بورتريه

"عازف القربة" هل ينقذ رئاسة ترامب من "الغرق"؟‎ (بورتريه)

بورتريه ويليام بار
بورتريه ويليام بار

سيرته الذاتية ليست مثيرة للكتابة، وليست مستفزة للكاتب، فهي سيرة تقليدية لمحام بارز تعرفه محاكم واشنطن جيدا، لكنها سيرة مرشحة للإثارة بوجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يغير أقواله ومسؤولي إدارته وقادتها كما يغير ملابسه كل يوم.

وفيما يقول ترامب عنه بأنه "يحظى باحترام الجمهوريين والديموقراطيين"، مؤكدا بأنه "منذ البداية، وضعت اسمه على رأس اللائحة" لمنصب وزير العدل خلفا لجيف سيشنز الذي أقاله على خلفية ملف التحقيق المثير للجدل في مسألة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية.

وفيما هاجم مرشح ترامب في وقت سابق المحقق الخاص روبرت مولر، حول تلميحه بعرقلة ترامب سير العدالة، فقد أكد أمام لجنة الاستماع في مجلس الشيوخ الأمريكي أن روسيا حاولت التدخل في الانتخابات الأمريكية، معربا عن اعتقاده أن البلاد بحاجة إلى "حل موثوق به" لهذه القضية.

وأضاف: "أعتقد أنه من مصلحة الجميع، الرئيس والكونغرس والأكثر أهمية، الشعب الأمريكي، أن يتم حسم هذا الأمر من خلال السماح للمحقق الخاص بإكمال عمله".

المحامي الشهير وليام بار، المولود في عام 1950 في مدينة نيويورك، والعازف السابق على "القربة"  الاسكتلندية، ويحمل درجة أكاديمية في الدراسات الصينية والإدارة الحكومية من جامعة "كولومبيا"، قال إنه لن يسمح لترامب بإخفاء أجزاء من التقرير النهائي للمحقق مولر المتعلق بشبهات تدخل روسيا في حملة ترامب الرئاسية، مضيفا أنه لن يسمح للرئيس بإجراء أي تعديلات عليه من خلال استخدامه للصلاحيات الرئاسية الممنوحة له والتي تعرف بصلاحية الامتياز الرئاسي.

 

اقرأ أيضا: ترامب ينتقد مقالا لـ"نيويورك تايمز" ويهاجم كومي

بار يشدد على أنه لن يسمح للمصالح السياسية للحزبين "الجمهوري والديموقراطي" أو المصالح الشخصية بالتدخل في تحقيقات مولر، كما أن ترامب لم يطلب منه أي تعهدات أو ضمانات مسبقة لشغل هذا المنصب، مشيرا إلى أنه من المهم جدا أن يكمل مولر تحقيقاته، وأن ينشر التقرير النهائي، وعبر عن ثقته في مولر وفي عمله مؤكدا "لا أعتقد بأنه (مولر) سيتورط في مؤامرة".

البداية المهنية لمسيرة وليام بار الذي ولد لأب يهودي تحول فيما بعد إلى الكاثوليكية، كانت بسيطة وتقليدية فقد عمل كاتبا في محكمة الاستئناف في واشنطن. وفي وقت لاحق عمل لحساب وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أثناء دراسته الحقوق في جامعة "جورج واشنطن" ما بين عامي  1973 و1977 ولدى محاكم في العاصمة الفدرالية ومكاتب قانون خاصة.

اقترابه من السياسة كان سطحيا نوعا ما ومتعلقا بمهنته كمحامي وقانوني، والبداية كانت حين أصبح عضوا في لجنة السياسات المحلية في عهد الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان.

وواصل هذا المحامي "الجمهوري" رحلته مع الرؤساء "الجمهوريين" لاحقا ففي عام 1989 عينه الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، الذي رحل الشهر الماضي، مديرا لمكتب الاستشارات الحقوقية التابع لوزارة العدل، ثم رقي لمنصب نائب المدعي العام ، ثم مدعيا عاما في الفترة ما بين عامي 1991 و1993، ثم أصبح وزيرا للعدل.

وبعد انتهاء عمله في الإدارة "الجمهورية" بعد فوز "الديمقراطي" بيل كلينتون بمنصب الرئيس، عاد وليام بار إلى مهنته الأم محاميا للشركات لفترة امتدت الى نحو 25 عاما.

لكن حكاية بار مع المحقق مولر لا تقتصر على دأبه انتقاد تحقيقاته ووصف نطاق التحقيق بأنه واسع جدا ويعمل فيه متعاطفون مع "الديموقراطيين".

فهو يعرف الرجل جيدا، وكان المسؤول عنه حين كان وزيرا للعدل خلال رئاسة بوش الأب، وكان مولر يتولى آنذاك إدارة الشؤون الجنائية في الوزارة.

 

اقرأ أيضا: تأثيرات الإغلاق الحكومي تصل للقضاء.. وترامب يصدر إعلانا هاما

وحين كلف مولر بالتحقيق الروسي، أشاد بار بهذا الخيار، وقال في مقابلة تلفزيونية إنه "واثق" بأن المدعي الخاص "لن يترك التحقيق ينجر الى حملة مطاردة بدون نهاية".

وبعد أشهر، عبر عن أسفه لأن أعضاء في فريق مولر قدموا هبات لمرشحين "ديموقراطيين".

وكان بار، أو بل، كما يطلق عليه، قد قال أيضا في مذكرة وجهها إلى وزارة العدل العام الماضي، إنه ليس لدى مولر أسباب تدعو للتحقيق فيما إذا كان ترمب عرقل القضاء بعد أن أقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي في عام 2017.

وكتب بار في المذكرة أن إقالة ترامب لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي كومي، بعد أن رفضه الضغوط بسبب تحقيقات مولر في قضية التواطؤ الروسي في الانتخابات الرئاسية، كان قرارا قانونيا بموجب السلطات الرئاسية وليس عرقلة لسير العدالة.

وعدت المذكرة التي أرسلها بار تهديدا محتملا لتحقيق مولر، وانتصارا لترامب إذا ثبت " الشيوخ" تعيين بار وزيرا للعدل.

مولر هو الشوكة في خاصرة ترامب و"الجمهوريين"، فقد قالت صحيفة "الأوبزيرفر" البريطانية، إن المحقق مولر، "سيفجر قنبلة جديدة في القضية"، بعد ظهور أن هذا "المحقق يعرف كل شي منذ عام 2016".

وقالت الصحيفة إن هذا الكشف يأتي بعد أن أخذت قضية التدخل الروسي أبعادا ضخمة، مضيفة أن مولر بات الممسك بقوة في الأسرار الاستخباراتية القادرة على إغراق رئاسة ترامب.

الوزير الجديد يتوافق مع ترامب في قضية اللجوء فهو يقول  إنه "من المرجح أن ينحاز إلى مسعى الإدارة لزيادة الصعوبات أمام طالبي اللجوء" قائلا للجنة بمجلس الشيوخ إنه "يؤيد فكرة بقاء طالبي اللجوء خارج الحدود الأمريكية أثناء التعامل مع طلبات اللجوء التي قدموها".

وقال: "نظرا لانتهاكات نظام اللجوء في الوقت الحالي أفضل دائما التعامل مع طالبي اللجوء خارج الولايات المتحدة".

لا تبدو شهادة وليام بار أمام "الشيوخ" مصطنعة فهو يتحدث أمام مجلس سيطر عليه حزبه" الجمهوري" لكنه لن يصطدم بترامب، ولن تكون علاقاته به متوترة مثل سلفه سيشنز، وربما يواصل أمساك العصا من الوسط، فهو لن يسعى لرفع منسوب التهديد لرئاسة ترامب، لكن أيضا لن يلطخ سمعته من أجل رئيس متقلب المزاج، ويقود القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية الأولى في العالم عبر" تويتر".

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل