في كوكب مقيد مديا، تحتاج إلى نظام لتبريد الجانب المضيء وتسخين الجانب المظلم".
وقالت الكاتبة نقلا عن كارون: "تتوقف صلاحية العيش على هذه الكواكب إلى حد كبير على مدى قدرة الإنسان على نقل الحرارة".
وتظهر نماذج الكمبيوتر الخاصة بكارون أن الكوكب المقيد مديا قد يكون له تياران نفاثان قويان، يعملان مثل التيار النفاث المتواجد في كوكب الأرض.
ولكن إذا كان الكوكب قريبا جدا من الشمس، فقد يكون هناك تيار نفاث واحد فقط، يتواجد مباشرة فوق الجزء الأقرب للشمس. في هذا السيناريو، يمكن أن تنحصر الحرارة في الجانب المضيء من الكوكب.
وبينت الكاتبة أنه وفقا لكارون، بغض النظر عن المشاكل المتعلقة بإيجاد الماء السائل، يمكن لكوكب مقيدا مديا حول قزم أحمر أن يواجه مشاكل أخرى، خاصة وأن نجوم الأقزام الحمراء تعرف "بمزاجها المتقلب"، وتميل إلى الانفجار وقذف مواد في الفضاء.
ويمكن لهذه الانفجارات تسخين الغلاف الجوي للكوكب في المنطقة الصالحة للسكن، في حين يمكن للنجم كذلك قذف مواد تعمل على تعرية الغلاف الجوي.
ومن جهة أخرى، قال فيفيان بارمينتيير، من جامعة إكس مارسيليا: "حتى مع وجود الغلاف الجوي، يمكن أن يتعرض الجزء المضيء من الكوكب لإشعاع مميت".
ولا يمكن أن يوفر الضوء الصادر من قزم أحمر ما يكفي من الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية اللازمة لصنع غاز الأوزون، لذلك قد لا يحتوي هذا الكوكب، على عكس الأرض، على طبقة الأوزون.
اقرأ أيضا : مسبار صيني يستعد للهبوط على الجانب المظلم من القمر
وذكرت الكاتبة أن أي إنسان يعيش على هذا الكوكب يحتاج كذلك إلى الطعام والتنفس. ومن جهتهما، يقوم الفيزيائيان جوزيف غيل وأمري واندل، من الجامعة العبرية، بدراسة إمكانية بقاء النباتات على قيد الحياة عند تعرضهم للإشعاع. في البداية، قد تنمو النباتات في المحيط للاستفادة من طبقة الماء الواقية.
لكن في نهاية المطاف، وفي حال أصبح النجم أقل عنفا، يمكن للكوكب أن يطور غلافا جويا سميكا بما يكفي للسماح للنباتات بالنمو على اليابسة.
وحيال هذا الشأن، يقول أديب بارادايس، طالب في علم الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة تورنتو، إن "الأشخاص قادرين على العيش في الجانب المضيء، لكنهم بحاجة إلى القيام بعمليات تنقيب وبناء خطوط أنابيب لجلب الجليد من الجانب المظلم".
كما يعتقد بارادايس أن الأشخاص يمكنهم كذلك تعلم العيش في الجزء المظلم البارد. وفي هذا السياق، أضاف بارادايس قائلا: "أنا من متساكني ولاية مينيسوتا".
ويمكن للأشخاص هناك العيش في جميع أنواع المناطق التي قد يصفها علماء الفلك بأنها "غير صالحة للسكن".
وفي الختام، يؤكد برادايس أن أكبر تحد يمكن أن يواجه البشر الذين سيعيشون في كوكب مقيد مديا، قد يكون الفضاء المختلف تماما عن الأرض.
ففي حال قرروا العيش في الجانب المضيء، قد "يفقدون علاقتهم بالكون"، لأنهم لن يتمكنوا من رؤية النجوم مطلقا. وستتغير نظرتهم إلى الوقت، لأنه "لن يطرأ أي تغير على الفضاء مطلقا".