هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذّر رئيس الشاباك "ناداف أرغمان" من تغلغل النفوذ الصيني في الكيان الاسرائيلي تصريحات دفعت السفير الصيني لدى الكيان مطالبة المسؤولين في الكيان الاسرائيلي تزويد بلاده بإيضاحات حول التصريحات المتكررة للمسؤولين الإسرائيليين حذروا فيها من توثيق العلاقة بين الدولتين؛ خصوصا بعد أن أصبحت الصين الشريك الاقتصادي الثاني للكيان الإسرائيلي تسبقها الولايات المتحدة الأمريكية بحجم استثمارات وتبادل تجاري بين الكيان الإسرائيلي والصين يفوق الـ 25 مليار دولار معززة بعشر اتفاقات مضاعفة بذلك حجم التبادل التجاري عما كانت عليه في العام 2009.
هواجس الصين عبر عنها برسائل نقلها مسؤولون في وزارة الخارجية الصينية إلى الدبلوماسيين في السفارة الإسرائيلية في بكين بحسب القناة الـ13 الإسرائيلية؛ فلم تكتفِ برسائل السفير الصيني لدى الكيان؛ ذلك أن الهواجس الصينية لم تحركها التصريحات فقط، إذ ألغى مسؤول منع الاحتكارات في وزارة المالية الإسرائيلية عقد شراء الصين شركتي التأمين الإسرائيليتين الكبيرتين "هَفينيكس" و"كْلال"، مهددة بذلك مشاريعها الطموحة والتي تتضمن ميناء حيفا وأشدود وبناء عشرة أنفاق في حيفا إلى جانب قطار خفيف في تل الربيع (تل ابيب) .
إقرأ أيضا: الصين تطلب اعتماد لغتها بمناطق السياحة الأردنية
مخاوف عززتها تلميحات "أرغمان" لإلغاء عقد مع شركات صينية للتطوير ميناء حيفا الجديد والقطار البلدي في تل الربيع (تل أبيب) خلال محاضرة مغلقة في جامعة تل أبيب؛ إذ نقلت القناة الـ 13 عن "أرغمان" قوله أن الاستثمارات المكثفة لشركات صينية في إسرائيل قد تشكل خطرا على أمن إسرائيل.
"أرغمان" أضاف في المحاضرة نفسها: "إن التأثير الصيني في إسرائيل خطير وخاصة بكل ما يتعلق بالبنية التحتية الإستراتيجية والاستثمارات في شركات إسرائيلية كبيرة"؛ فالشراكة مع الصين تثير انزعاج الحليف الاستراتيجي الأمريكي وهنا يكمن انزعاج القادة الأمنين للكيان؛ فأمريكا عرضة لخسارة نفوذها الاقتصادي في الخليج العربي والكيان كما خسرته في العراق بتأثير من الشركات الصينية والروسية والهندية والنفوذ الإيراني والتركي المتنامي.
الصين لم يقتصر نشاطها على اختراق مشاريع البنية التحتية في دولة الكيان الإسرائيلي بل امتدت الى جوارها الجغرافي؛ إذ مولت طريق (العارضة ـ السلط) في الأردن المتصل بالمعابر الحدوية البرية مع الكيان الإسرائيلي بمنحة قدرت قيمتها بـ 31 مليون دولار؛ مدخلة الأردن في دائرة التنافس والتصارع؛ وقدمت مؤخرا منحة 11 مليون دولار للأردن تضمنت تزويد المعابر الحدودية الأردنية بأجهزة كشف (أكس ري) للمساعدة على تسهيل حركة العبور والبضائع وتعزيزها، خصوصا وأن الآفاق واعدة جدا في حال توسعة وتطوير ميناء حيفا واستكمال الجزء الشرقي من الممر الاقتصادي العابر للخليج العربي وبحر العرب.
الصين سرعت اندفاعتها في غرب آسيا والعالم العربي في العام الماضي في المنتدى الاقتصادي الصيني العربي بالحديث عن منحة لليمن والأردن والعراق وسوريا والسلطة الفلسطينية تقدر بـ 100 مليون؛ وقروض ومنح ستتجاوز 20 مليار واستثمارات تتجاوز خلال عشر سنوات 200 مليار دولار وتبادل تجاري يتجاوز الـ 250 مليار دولار ليبلغ 600 مليار دولار؛ وهي مشاريع طموحة يسعى الكيان الإسرائيلي لتزعمها والهيمنة عليها بافتتاح المعابر البرية والجوية والبحرية.
الصين تملك استراتيجية متكاملة تتجاوز مفهوم العلاقات الثنائية مع الكيان الإسرائيلي نحو مشاريع إقليمية واقتصادية كبرى تقع في لب الاستراتيجية الصينية للتوسع ممثلة بمشروع حزام واحد طريق واحد؛ والمتضمن مشروع الممر الاقتصادي البري والممر الاقتصادي البحري الذي يمتد نحو البحر الأحمر والمتوسط؛ فالكيان وطموحاته التطبيعية للهيمنة وفرت ثغرة مهمة باتجاه المتوسط موفرا للصين فرصة التسلل إلى البحر المتوسط متجاوزا العوائق والعقبات الأمريكية؛ فالصين تحاول الاستثمار في موجة التطبيع العربية الصهيونية أمر تؤكده التوجهات الصينية الاقتصادية في المنطقة.
فميناء حيفا يوفر للصين ممرا آمنا ومختصرا متجاوزا العقبات الموجودة في البحر الأحمر وقناة السويس؛ مسألة تنعكس سلبا على الأردن ومصر مستقبلا فالدول العربية معنية بأن يتخذ الطريق مسارا مختلفا عن مساره المتجه نحو ميناء حيفا؛ فالكيان يحظى برعاية أمريكية أكبر؛ في حين أن قوى اقتصادية ومراكز قوى في الكيان تدعم هذا التوجه وتستثمر في هذه الميزة التفضيلية في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية أمر تنبهت له واشنطن مؤخرا وبدأت بالتحرك الخجول لإعاقته.
توجهات عبرت عن طموحات صينية لأنها تخفي خلفها رؤية صهيونية للاستفادة من التناقضات بين القوى الدولية لتعزيز مكانتها واستقلالها السياسي وهيمنتها الجيوسياسية على موارد المنطقة ومعابرها؛ طموح يثير قلق واشنطن ومن ورائه القوى الأوروبية بل واليابان التي بدات بالتحرك في الساحة الأردنية بمسارعتها تقديم قرض 300 مليون دولار واستباق الصين بتزويد المعابر بالأجهزة المناسبة، فالسيطرة على المعابر والطرق لم يعد مشروعا صينيا بل أطلق منافسة خطرة في المنطقة يقع الأردن في مركزها؛ غير أن التصارع والانفتاح الأردني على الكيان الصهيوني من الممكن أن يقود إلى خسارة فادحة للأسواق العراقية والسورية المتحفظة على العلاقة مع الكيان الإسرائيلي؛ فبدل أن يتحول الأردن إلى منصة للنشاط الاقتصادي الموجه نحو سوريا والعراق من الممكن أن يتحول إلى مركز للتصارع والتنافس الدولي والإقليمي السلبي .
إقرأ أيضا: صحيفة: أمريكا غاضبة من إسرائيل بسبب عقودها مع الصين
ختاما: الانفتاح الأردني على مشاريع الكيان التطبيعية والجيوسياسة من الممكن أن يمثل خسارة صافية بحرمان الأردن من فرصة التحول إلى منصة اقتصادية مستقلة للقوى الدولية المهتمة بإعادة الإعمار في سوريا والعراق ليتحول إلى دولة عبور وخدمات فقط؛ إلى جانب مخاطر كامنة من فرصة الاستفادة من الأسواق السورية والعراقية وعمليات إعادة الإعمار؛ ليتحول إلى مركز للتصارع الدولي والإقليمي الاقتصادي دون أن يجني فوائد حقيقية سوى التحول إلى معبر يتأثر بالمزاج السياسي والأمني للقوى المنخرطة في هذا الصراع والتنافس؛ مسألة تتطلب إعادة قراءة أردنية لموقعها ومكانتها في ضوء التحولات الجيوسياسية والاقتصادية في الإقليم والعالم.