هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أصدرت محكمة أمريكية حكما يُلزم النظام السوري بدفع تعويضات لأسرة الصحفية الأمريكية ماري كولفين، التي قتلت في قصف لقوات النظام على حمص عام 2012.
وكانت كولفين، التي كانت تعمل لحساب صحيفة صاندي تايمز البريطانية، قد قتلت في قصف لقوات النظام السوري لبناء كان يتواجد فيه صحفيون أجانب في حي بابا عمرو، الذي كان تحت سيطرة فصائل الجيش الحر، في 22 شباط/ فبراير 2012. وقتل خلال القصف أيضا المصور الفرنسي ريمي إشليك، كما أصيب المصور المرافق لكولفين، البريطاني بول كونروي، إلى جانب ناشطين إعلاميين سوريين كانوا يرافقون الصحفيين الأجانب قبيل اقتحام الحي من جانب قوات النظام.
وقالت المحكمة الفيدرالية في مقاطعة كولومبيا إنها "مقتنعة" بأن "الجمهورية العربية السورية" متورطة في عملية "إعدام مواطنة أمريكية خارج نطاق القضاء"، عبر "التخططيط والتنفيذ للهجوم على المركز الإعلامي في حي بابا عمرو"، بحسب نص الحكم الذي جاء في 36 صفحة، وحصلت "عربي21" على نسخة منه.
وقررت القاضية آمي بيرمان جاكسون إلزام الحكومة السورية، بناء على الدعوى التي تقدمت بها عائلة كولفين، بدفع تعويضات بقيمة 300 مليون دولار، إضافة إلى 2.5 مليون دولار لعائلة كولفين، إلى جانب نحو 11.8 ألف دولار كتكاليف جنازة. كما ستقرر المحكمة لاحقا بشأن مطالبات بتعويضات إضافية.
وقالت المحكمة في ثنايا الحُكم الذي صدر الأربعاء، إن "الحكومة السورية كانت تعلم برحلة صحفيين أجانب في الحي"، وأنهم كانوا يدخلون للحي عبر قنوات المياه، "فجعلت تحديد موقع المركز الإعلامي ضمن أولوياتها"، موضحة أن فرع الأمن العسكري في حمص أصدر تعليماته لقوات النظام بالقبض على الصحفيين الأجانب في المدينة. وقد تم استخدام أجهزة مثبتة على سيارات في محيط الحي؛ لاعتراض الاتصالات التي تجري عبر هواتف القمر الصناعي، إلى جانب تجنيد جواسيس للحصول على إحداثيات المركز الإعلامي وتحركات الصحفيين.
وسرد نص القرار طويلا الاتصالات التي كان أجراها اللواء رفيق شحادة، رئيس الفرع الذي أصبح لاحقا رئيسا لشعبة المخابرات العسكرية، مع الجواسيس في المنطقة لتحديد مكان تواجد الإعلاميين، كما تم رصد إشارات الاتصال خلال إجراء كولفين مقابلات مع محطات تلفزيونية عالمية.
وفي يوم مقتل كولفين وزميلها المصور الفرنسي، كان القصف المدفعي والصاروخي من جانب قوات النظام السوري يتركز على المنطقة المحيطة بالمركز الإعلامي، ضمن رشقات لتصحيح دقة التصويب على الهدف، قبل أن يستهدف صاروخ المركز بشكل مباشر.
اقرأ أيضا: هل قطع "قانون قيصر" الطريق أمام إعادة تأهيل الأسد دوليا؟
ونقل نص الحكم شهادات تفيد باحتفال شحادة مع ضباط من قوات النظام ومخابراته؛ بقصف المركز الإعلامي، حيث "هنأهم على نجاح العملية، وتناولوا الخمر احتفالا". وبحسب الشهادة ذاتها، فقد ركز المحتفلون على كولفين، ووصفوها "كلبة وقد ماتت".
وقد هنأ ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، شحادة على نجاحه في العملية، ومنحه سيارة جديدة كمكافأة له، كما تم تعيينه لاحقا رئيسا للمخابرات العسكرية في دمشق (قبل إقالته عام 2015) كما أورد نص قرار المحكمة، الذي خلص إلى أن "القتل كان متعمدا"، وأنه يمثل "عملية إعدام خارج نطاق القضاء".
وتمكن المصور الإسباني خافيير إسبينوسا روبلس من تصوير المبنى بعد قصفه، قبل أن يغادر الحي بصحبة كونروي، وبمساعدة ناشطين مثل فايز العمر وخالد أبو صلاح.
ويشار إلى أن فيلما سينمائيا صدر العام الماضي يوثق حياة كولفين، بعنوان "حرب خاصة" (Private War)، بمشاركة زميلها كونروي.
ويذكر أن كولفين كانت قد اشتهرت بتغطيتها في مناطق الحروب، وفقدت إحدى عينيها خلال تغطيتها أحداثا في سريلانكا عام 2001. كما تواجدت في ميدان التحرير في القاهرة خلال ثورة 25 يناير 2011، وانتقلت أيضا إلى ليبيا خلال ثورتها. وسبق أن قابلت الزعيم الراحل معمر القذافي عام 1992 بعد قصف طرابلس.
وكانت محكمة أمريكية قد أقرت في عام 2016 مسؤولية النظام السوري في توفير دعم لتنظيم القاعدة في العراقق، الذي اتهم بتنفيذ تفيجرات في فندق في عمان عام 2005، ما أدى إلى مقتل العشرات. وفرضت المحكمة تعويضات بقيمة 347 مليون دولار لصالح عائلتي أمريكيين قتلا في التفجيرات التي كان من بين ضحاياها المخرج السوري الأصل مصطفى العقاد.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: هل ستدين ملفات ووثائق مهربة بشار الأسد؟