هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير أعده غريغ ميللر، عن لقاءات سرية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي لم يطلع المسؤولين في إدارته على تفاصيلها.
ويذكر التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن ترامب ذهب بعيدا في إخفاء محادثاته مع بوتين، وفي إحدى المرات أخذ ملاحظات اللقاء من مترجمه الخاص، وطلب من الخبير اللغوي عدم الكشف عما جرى بينهما.
وينقل الكاتب عن مسؤولين، قولهم إن ترامب قام بعمل هذا الأمر عند لقائه مع بوتين في مدينة هامبورغ الألمانية عام 2017، الذي حضره وزير الخارجية في حينه ريكس تيلرسون، مشيرا إلى أن المسؤولين علموا عن الأمر عندما طلب مستشار في البيت الأبيض معلومات من المترجم غير تلك التي قرأها وعلم بها تيلرسون.
وتقول الصحيفة إن القيود التي وضعها ترامب على مترجمه هي جزء من جهوده في إخفاء ما بحثه عن مسؤولي إدارته بينه وبين أحد أهم أعداء الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك فإنه لا توجد تسجيلات مفصلة ولا ملفات سرية عن خمسة لقاءات أجراها الرئيس في خمسة أماكن مع نظيره الروسي خلال العامين الماضيين.
ويجد التقرير أن فجوة كهذه غير عادية في أي رئاسة، علاوة على الثغرة التي حاولت روسيا من خلالها القيام بحملة غير مسبوقة للتدخل في العملية الانتخابية الأمريكية، مشيرا إلى أنه يعتقد أن المحقق الخاص روبرت مولر في المرحلة الأخيرة من تحقيقاته في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، وعما إذا كان مسؤولو حملة ترامب قد تأمروا مع الروس.
ويقول ميللر إن التفاصيل الجديدة تؤكد ما لا يعرفه المسؤولون عن اتصالات الرئيس ترامب مع نظيره الروسي بوتين منذ وصوله إلى السلطة قبل عامين، مشيرا إلى أنه بعد نشر القصة على موقع الصحيفة، فإن ترامب قال في تصريحات لقناة "فوكس" إنه لا يخفي ما يجري بينه وبين بوتين من محادثات، وهاجم "واشنطن بوست" ومالكها جيف بيزوز، وقال إنه تحدث مع بوتين عن إسرائيل من بين عدة موضوعات "وأي شخص استمع لذلك فقد كان اللقاء مفتوحا لمن يريد" دون أن يقدم تفاصيل، وعندما سألته المذيعة في "فوكس نيوز"، جانين بيرو عما إذا عمل مع الروس من قبل، فإنه رد قائلا: "أعتقد أن هذا من أكثر الأسئلة التي وجهت إلي إهانة".
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤولين سابقين، قولهم إن تصرفات ترامب هي على تناقض مع تقاليد التزم بها الرؤساء الذين اعتمدوا على مساعديهم، وطلبوا منهم أخذ نقاط شاملة عن اللقاء بحضور مسؤولين سابقين، ومن ثم إشراك بقية المسؤولين في الإدارة بما جرى.
وينقل التقرير عن المسؤول السابق في الخارجية ستروب تالبوت، الذي يعمل حاليا في معهد بروكينغز، وحضر عددا من اللقاءات التي جرت بين بيل كلينتون ونظيره الروسي بوريس يالتسين، قوله إن سرية ترامب "ليست غير عادية بالمعايير التاريخية لكنها مثيرة للغضب"، وأضاف أنها "تشل الحكومة الأمريكية والخبراء والمستشارين والمسؤولين في الحكومة الذين يخدمون الرئيس، وتمنح بوتين فرصة للتلاعب بترامب".
ويفيد الكاتب بأن متحدثا باسم البيت الأبيض نفى ما ورد في التقرير، مؤكدا أن إدارة ترامب سعت "لتحسين العلاقات مع روسيا"، بعدما حاولت إدارة أوباما "تصحيح العلاقة من أجل العلاقة"، وقال المتحدث، الذي رفض الكشف عن نفسه، إن الإدارة فرضت عقوبات ضد النشاطات الروسية الخبيثة، وبأن تيلرسون قدم قراءة كاملة لما جرى بين الرئيسين في عام 2017 للمسؤولين داخل الإدارة ومن ثم للإعلام.
وتنقل الصحيفة عن حلفاء ترامب قولهم، إن رغبة ترامب بالسرية نابعة من تأثير مساعديه على محاولاته بناء علاقة قريبة، وتجنب التسريبات المحرجة التي عانى منها في بداية رئاسته.
ويكشف التقرير عن أن لقاء هامبورغ حصل بعد عدة أشهر من كشف الصحيفة وصحف أخرى عما قاله الرئيس ترامب لمسؤولين روس في لقاء معهم في مكتبه البيضاوي، وكشف في اللقاء عن معلومات مهمة تتعلق بالإرهاب، ووصف مدير "أف بي أي" في حينه جيمس كومي بالمجنون، وقال إن عزله قد أزاح عقبة أمام العلاقات مع روسيا.
ويلفت ميللر إلى أن البيت الأبيض أجرى عملية ملاحقة للكشف عن مصدر هذا التسريب وتسريبات أخرى، وحد من توزيع المذكرات لمجلس الأمن القومي عن لقاءات الرئيس والقادة الأجانب، وقال مسؤول سابق: "مع مرور الوقت أصبح الأمر صعبا لأن الرئيس، بحسب اعتقادي، شعر أن التسريبات مضرة له"، مشيرا إلى أن المسؤولين والمشرعين وصفوا غلاف السرية بين ترامب ولقاءاته مع بوتين بغير المسبوق.
وتنقل الصحيفة عن النائب الديمقراطي عن نيوجرسي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت أنجل، قوله إنه وزملاءه سيشكلون لجنة فرعية مهمتها الحصول على تسجيلات من الخارجية حول لقاءات ترامب مع المسؤولين الأجانب، بما فيها اللقاء المغلق في هلسنكي صيف العام الماضي، وأضاف أن شهورا عدة مضت "ولا نزال لا نعرف ما جرى فيه".
وينوه التقرير إلى أن المواقف السرية ترافقت مع تصريحاته، التي فضلت الجانب الروسي، مثل وصفه التحقيق الروسي بالمزيف، وأشار إلى أن من حق روسيا ضم شبه جزيرة القرم، وهاجم بشكل متكرر دول الناتو، رافضا فرض عقوبات على روسيا، وقرر الانسحاب من سوريا في خطوة يراها الكثيرون التخلي عنها لروسيا.
ويبين الكاتب أن قرار ترامب عزل كومي ومحاولات أخرى كانت لاحتواء التحقيق الأمني الذي كان يقوم به مكتب التحقيقات الفيدرالي، عما إذا حاول الحصول على دعم من روسيا، لافتا إلى أنه من غير المعلوم إن حاول ترامب الحصول على ملاحظات المترجم في مناسبات أخرى.
وتستدرك الصحيفة بأن المسؤولين تحدثوا عن عدم معرفتهم يما جرى في قمة هلسنكي، التي لم يسمح فيها بدخول أي مسؤول أو مساعد إليها، مشيرة إلى أن ترامب عقد مقابلات خاصة مع بوتين في مناسبات دولية، فتحدث معه في هامبورغ عام 2017 بحضور مترجم بوتين الخاص فقط، والتقاه في قمة العشرين الأخيرة في بيونس أيرس الشهر الماضي.
وبحسب التقرير، فإن ترامب سمح لمساعديه بحضور مكالماته الهاتفية مع بوتين، رغم أن الروس هم أول من يصدر بيانات عنها، ويقدمونها بطريقة جيدة تتوافق مع سياسة الكرملين.
ويفيد ميللر بأن تيلرسون أكد في رسالة إلكترونية حضوره لقاءي ترامب مع بوتين في هامبورغ، ورفض الحديث عما جرى فيهما، وعما إذا طلب من مترجمه تقديم الملاحظات له، وكان تيلرسون قد قال بعد اللقاء إن المقابلة بين الزعيمين استمرت ساعتين، وناقشا فيها موضوع سوريا وقضايا أخرى، مشيرا إلى أن ترامب ضغط على بوتين بشأن التدخل في انتخابات عام 2016 "وأنكر بوتين اي دور"، بحسب ما قال تيلرسون، الذي لم يقل إن كان ترامب قد وافق على ما قاله بوتين، أو أنه رفض تقييم المخابرات الأمريكية بشأن التدخل الروسي.
وتورد الصحيفة نقلا عن المسؤولين، قولهم إن كلام تيلرسون متناقض مع الرواية التي استطاع المسؤولون أخذها من المترجم، الذي قال إن ترامب رد على نفي بوتين التدخل بقوله "أصدقك"، مشيرة إلى أن مسؤولي الإدارة، بمن فيهم مستشار الأمن القومي أتش آر ماكماستر، لم يستطعوا الحصول على رواية من تيلرسون حول ما حدث.
وينقل التقرير عن مسؤول بارز، قوله: "شعرنا بالإحباط لأننا لم نحصل على نسخة حول ما حصل"، وأضاف المسؤول أن وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لم يكونا مرتاحين لتفاعل ترامب مع بوتين، "لا أحد يعرف سوى الله ما سيبحثانه أو يوافقان عليه".
ويقول الكاتب إنه بسبب غياب المعلومات والسجلات، فإن المسؤولين كانوا يعتمدون على تقارير المخابرات التي تقوم بالتنصت على رد الكرملين بشأن ما جرى، مشيرا إلى أن الرؤساء السابقين عادة ما كانوا يدرسون هذه التقارير لمعرفة فيما إن حققوا أهدافهم، والتعرف على دروس تستخدم في حوارات مقبلة.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه عادة ما ترددت الوكالات الأمنية للفت النظر لهذه التقارير؛ لأنها تحتوي على تعليقات مسؤولين أجانب ناقدة للرئيس ولمسؤولين في إدارته، مثل صهره جارد كوشنر.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)