هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يقول خبراء سياسيون فلسطينيون، إن قرار المحكمة الدستورية بحلّ المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان)، والدعوة لانتخابات خلال 6 أشهر، يُعقّد "المشهد" السياسي.
ويرى الخبراء، في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، أن القرار هو أحد تجليات فشل المصالحة الفلسطينية، بين حركتي "فتح" و"حماس".
ومساء السبت الماضي، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في مستهل اجتماع له برام الله ، أن المحكمة الدستورية (في رام الله) قررت حل المجلس التشريعي، والدعوة لانتخابات برلمانية خلال 6 أشهر.
واليوم الأربعاء، أوقفت عناصر أمنية من السلطة الفلسطينية في رام الله رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك مع عدد من النواب صباح اليوم وصادرت هوياتهم قبل مؤتمر صحفي كان مقررا عقده للتعليق على قرار رئيس السلطة محمود عباس حل المجلس.
وقال مصدر مرافق للنواب لـ"عربي21" فضل عدم ذكر اسمه إن عناصر الشرطة الفلسطينية قاموا بسحب هويات دويك والنواب المرافقين له وصادروا هوية النائب سمير القاضي من محافظة الخليل داخل مركز شرطة العبيدية برام الله.
ونددت حركة "حماس"، التي تهيمن على غالبية مقاعد المجلس، بقرار المحكمة التي تعتبرها غير شرعية، لكون قانون تشكيلها لم يحظ بموافقة ونقاش المجلس التشريعي، فيما رحبت به حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس عباس.
اقرا أيضا : عزيز دويك : المجلس التشريعي قائم وقانون الغاب يحكم الضفة
وتعطّل عمل "التشريعي"، منذ أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، عندما سيطرت "حماس" على قطاع غزة، ولم تفلح العديد من الوساطات والاتفاقيات في إنهائه.
ويتكون المجلس التشريعي من 132 مقعدا تمتلك حركة "حماس" 76 منها، مقابل 43 مقعدا لحركة "فتح" و13 لأحزاب اليسار والمستقلين.
قرار قضائي وليس سياسيا
المتحدث باسم حركة "فتح"، أسامة القواسمي، يصف القرار بأنه "قضائي بحت، وليس سياسيا"، مشيرًا أن "المحكمة الدستورية أصدرته، ولم تتخذه فتح أو الرئيس عباس".
ويضيف القواسمي للأناضول: "حركة فتح تحترم القرار وتعتبر أنه غير قابل للنقاش، وتدعو الفصائل الفلسطينية كافة لاحترامه".
ويعبّر عن استغرابه من رفض حركة "حماس" للقرار، قائلًا: "حركة حماس طالما عبرت عن رفضها لاتفاق أوسلو، وعندما صدر قرار بحلّ أحد أبرز المؤسسات (البرلمان) التي نتجت عن اتفاق أوسلو، رفضته".
ويشير أن "فتح"، ترى في القرار "فرصة للانتقال من مجلس مُعطّل إلى برلمان للدولة، وفرصة للتصدي للمخططات الأمريكية التي تستهدف المشروع الوطني".
بدون أي قيمة
أما حركة حماس، فقالت إنها ترفض القرار، وتعتبره بدون "أي قيمة دستورية أو قانونية، ولا يعدو كونه قرارا سياسيا لن يغير من الواقع شيئا".
وأضافت في بيان أصدرته السبت: "المجلس التشريعي سيّد نفسه، والمحكمة الدستورية باطلة في تشكيلها، وما بني على باطل فهو باطل".
واتهمت الحركة، الرئيس عباس، بمحاولة "تصفية وهدم النظام السياسي الفلسطيني وإنهاء التعددية السياسية وتدمير المؤسسات الشرعية لشعبنا للاستفراد بالقرار الفلسطيني وإقصاء كل الفصائل الوطنية والقضاء على أي جهود من شأنه تحقيق الوحدة والمصالحة".
وأكدت حماس أن القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور المؤقت) ينص على أن المجلس التشريعي "سيد نفسه"، وتنتهي ولايته بعد انتخاب مجلس جديد.
من جانبه، ينتقد قيس عبد الكريم، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، القرار، ويعتبره "مخالفا لنص القانون الأساسي، وضربة لاتفاق المصالحة، الذي ينص على ضرورة تفعيل المجلس، لا حله".
اقرأ أيضا : رفض فلسطيني واسع لقرار عباس بحل المجلس التشريعي
ويدعو في حوار مع الأناضول، الرئيس عباس إلى التراجع عن القرار، ويوضح: "المحكمة الدستورية لها الحق أن تفسر القانون الأساسي، وليس لها الحق في أن تنقضه".
ويضيف عبد الكريم، وهو نائب في المجلس التشريعي: "هناك مادة واضحة في القانون ولا اجتهاد فيها، وهي أن ولاية المجلس تنتهي عندما يقسم المجلس الجديد القسم، وليس عندما تتم الدعوة للانتخابات".
إلى ذروة الأزمة
من جهته، يرى أحمد رفيق عوض، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن القرار "يدفع بالأزمة الفلسطينية الداخلية إلى ذروتها".
ويقول في حوار للأناضول: "القرار يثير الجدل بين مؤيد ومعارض، وكل طرف له مبررات، والقرار يدفع الأزمة لذروتها، أي لا بد من حل للأزمة بالانتخابات أو بأي طريقة".
ويشير إلى أن فكرة الانتخابات في حد ذاتها "صحيحة"، بغض النظر عن الظروف المحيطة.
ويرجع "عوض" القرار، إلى عدة دوافع، أهمها شلل المجلس التشريعي، وصدور قرارات عن اجتماعات يعقدها نواب حماس في قطاع غزة، وقرارات وقوانين يصدرها الرئيس الفلسطيني.
ويستطرد الخبير الفلسطيني: "لا يوجد انسجام في القرارات والقوانين التي تصدر عن التشريعي في غزة، وعن الرئيس في رام الله".
ويرى في القرار، دعوة جادة لمصر، التي تتوسط لإنهاء الانقسام بين الحركتين الفلسطينيتين، بالضغط على "كل الأطراف للخروج من الأزمة، وتنفيذ اتفاق المصالحة".
ويحذّر من أن القرار من شأنه "تعزيز الانقسام الفلسطيني"، في حال "إجراء انتخابات برلمانية في الضفة الغربية دون قطاع غزة".
فرصة أو تعميق للانقسام
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت، جهاد حرب، أن القرار، يحمل وجهين، الأول إيجابي ويتمثل في كونه فرصة لإنهاء الانقسام، من خلال إجراء انتخابات عامة تنتج مجلسًا تشريعيًا جديدًا.
"والثاني سلبي، حيث قد يعمق الانقسام في حال أجريت الانتخابات بالضفة دون غزة"، بحسب حرب في حديثه للأناضول.
ويضيف موضحًا السيناريو الثاني: "إذا ما رفضت الفصائل الفلسطينية القرار، سيؤدي إلى تعميق الانقسام، والذهاب نحو الانفصال التام، في حال أجريت انتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزة".
وعن إمكانية إجراء انتخابات في الضفة الغربية، قال الخبير السياسي، "كل الخيارات ممكنة".
قابل للتراجع
من جانبه، يعرب بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، عن اعتقاده بإمكانية "التراجع عن القرار"، من خلال قرار قضائي آخر.
ويضيف للأناضول: "قد تتراجع القيادة الفلسطينية عن القرار، وقد يكون ذلك بقرار قضائي، بدعوى عدم القدرة على إجراء انتخابات دون قطاع غزة أو القدس".
ويرى الشوبكي في القرار "تكريس لحالة الانقسام"، مستبعدًا إمكانية اجراء الانتخابات في الضفة دون غزة.
ويلفت إلى أن الظروف "غير مهيأة لإجراء انتخابات، ولا يوجد بيئة ديمقراطية حاضنة".
لكنه يعتقد أن القيادة الفلسطينية قد تلجأ إلى تحويل صلاحيات المجلس التشريعي إلى "المجلس المركزي لمنظمة التحرير"، للتخلص من المجلس الذي تهيمن عليه حركة حماس، وهو ما يعني تعزيز الانقسام والوصول إلى درجة الانفصال".
وينص القانون الأساسي الفلسطيني على إجراء الانتخابات البرلمانية كل 4 سنوات إلا أن آخر انتخابات برلمانية شهدها الفلسطينيون كانت عام 2006.
وينص اتفاق للمصالحة وقعته أغلب الفصائل الفلسطينية المهمة، بينها "فتح" و"حماس" في القاهرة يوم 4 مايو / أيار 2011، على تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني طبقا للقانون الأساسي.