يواصل رئيس تيار "الغد السوري" أحمد
الجربا جولاته المكوكية في أكثر من عاصمة إقليمية ودولية، بهدف تحشيد الدعم لخطته
الجديدة، التي تبحث في تشكيل قوة عربية- كردية في شرق الفرات، تتولى إدارة المنطقة
الآمنة التي تعتزم الولايات المتحدة وتركيا إقامتها شمال شرق
سوريا بعد انسحاب
القوات الأمريكية من هذه المناطق.
فبعد الزيارات المتكررة التي قام بها الجربا
إلى كل من أنقرة وواشنطن وأربيل العراق، كشفت مصادر من داخل "تيار الغد"
عن زيارة مرتقبة سيقوم بها الجربا إلى موسكو، وذلك لإقناع الطرف الروسي بالخطة
التي تبحث في ملء الفراغ وتشكيل منطقة عازلة بين
تركيا والقوات الكردية التي
تصنفها الأولى إرهابية، وذلك تجنبا للتصعيد والتوترات في هذه المنطقة، وتمهيدا
لإعادة السكان إليها.
وبحسب التسريبات المتداولة، فإن خطة الجربا
تقضي بتشكيل قوة عسكرية تقودها "قوات النخبة" التابعة له، بالتشارك مع
قوات "بيشمركة سوريا" التي تتكون من مقاتلين أكراد سوريين مدعومين من
قبل رئاسة إقليم كردستان العراق، لنشرها في المناطق المحاذية للحدود السورية-
التركية في نطاق عمق يُتفق عليه ضمن إطار تفاهمات المنطقة الآمنة أو العازلة، وذلك
بعد انسحاب وحدات الحماية الكردية من هذه المناطق باتجاه العمق السوري.
وتراعي خطة الجربا ديموغرافيا المنطقة، حيث
تشير الخطة إلى نشر القوات العربية في المناطق ذات الغالبية العربية، وقوات كردية
(بيشمركة) في المناطق ذات الغالبية الكردية، وذلك منعا لإثارة النعرات القومية.
فهل ستبصر هذه الخطة النور، أم العكس، وماذا عن
مواقف الأطراف الفاعلة بالشأن السوري حيالها؟
غياب الثقة التركية
ومعلقا على ذلك، أشار الكاتب الصحفي التركي،
عبد سليمان أوغلو، إلى إصرار تركيا على إخلاء المنطقة الحدودية في منطقة شرق
الفرات من وحدات الحماية الكردية.
وأكد في حديثه لـ"
عربي21" أن أنقرة
لا تثق بالتوجهات الأميركية التي تدعم مقترحات الجربا الذي يعتبر حليفا للوحدات
الكردية وأمريكا، معتبرا أن الخطة لا تعدو كونها مقترحا أمريكيا للخروج من مأزق
الاعتراض التركي.
واستدرك سليمان أوغلو: "ما زالت احتمالية
القيام بعمل عسكري تركي قائمة، غير أن تركيا يمكن أن توافق على انتشار قوات الجربا
في العمق أكثر، وليس في المنطقة الحدودية التي تمتد على الأقل بعمق 30 كم".
ومتفقا مع الصحفي التركي، أعرب المحلل السياسي
أسامة بشير، عن اعتقاده بأن خطة الجربا لا تحظى بقبول تركي، بسبب علاقات الجربا
التحالفية السابقة مع الولايات المتحدة والسعودية.
وقال في حديثه لـ"
عربي21"، إن لدى
تركيا الكثير من الخيارات لملء الفراغ، دون الاستعانة بالجربا، وقواته المبالغ في
عددها أصلا، على حد تعبيره.
وأضاف بشير بأن "الجربا بعد أن غاب عن
المشهد السياسي السوري، يحاول إعادة اسمه إلى الواجهة من خلال هذا الطرح، وهو
يتقرب من روسيا على أمل أن تساعده على تحسين علاقته بأنقرة".
ورأى بشير أن "خطة الجربا قد يكتب لها النجاح في حال قررت روسيا وضع قوات
النخبة تحت المظلة الروسية".
في هذا الوقت، جدد وزير الخارجية التركي، مولود
تشاووش أوغلو، معارضة بلاده منح "الإرهابيين" أي فراغ يمكن أن يستفيدوا
منه لتهديد وحدة أراضي سوريا، وتقويض الأمن القومي لجيرانها، داعيا الولايات
المتحدة إلى الانسحاب من سوريا بطريقة منظمة ومنسقة.
حظوظ ضئيلة
المسؤول الإعلامي في منصة "INT" الإخبارية، جوان رمّو، رجح هو الآخر
فشل خطة الجربا، مرجعا ذلك اعتراض كل من روسيا والنظام السوري والوحدات عليها.
وأوضح لـ"
عربي21"، أن روسيا تدعم
سيطرة النظام على كامل الجغرافيا السورية، وهو الأمر الذي يتعارض مع خطة الجربا،
وكذلك النظام السوري.
وأما عن سبب معارضة الوحدات الكردية للخطة،
أشار رمّو إلى خلافها الكبير مع "البشمركة السورية"، وعلق بقوله
"الوحدات تعتبر البشمركة قوات موالية لتركيا، ولذلك من الواضح أن الوحدات قد
تقدم على تسليم هذه المناطق للنظام، بدلا من الموافقة على هذه الخطة".
وما يؤيد رأي رمّو، معارضة الرئيس السابق لحزب
"الاتحاد الديمقراطي" الكردي، صالح مسلم، لفكرة إنشاء المنطقة الآمنة،
تحت إشراف تركي.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة الشرق الأوسط، عن
مسلم قوله "يتحدثون عن منطقة أمنية يريد الأتراك الإشراف عليها، نحن نرفض
وجود أي إصبع تركي، وأي تدخل تركي شمال سوريا سيخرب الأمور، ونطالب بمنطقة أمنية
برعاية دولية ووجود مراقبين دوليين ضد التدخل التركي".
قوات النخبة
وقوات النخبة، هي قوات عشائرية شكلت في الربع
الأول من العام 2016، تتبع لـ"تيار الغد" ولها علاقات جيدة بالإمارات
ومصر والسعودية، و مدعومة من التحالف شاركت في قتال تنظيم الدولة داعش إلى جانب ما
يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" لكن من دون أن تنضم إليها.
وتتضارب الأنباء بشأن حجم هذه القوات الحقيقي
على الأرض، ففي حين تقول مصادر "تيار الغد" بأن حجمها يناهز الـ10 آلاف
مقاتل، تؤكد مصادر أخرى أن عددها لا يتجاوز الـ3 آلاف مقاتل.